الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ربي زدني صبراً

المصدر: النهار - سعد نسيب عطاالله
ورثت عقاراً عن المرحوم والدي، ورثه عن المرحوم والده الذي هاجر إلى أميركا أيام المجاعة الكبرى
ورثت عقاراً عن المرحوم والدي، ورثه عن المرحوم والده الذي هاجر إلى أميركا أيام المجاعة الكبرى
A+ A-
ورثت عقاراً عن المرحوم والدي، ورثه عن المرحوم والده الذي هاجر إلى أميركا أيام المجاعة الكبرى، وجاهد في المهجر، ثم عاد إلى عائلته التي تركها تحت رعاية جدتي طوال سنوات عديدة.
تعود ملكيتنا لهذا العقار إلى أوائل القرن العشرين، أي إلى حوالي القرن والنصف من الزمن الغابر، وقد عاصر ثلاثة أجيال، ثابرت على دوام العمل، وأبقيت على ملكيته الخاصة، دون استبداله أو عرضه للبيع، من قبيل الإحتفاظ به، حبا بالأرض التي تربط الفرد بوطنه الأم!
مؤخرا، شاءت الظروف الإقتصادية الصعبة التي أوصلتنا إليها طغمة الزمر الحاكمة أن تحول دون إعتمادي على مداخيلي المالية الشهرية التي أبطلها انتشار البطالة وضيق الحال، أن يصبح هذا العقار الموروث ملاذاً للدعم المادي للعائلة، واعتباره "القرش الأبيض" الذي ادّخرناه لمثل هذه "الأيام السوداء"، وجرى بيعه مقابل مبلغ بخس بالدولار الأميركي، لا يتعدى ربع قيمته الفعلية!
رضيت بالمبلغ المرقوم وأودعته أحد المصارف، للاعتماد عليه كلما تضاءلت نسبة السيولة في جيبي! وبقي هذا الحساب المصرفي مفتوحاً، دون تجميده من أجل الحصول على فوائد شهرية أو سنوية، إنما الحصول عليه كاملاً أو جزئيا متى أشاء!
مضى عام كامل على حسن التعامل مع هذا المصرف، قبل أن يبدأ مصرف لبنان بإعلان تعاميمه "الباطلة"، التي أفسدت علاقة الود بيني وبين إدارة فرع المصرف، وبدأ تحديد قيمة المبالغ التي يمكنني الحصول عليها شهرياً، ليس بعملة الإيداع التي هي الدولار الأميركي النقدي، أي الـ cash، إنما باعتماد هذه التعاميم الكافرة والناهبة، واستلام المبالغ بالليرة اللبنانية على معدلات صرف، لا تتعدى العشرين بالمائة من القيمة الشرائية للدولار الأميركي في السوق الحقيقي!
رضيت مرغماً على التواصل مع المصرف طوال عامين ونصف، أحسست بعدها أنني أخسر مبالغ ضخمة من حسابي المصرفي الذي تآكلته سياسة هذه التعاميم الجائرة، وبدأت أشعر أن إداريي المصرف يتعاملون معي بفوقية مرفوضة، من حيث عدم أحقيتهم في تحديد مستوى معيشتي!
كنت أبدي سابقاً كل الاحترام والتقدير لهؤلاء الإداريين، أما اليوم فإنني مضطر أن أصب جام غضبي عليهم، كلما احتجت إلى مبلغ تقتضي ضرورات الحياة الحصول عليه فوراً، دون مماطلة أو تأجيل، وتحول كل اهتمامي إلى كيفية معاقبة كل إداري يحاول النيل من كرامتي!
لقد تبدل مزاجي العدواني رأساً على عقب؛ حيث كنت أفكر سابقاً في كيفية الوصول إلى صاحب المصرف أو أحد أعضاء مجلس إدارته حتى أعطيه درساً في الأخلاق، لكنني أفكر اليوم في القيام بذلك ضد الموظف "الأداة" الذي يحرق أعصابي ويرهق قلبي قبل الحصول على حفنة من أموالي بالليرة اللبنانية، وليس بالدولار الأميركي الذي هو حقي العيني الأساسي!
أحس أنني أصبحت اليوم مشروع "مجرم نائم"، مرغماً ولست مختاراً، ضد أي من هؤلاء الإداريين المنفذين لشروط صاحب المصرف ومجلس إدارته الظالمة والناهبة!
اللهم زدني صبراً حتى لا أرمي نفسي في دهليز الإجرام، ونوّر سبيلي حتى لا يكون هؤلاء الإداريون ضحايا رخيصة في مسلخ السارق الأكبر، صاحب المصرف، المتخفي وراءهم!


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم