قصّة حبّ: لبنان والبابا يوحنا بولس الثاني

الدكتور محمد السماك          علاقة الفاتيكان بلبنان سابقة لولادة لبنان الكبير في عام 1920 وبدأت مع الكنيسة المارونية. أما علاقة الفاتيكان بالإسلام فيمكن تقسيمها الى مرحلتين، مرحلة ما قبل 1965، حيث كانت الكنيسة لا تعتبر الاسلام ديناً. ومرحلة ما بعد 1965، حيث أعلن المجمّع الفاتيكاني الثاني موقفاً إيمانياً من الإسلام.لسوء الحظ، لم يكد لبنان يستوعب دوره الرسالي الجديد، حتى دخل في دوامة الصراعات الداخلية التي أطلقتها شرارات مدمّرة ومتعددة، منها ما كان طارئاً مثل لجوء مسلحين فلسطينيين من الأردن الى لبنان (1969)؛ ومنها ما كان جوهرياً يتمثل في تناقض صيغة لبنان التعددية مع صيغة إسرائيل الاحتكارية لمفهوم الدين والوطن. ولكن الفاتيكان لم يفقد الأمل. وبقي لبنان في ضمير الباباوات الذين تعاقبوا على السدة البابوية منذ ذلك الوقت.البابا بولس السادس تعمّد التوقف في مطار بيروت في عام 1964 وهو في طريقه الى الأردن والقدس. وتعمّد البابا بنديكتوس السادس عشر اختيار بيروت لإعلان وثيقة الإرشاد الرسولي حول السينودس الذي نظّمه عن الشرق الأوسط في عام 2010. وبينهما اتخذ البابا يوحنا بولس الثاني سابقتين تاريخيتين: الأولى الدعوة الى سينودس خاص حول لبنان، وهي سابقة أن يدعو بابا الى سينودس من أجل دولة. والثانية دعوة المرجعيات الإسلامية اللبنانية الى المشاركة في هذا السينودس. وهي سابقة تفوق في رمزيتها السابقة الأولى حتى إن مفاجأة هذه المرجعيات بالدعوة، حملتها على الاعتذار عن قبولها مع الشكر. إلا أن الجهود التي بُذلت في ما بعد نجحت في تغيير الموقف. لا يمكن الحديث عن هذا البابا القديس من دون أن أذكّر بأن اسمه هو كارول جوزف فوجيتيلا. في عام 2005 – عام وفاته – صدر كتاب له عنوانه "الذاكرة والهوية".هذه الصورة عن بولندا التي يحبّها وجدها في لبنان. ولذلك أحبّه. وذهب في حبّه له أن وصفه بما لم يصف به حتى بولندا، بأنه أكثر من وطن، إنه "رسالة".البابا يوحنا بولس الثاني ابن هذه البيئة، هو نفسه الذي أعطى الإذن ببناء أول مسجد في روما ثم إنه هو...