تدهور الليرة اللبنانية بين الأزمة السياسية ونمو الكتلة النقدية

الدكتور كمال ديبوصل سعر صرف الدولار الأميركي في سوق بيروت المالية الى حافة الـثمانية عشر ألف ليرة لبنانية في نهاية الأسبوع الثالث من شهر حزيران 2021. والهبوط الأخير في الليرة هو جزء من سلسلة باتت متسارعة  في الأشهر الأخيرة.  فلا تخضع العملات الوطنية للتكهنات وعلم الغيب والمضاربات السطحية والخضات الفجائية، بل ثمّة عوامل رئيسية تسبّب حركتها صعوداً وهبوطاً. ولا تختلف عوامل هبوط الليرة اللبنانية الذي نشهده منذ أواخر 2019 حتى اليوم عن تلك التي تحدّد سلوك العملات في العالم.  أساسيات اقتصاديةالأساسيات الاقتصادية لتحديد قيمة الليرة اللبنانية economic fundamentals هي ثمانية: أولاً، (P) مؤشر تضخّم الأسعار، وهذا المؤشّر يسبّب تحرّكاً معاكساً في قيمة العملة الوطنية. أي كلّما ارتفع مؤشر الغلاء تهبط العملة الوطنية. والبلد الذي يعاني من ارتفاع مؤشّر الأسعار يخسر في قيمة عملته تجاه عملات البلدان الأخرى.  فترتفع أسعار السلع والخدمات في لبنان بوتيرة سريعة عندما يكون مؤشّر التضخّم مرتفعاً. ويعاني لبنان من ارتفاع مؤشرات الأسعار، وهو العامل الأهم في انخفاض عملته وفقدان قيمتها تدريجاً. ويدخل نمو الكتلة النقدية في هذا المؤشر إذا لم يستند إلى نشاط انتاجي اقتصادي حقيقي.        ثانياً، (i) أسعار الفائدة: كلّما ارتفعت أسعار الفائدة زاد الطلب على العملة الوطنية وارتفعت قيمتها. ويحدث أن يزيد الطلب على العملة الوطنية من الخارج فيشتري الخارج الليرة اللبنانية (من أسهم وسندات خزينة وودائع مصرفية الخ) بحثاً عن ربحية الفوائد. وهذا ما حصل في لبنان لسنوات طويلة وجلب استقرار العملة تجاه الدولار. إن أيّ تغيير في أسعار الفائدة سيؤثّر على العملة الوطنية وقيمتها تجاه الدولار الأميركي. ويجب الإشارة إلى أنّ أسعار العملات وأسعار الفائدة ومؤشرات الغلاء كلّها مترابطة. فارتفاع أسعار الفائدة ساعد في تعويم عملة لبنان لأنّ ارتفاع الفوائد سمح للدائنين بزيادة أرباحهم، وبالتالي زادوا طلبهم على الليرة. ولكن الأزمة التي ضربت القطاع المصرفي أدّت إلى انخفاض اقبال الزبائن من خارج لبنان وتراجع...