الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

شاب بيلاروسي يعود من الجبهة الأوكرانيّة بشظايا وكوابيس... ولكن من دون ندم

المصدر: أ ف ب
غونكو خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في حديقة غروجيك في وارسو (18 ت1 2022، أ ف ب).
غونكو خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في حديقة غروجيك في وارسو (18 ت1 2022، أ ف ب).
A+ A-
عاد الشاب البيلاروسي غليب غونكو (18 عامًا) من جبهة القتال حيث حارب إلى جانب أوكرانيا ضد القوات الروسية، وهو مصابٌ بشظايا في ساقيْه وبكوابيس لامتناهية وباضطراب ما بعد الصدمة، لكنه غير نادم على تجربته.

يقول "كنت أريد البقاء لكن الطبيب منعني... لأنني أعاني من اضطرابات نفسية... فقدت الكثير من الأصدقاء هناك، بالإضافة إلى قائدي".

ويضيف، خلال حديث مع وكالة فرانس برس في مدينة غرويتس البولندية حيث وجد منزلًا جديدًا له، "قبل الحرب، كنت أعتقد أنني متصالح مع فكرة أن الموت هو الموت وأن الجميع سيموتون في نهاية المطاف. لكن (الموت على الجبهة) كان ساحقًا".

وغونكو، المتحدّر من مينسك، هو وأحد من بيلاروسيين كثر اختاروا الاصطفاف مع أوكرانيا، على عكس رئيس بلادهم ألكسندر لوكاشنكو حليف الكرملين، وحمل الأسلحة للقتال من أجل حرية الأراضي الأوكرانية.

وكان غونكو قد قال خلال حديثه الأول مع وكالة فرانس برس في مطلع آذار يوم انطلاقه إلى جبهة القتال إنه تطوع للقيام بذلك "للقتال من أجل أوكرانيا ومن أجل بيلاروسيا أيضًا... لأن حريتنا تعتمد أيضًا على الوضع هناك".

غادر غونكو، الذي وشم على مفاصل أصابعه عبارة Born Free (ولدتُ حرًّا)، بلده في العام 2020 بعدما شنّ لوكاشنكو حملة قمع شرسة ضدّ معارضي نظامه.

وأُدين لوكاشنكو، الحاكم منذ عقود، على الساحة الدولية خصوصًا بعد دعمه للغزو الروسي لأوكرانيا.

ورغم أنه معارض للنظام البيلاروسي وللحرب في أوكرانيا، يقول غونكو إنه يشعر بالذنب في الحرب في أوكرانيا بصفته مواطنًا بيلاروسيًا.

ويوضح "أشعر بالذنب لأن هناك صواريخ تُطلق على كييف من بيلاروسيا"، مضيفًا "لقد فعلت الكثير لكي تكون بيلاروسيا حرّة، لكن ليس بما يكفي".

ويتابع "كان يمكنني أن أفعل المزيد"، بالحديث عن الأشهر الأربعة التي أمضاها في أوكرانيا.

- "أتوقّع الأسوأ" -
ذهب غونكو إلى الحرب بمساعدة "مؤسسة البيت البيلاروسي في وارسو"، وهي منظمة غير حكومية تعمل في سبيل حماية حقوق الإنسان والديموقراطية في بيلاروسيا.

وتهتمّ "مؤسسة البيت البيلاروسي في وارسو"، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، بالتفاصيل اللوجستية لإرسال المقاتلين البيلاروسيين المتطوعين إلى أوكرانيا.

وقالت المنظمة عبر فايسبوك "إن البيلاروسيين غير قادرين على مساعدة أوكرانيا (بشكل رسمي) بإرسال أسلحة مثلما يفعل العالم بأسره، لكنهم أيضًا لا يمكنهم البقاء بعيدًا، لذلك سيقاتلون من أجل استقلال الدولة الشقيقة".

وبعد وصوله إلى أوكرانيا، خضع غونكو لتدريب عسكري استمر 15 يومًا، ثم قاتل إلى جانب متطوعين آخرين دوليين في كييف وفي خنادق محيطة بخيرسون.

يقول إنه رأى العديد من القتلى المدنيين في بوتشا، ضاحية كييف، حيث عُثر على مئات الجثث بعد طرد القوات الروسية منها في آذار.

ويتابع "كنّا نصل بالسيارة ورأيت أطفالًا يقفون عند نقطة انتظار الحافلات... لوّح طفل وابتسم. حينها، رأيت إلى جانبه شخصًا مستلقيًا بلا رأس".

ويضيف، متنهّدًا، "كان المشهد قاسيًا"، واصفًا ما رآه في بوتشا بأنه "رعب".

ويتذكّر لحظات أخرى صادمة، مثل إطلاق النار عليه لساعات من مركبة قتال مشاة من طراز "بي إم بي-3" ترك انفجارها شظايا في ساقيه.

وشاهد أيضًا القوات الروسية تُسقط قناصًا بريطانيًا قرب خيرسون، وهو أحد رفاقه، وساعد لاحقًا على حمل جثته.

بعيدًا عن جبهة القتال، يجلس الشاب خلال حديثه مع وكالة فرانس برس في حديقة أرضها مليئة بالكستناء وأوراق الخريف الملونة في مدينة غرويتس جنوب وارسو حيث يعيش حياة هادئة منذ عودته من الجبهة في تموز.

لا ينفكّ عن فرك يديه وتحريك قدميه، مرتديًا زيّ القتال الزيتي، وهو يبدو أنحف ممّا كان عليه قبل أن يذهب إلى الجبهة.

ويقول "الجيش يجعلك شخصًا أفضل. لقد تغيرت، نعم. الجميع يقول ذلك... أنا هادئ. أفكر كثيرًا".

ويضيف أن الحياة "أشبه بالحرب. بتّ أشاهد الناس، أنتظر لأرى ما سيحدث وأعتقد أني أتوقع الأسوأ".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم