الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

كيف فقدت ألمانيا السيطرة على كورونا؟

المصدر: "النهار"
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - "أ ب"
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - "أ ب"
A+ A-

شكّلت ألمانيا أحد النماذج العالمية الناجحة في كبح جماح "كورونا" حتى الصيف الماضي. لذلك، استحقت متابعة وإشادة كثر. كان ذلك قبل أن تبدأ الأمور بالتدهور تدريجياً خلال الخريف. منذ تشرين الأوّل، ارتفعت الإصابات بشكل كبير وتخطّى عدد الوفيات الناجمة عن فيروس "كوفيد-19" خمسين ألف شخص. واضطرّت برلين مؤخراً إلى تمديد الإغلاق العام حتى 7 آذار المقبل. فما الذي حصل كي ينقلب المشهد رأساً على عقب؟

 

طرحت الكاتبة السياسية المتخصصة في الشؤون الألمانية في صحيفة "نيويورك تايمس" آنا سوربرَي مجموعة أسئلة مشابهة: "ألم تكن ألمانيا واحدة من رواد العالم في السيطرة على الجائحة خلال الموجة الأولى؟ ألم تتمتّع ألمانيا بصيف طبيعي مقبول من الرحلات إلى الشاطئ واللقاء بالأصدقاء في حدائق البيرة؟ ألم يعد أطفالهم إلى المدرسة، كما في الأوضع العادية، في آب وأيلول؟ نعم، نعم ونعم. لكن حين أتى الخريف، بدأت الأمور تسوء. ولم يكن بسبب سوء الحظ. لقد كان (الأمر مرتبطاً بـ) السياسات".

 

في الربيع الماضي، تصرّف المسؤولون الألمان بشكل سريع وباتّحاد "نادر" لمواجهة الموجة الأولى من "كورونا". في آذار، تمّ إغلاق المدارس والمتاجر والمطاعم وتمّ منع التجمّعات لأكثر من شخصين. بعد بضعة أسابيع، انخفضت الإصابات وبدأت الدولة تعيد فتح اقتصادها تدريجياً في نيسان وأيّار. وخلال الصيف، كانت القيود قليلة جداً والإصابات كذلك.

 

لكن مع عودة ارتفاع الإصابات في الخريف، فشلت ألمانيا في تكرار التحرك نفسه، وظنّ كثر أنّ سبب الارتفاع يعود إلى تكثيف الفحوصات. ومع تضاعف أعداد الإصابات ثلاث مرات بحلول أواخر تشرين الأول، كانت الاستجابة متلكّئة، فتم فرض إغلاق خفيف.

 

ومع اقتراب عيد الميلاد، فرضت برلين الإغلاق التام. لكنّ الوقت كان قد تأخّر لدرجة أنّ الوفيات وصلت أحياناً إلى أربعة أضعاف أكثر ممّا سجّلته خلال الموجة الأولى. وفي النصف الأول من كانون الثاني، تخطت أحياناً أعداد الوفيات بين كل 100 ألف مواطن ألمانيّ تلك التي سجلّتها الولايات المتحدة. و 90% من بين الذين توفوا في الموجة الثانية كانوا من المسنين (70 عاماً أو أكثر).

 

تعزو الكاتبة السبب إلى التوترات بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الحكام الإقليميين الذين أبدوا تردداً في إعادة فرض القيود. فخلال السنة الحالية، ستنظّم ألمانيا ستة انتخابات محلية إضافة إلى الانتخابات التشريعية الوطنية في أيلول. لهذا السبب، لم يرغب الحكّام بالمخاطرة بخسارة شعبيّتهم عبر إبقاء الأعمال مقفلة والمواطنين في منازلهم. وظنّ هؤلاء أنّ ميركل تريد فرض الإغلاق في استعراض للقوة.

 

تضيف الكاتبة أنّ مجموعة من الخبراء يروّجون الآن لاستراتيجية "لا كوفيد" حيث لن يُرفع الإغلاق قبل أن يصبح عدد الإصابات أقل من 10 بالمئة ألف خلال الأسبوع. قد يتطلب الأمر تضحيات لكنّ هذه الاستراتيجية قد تساعد الدولة على تفادي الانتقال من إغلاق إلى آخر خلال هذه السنة الانتخابية.

 

وسيتطلب هذا الأمر أيضاً شجاعة لتمديد القيود حتى الوصول إلى هذا الرقم المتدني. القرار المتخذ الأربعاء يظهر أنّ السياسيين الألمان قادرون على التصرف بشجاعة بحسب سوربري. لكن هل يستطيع هؤلاء الحفاظ على انضباطهم والحملات الانتخابية على الأبواب؟

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم