من مارون الناسك إلى فترة الضلال

الدكتور فادي جورج قميرفي مناسبة عيد مار مارون نستذكر التعاليم التي بشّر بها القديس مارون في كل أنحاء جبل قورش حيث تنَسَّك وشاع صيته؛ فجذب إليه الكثير من التلاميذ والناس الذين قصدوه للتبرّك والشفاء من أمراضهم وعللهم وساروا على خطاه، فنَعِم الكثير بشفاءات كانت مستحيلة وتزيَّنت القورشية بباقة من النسّاك، وفي المقابل نرى أين هم الموارنة الجدد، لاسيّما مَن تولّوا مسؤولية السلطة في لبنان، من هذه التعاليم والصفات في مقاربة بسيطة لِما أُنجِز ولِما آلت اليه الأوضاع في وطننا الحبيب.كان القديس مارون يبرئ الناس ليس فقط من أمراضهم الجسدية وإنّما أيضاً من أمراض الروح، فكان يشفي من الغضب والكذب واستباحة المُحرّمات وغيرها من المنكرات. باختصار "لقد زيّن مارون طغمة القديسين المتوحشين بالله، ومارس ضروباً من التقشّفات والإماتات، تحت جو السماء، متعبداً ومجتهداً في الأصوام والصلوات والليالي الساهرة والركوع والسجود، والتأمل في كمال الله".إذا عدنا بالذاكرة الى عهود رئاسية عديدة، لا بدّ من أن نستذكر عهوداً لامعة طُبِعَت بمسيرة مسؤولين موارنة تركوا بصمات لا تُنسى. لن يتَّسِع المجال لذكر كل شيء وإنّما سنكتفي بإيجاز أهم ما يستذكره اللبنانيون.نبدأ من عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي كافح وعمل بجهد كبير ليحتفظ لبنان بدور الطليعة وليبقى دائماً مشعل التقدّم في الشرق وليكون محطّ أنظار الدنيا وصاحب المبادرة في كل نهضة عربية. فقد أراده وطناً مزدهراً رائداً في كل الميادين. وقد أدرك أن هذا الدور للبنان لن يتحقق إلاّ من خلال بناء دولة حديثة، وهذه لا تكون إلاّ بتوافر إرادة جبّارة وإدارة كفوءة. بذلك تركت الشهابية بصمات كبيرة لا يستطيع أحد إنكارها تجلّت بنوع خاص في بناء دولة المؤسسات؛ حيث تميّز عهده عن سواه من العهود بإرسائه مؤسسات الدولة وتركيز دعائم الادارة ومبادئ الاصلاح حتّى عُرف عهده بـ"العصر الذهبي" للإدارة في لبنان. فقد أعطى الرئيس فؤاد شهاب وجهاً جديداً للإدارة، معتبراً أن الادارة هي في خدمة الجميع وان ولاء الموظف هو للوطن والقانون، كما آمن بأن الفساد يكمن في الأنظمة التي تقوم عليها إدارات الدولة بقدر ما يكمن في الاشخاص. وفي عهده استُحدث: مجلس الخدمة المدنية، هيئة التفتيش المركزي، نظام المناقصات... كذلك على صعيد المشاريع العامة إذ أُنشئ مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت، مجلس تنفيذ المشاريع الانشائية، المجلس الوطني للبحوث العلمية، مؤسسة كهرباء لبنان، الحوض الثالث في مرفأ بيروت، مصفاة طرابلس، مصلحة استثمار مرفأ طرابلس، معرض طرابلس الدولي...أمّا في المجالات الاجتماعية فقد تمّ استحداث مصلحة الانعاش الاجتماعي، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، معهد اصلاح الاحداث... وكذلك اهتمّ بتطوير الزراعة فأُنشئ: المشروع الاخضر،...