الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

قراءة في "الشرق المتخيل في الخطاب الغربي" لجان جبور: التنوير المنقوص

المصدر: "النهار"
Bookmark
"الشرق المتخيل في الخطاب الغربي".
"الشرق المتخيل في الخطاب الغربي".
A+ A-
خالد كموني"شرق/غرب"؛ في عنوان كتاب جان جبور "الشرق المتخيَّل في الخطاب الغربي" (جروس برس ناشرون)، يؤجِّجُ عند القارئ نار الوعي الحارِق لماضٍ كأنه فاجأنا الآن كيف حصل بهذه الفجاعة! هل يُعقَلُ أن يكون التنويرُ والتقدُّم والتطوُّر والارتقاء الذي حصلَ في أوروبا هو نفسُه السبَّبَ الذي حدا بأوروبا إلى استعمار الشرق واحتلاله، وخلْق "إسرائيل" في فترة لاحقة، والاستهانة بالمعطى الحضاري العربي؟ هل كان بناء الدول الأوروبية يحتاج إلى كل هذا العدوان الحضاري؟ هل صحيح أن هذا الغربي تصرَّف هكذا لأنه مسيحي؟ هل الإسلام دين إرهاب وقتل؟ هل تحتاج الإنسانية كل هذا "الخوف"، بعضها من بعض؟!الكتاب الذي بين يدينا انقسم إلى أربعة أبواب، تناول في الباب الأول "الحروب الدينية وتشكل صورة الآخر"، حيث تظهر صورة الإسلام كدين أضاليل ومحمد كساحر ماجن كاذب والعرب كأمة متوحشة، كل ذلك تمهيدًا للحرب الصليبية على الشرق، التي فشلت واستمرت، ثم فتح الأتراك القسطنطينية، وصار الأتراك هم الكفرة، ثم المشاكل الداخلية الأوروبية بين الكاثوليك والبروتستانت، كل ذلك برز في الخطاب الأدبي والشعري والروائي، وبالمحصلة بالخطاب الديني والسياسي. نأخذ شذرةً من خطاب البابا أوربانوس الثاني للجماهير في مدينة كلارمون عام 1095، يقول: "أي خزي سيلحق بنا لو تمكن هذا الشعب الكافر الذي – وعن حق – لا يستحق سوى الاحتقار وقد تجرد من صفة الإنسان وتحوَّل عبدًا حقيرًا للشيطان، أي خزي لو تمكن من التغلب على الشعب الذي اختاره الله العلي القدير!" (ص 16)ثم يعرض جبور "أنشودة رولان" ليُظهِرَ البناء التوهمي التخيُّلي التعبوي لصورة الآخر، وليبيِّن العقلية القروسطية التي كانت سائدة من القرن الثامن حتى القرن الحادي عشر الميلادي، والتي تقسم العالم إلى ثنائية ضدية: خير/شر، كفر/إيمان،... فهذه الملحمة الشعرية كل شخوصها وأربابها وأصنامها وآلهتها ليس لها علاقة بالإسلام ولا بمحمد، ولا بالمسيحية وشخص السيد المسيح حتى، إذ يمكننا عندما نقرأ الأبيات الشعرية وتدخُّل القوى الخارقة لمساعدة الإفرنج والكلام عن ثلاثة آلهة داخل الملحمة هم "محمد وأبولان وترفاغان" أن نرى أثر الوثنية الرومانية متجسدًا في فهم الدين بشكل عام. فمحمد إله؛ نعم، لأنهم يفهمون اللهَ صنمًا حاضرًا أمامهم كآلهة معبد دلفي، وأنصاف الآلهة وأنصاف البشر. ودفاعهم عن عقيدتهم هو انتصار إله على إله، وتشويهه وقتله وإظهار ضلاله وكفره وزيفه، فعندما يهزَم المسلمون: "وراح كثير من هذا الشعب الكافر ينتحبون ويصرخون معبرين عن ألمهم، منددين بآلهتهم ترافاغان ومحمد... ثم بارك الأساقفة الماء/واقتادوا الكفار إلى جرن المعمودية/ حيث تقبل العماد أكثر من مئة ألف..." (ص 30 و33).ثم بعد ذلك يعرض الكاتب "أنشودة أنطاكية" التي "تكرر الأفكار السابقة التي شكلت صورة الخصم وهي تنم عن جهل بمعتقداته. لذا تسيطر المبالغة التي هي سمة الأعمال الأدبية في تلك...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم