الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

قراءة لخمسة أسطر من قصيدة "ماذا صنعت بالذهب..." لأنسي الحاج: سحر المزج والإبدال والمقايضة

المصدر: "النهار"
Bookmark
أنسي الحاج.
أنسي الحاج.
A+ A-
أحمد ديبو"وكنتِ في ثيابٍ لونها أبيضلأنّها كانت حمراءوأثلجتوالثلج الذي أثلجتِ كان أحمر لأنكِ كنتِ بيضاء"(من قصيدة "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة" لـأنسي الحاج)أخذت هذا المقطع من قصيدة "ماذا صنعتَ بالذهب ماذا فعلتَ بالوردة" للشاعر الكبير أنسي الحاج من ديوان يحمل عنوان القصيدة نفسها، وذلك لجودة البساطة المشغولة بأصابع تجعل من قوله الشعري كوشي البرود. فعمل المخيلة استطاع أن يجد لفكرتي القول الشعري صيغة لفظية موحدة لكنّها مزدوجة المعنى:ثيابٌ بيضاء/ ثيابٌ حمراء أثلجتثلجٌ أحمر لأنّك بيضاء.هذا المقطع هو من الحالات الشعرية القليلة التي نجدها في الشعر العربي الحديث، حيث صعوبة تصوير الاحتمال قد حلَّت بقسمة الخيال قسمين متساويين كما هو باد بشكل جلي هنا. أمّا مسلك الخيال إزاء مقولة التضاد والتناقض، فمسلكٌ يسترعي النظر إلى أبعد مدى، فهو يبدي إيثاراً خالصاً نحو إدماج الأضداد في كلٍّ واحدٍ، أو تصويرهما على انهما شيء واحد.وهو فوق ذلك يستبيح لنفسه/ أي خيال الشاعر/ أن يصوّر أي عنصر من عناصره بواسطة ضده المرغوب فيه، بحيث يعجز المرء للوهلة الأولى عن مسك القول الشعري لأنَّ اللغة في شعره تنمو مثل بذرة، لأجل ذلك هي توحي بانطوائها على سرّ. إنها تواصلٌ مضاد، حيث اللغة تلتقي زمنها الخاص فتنشأ الكتابة الملتحمة بالحلم.فالسطر الأوّل من المقطع "وكنتِ في ثيابٍ لونها أبيض" يشير إلى الطهارة الجنسية والروحية، بيد أنّ السطر الثاني ينفي البياض "لأنها كانت حمراء وأثلجت"، إشارة إلى أنّ ما تمَّ فهمه من الطهارة في السطر الأوّل قد ذاب و ذوى معظمه أو كاد، ثم يأتي السطر الثالث ليلغي نهائياً ذلك الفهم "والثلج الذي أثلجت كان أحمر"، كإشارة إلى افتضاض البكارة، مما يجعلنا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم