الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

قدّاس بطريركي مهيب للأرمن الكاثوليك في ساحة الدباس وداعاً للعلاّمة المونسنيور جورج يغيايان

المصدر: "النهار"
قدّاس بطريركي مهيب للأرمن الكاثوليك في ساحة الدباس وداعاً للعلاّمة المونسنيور جورج يغيايان
قدّاس بطريركي مهيب للأرمن الكاثوليك في ساحة الدباس وداعاً للعلاّمة المونسنيور جورج يغيايان
A+ A-

أقيم في كاتدرائية مار الياس للأرمن الكاثوليك – ساحة الدباس، في وسط بيروت، قبيل ظهر اليوم الثلثاء، قدّاس بطريركي مهيب لراحة نفس المونسنيور العلاّمة الراحل، الأديب الفيلسوف الجليل، الأب جورج يغيايان، الذي عاجلته المنية، وهو لا يزال في عزّ عطاءاته التي تفيض كنهرٍ لا ينضب.

وقد غصّت الكاتدرائية بحشدٍ غير مسبوق من رجال الدين من كلّ الطوائف يتقدمهم بطريرك الأرمن الكاثوليك على بيت كيليكيا، البطريرك كريكور بيدروس العشرون، إلى حشدٍ كبير من الشخصيات السياسية والاجتماعية والمؤمنين والأصدقاء الذين فجعوا بغياب الرجل الكبير الذي عُرِف عنه أن يساره لم تكن تعرف ماذا صنعت يمينه.

كان المونسنيور جورج حبيباً بكل ما في الكلمة من معنى. كان حبيب الله وحبيب الإنسان، كل إنسان، وكان مثالاً في الحبّ المسيحي وفي التواضع المسيحي، رسول عطاءٍ وفرحٍ وأملٍ ومعرفةٍ وثقافةٍ وتربيةٍ وتضحيةٍ وأنفة. وهو من بين الذين سيظلّون يُذكَرون بالخير، لكفاحه المستديم والدؤوب والصبور والسخيّ، بصمتٍ وبتهيب، من أجل كرامة الله والإنسان وفي سبيل التلاقي بين الذات والآخر والعيش معاً تحت سقف المشتركات الإنسانوية، التي كم نحن في حاجةٍ إليها في هذه الأيام الصعبة.

أبّنه البطريرك بكلمة مؤثرة، وشارك مطارنة الطوائف وأساقفتها برفع "النوايا"، وصدحت الجوقة الأرمنية بأناشيد التكريم، وتعالى البخور في أرجاء الكاتدرائية المهيبة، فأَفى ذلك كلّه جوّاً من الخشوع والألم والرجاء في الآن نفسه.

وفي كلمة مؤثرة تختصر مزايا الراحل الكبير قال المونسنيور غبريال موراديان: "يوم خميس الأسرار رقد على رجاء القِيامة المجيدة والحياة الأبديّة خادم مذبح الرّب لستة وأربعين عاماً المونسنيور جورج يغيايان، النائب البطريركي السابق لجمعيّة كهنة دير سيِّدة بزمّار البطريركيّة وكاهن رعيّة مار غريغوريوس- مار الياس، ساحة الدبّاس.

إننا اليوم نستودع رجل دين، صادقا، مقداما، ومثالا في النشاط التعليمي، الراعوي، الإجتماعي والتربوي. تنبع جميع مؤلفاته من فؤاده النابض بالحياة والحبّ الراسخ بالكنيسة والأمّة الأرمنيّة.

المونسنيور يغيايان هو من مواليد القامشلي (سوريا) عام 1946. نال البكالوريوس في الفلسفة من الجامعة الغريغوريّة بروما عام 1967 وإجازة في اللاهوت من جامعة القدّيس يوسف في بيروت سنة 1973. حاز دبلوما في الآداب الأرمنيّة من معهد الدراسات الشرقيّة في بيروت من العام نفسه. سيمَ كاهناً في جمعيّة كهنة سيِّدة بزمّار البطريركيّة عام 1973 على يد المطران جوزف جننجي. خدم ككاهن مُرسَل من الجمعيّة في دمشق، حيث أسس ثانويّة النور وأدارها من العام 1973 إلى العام 1982. عُيِّنَ مُدَبِّراً عاماً على أوقاف دير سيِّدة بزمّار من العام 1984 حتى العام 1992. عُيِّنَ عضوا في مجلس كنائس الشرق الأوسط وأمين سرِّ كنيسة الأرمن الكاثوليك لدى مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في لبنان وأمين سرِّ دعوى تطويب المطران الشهيد إغناطيوس مالويان عام 1990. ترأس ثانويّة مسروبيان التابعة لبطريركيّة الأرمن الكاثوليك والمعهد الفنّي التابِع لها في برج حمّود من العام 1992 حتى العام 2001، منصبّاً على مواكبة جميع النشاطات التعليميّة والتربوِّة يوميّاً، وإناطتها بأشخاصٍ ذوي كفاءةٍ عالية، سائراً بكلِّ جدّيَةٍ وعزمٍ وإندفاع من أجل المضي بهذه المؤسسة التربويّة نحو مزيدٍ من التقدّم والإزدهار والرقيّ. وما من شكٍّ في أنّ الفضل الكبير من التطوُّر في هذه المؤسسة التربويّة يعود إلى الكاهن الرسول المونسنيور جورج يغيايان، الذي يعكس طموحات جميع كهنة هذه الجمعِيّة الاّ وهي: غرس القيم الإنسانيّة والمسيحيّة والإجتماعيّة الصالحة في نفوس الطلاّب وقلوبهم وعقولهم والعيش والعمل بوحيها.


انتُخِب المونسنيور جورج يغيايان نائباً بطريركيّاً لجمعيّة كهنة سيّدة بزمّار البطريركيّة ورئيس دير سيّدة بزمّار من العام 2001 إلى العام 2007. في العام 2009 عُيِّن المونسنيور جورج يغيايان كاهناً مساعداً في رعيّة الأرمن الكاثوليك في مونتريال (كندا). وفي العام 2013 عَيَّن مثلث الرحمات البطريرك نرسيس بيدروس التاسِع عشر الكُليّ الطوبى المونسنيور جورج إدارة شؤون رعيّة مار غريغوريوس-مار الياس وخدمة أبنائها الروحيّة. فمنذ لحظة تعيينه أظهر خادم الله الأب جورج محبّته الصادق لجميع أبناء هذه الرعيّة الذين يكنّون له كلَ إحترامٍ وتقدير على جميع عطاياه وتضحياته، ولا سيَّما أنه سعى دائماً إلى تعميق التفاهم وتقوية أواصر المحبّة بين جميع المسؤولين أنفسهم، كما بين أبناء الرعية الواحدة.

تلك كانت رسالة المونسنيور جورج الكهنوتية. رسالة أظهَرَ من خلالِها قيم الوفاء والتحلّي بروح المسؤولية، زارعاً في قلوب جميع الناس نور الأمل والرجاء.

في النهاية لا يسعنا إلاّ أن نطلب من الرّب يسوع أن يفتح أمام عبده جورج الراقد حسب مشيئته أبواب الفردوس فيعود إلى ذلك الوطن الحقيقيّ، حيث لا موت بل فرح دائم بالقائم من بين الأموات. فلنستودعه رحمة أبينا السماوي الحنون، بإيمانٍ ورجاء، ولنُشَيِّعه بصلواتنا، حتى ينعم بخيرات السماء الدائمة. الراحة الأبديّة أعطِه يا ربّ والنور الدائم فليُضئ له. المسيح قام حقا قام".




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم