الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

زيارات قوس قزح

نيروز مناد
زيارات قوس قزح
زيارات قوس قزح
A+ A-

"ولكن ما الذي يمنعكِ من ممارسةِ الجنس معي؟ أنتِ عاهرة في كلِّ الأحوال!". 

كان بإمكاني أن أشرح لها في تلك اللحظة أنّي عاهرة لكنّي لا أزال بشرية ولستُ آلةً معدةً لممارسة الجنسِ في أي وقتٍ، ومع أيٍّ كان. غير أني اخترتُ الانصياع إلى رغبتها. كانت تلاحظ بوضوح اشمئزازي من كلِّ ما يحدث بيننا، لكنّها لم تتوقف البتة، وفي نهاية الليلة طبعتْ قبلةً على جبيني وقالتْ وهي تناولني المبلغ المتفق عليه: "شكراً".

***

جلسنا في سيارته دقائقَ طويلة قبل أن يتجرأ في نهاية الأمر على النظر في عينيَّ ليقول: "لم ترض حبيبتي الارتباط بي بسبب رائحة تعرّقي المقزِّزة. أنا أتعرّق دائماً ويداي تتصبّبان عرقاً في أيام الحرِّ الشديد وفي لحظات الحماسة والتوتر وعند ممارسةِ أيِّ عملٍ بهما لوقتٍ طويل".

بدا كأنَّه يعتذر. تأملتُ يديه في تلك اللحظة حيث بدأت قطرات العرق تسيل على أصابعه. أمسكتُ بيمناه ومررتُها على شفتيَّ ثمَّ وضعتها على صدري وقلت: "سأمنحك ما تشاء لكنَّك تضيّع وقتي. ربما عليكَ البدء بخلع ثيابك".

قال، وهو يضع المالَ في يدي: أحبك.

***

عندما طرقتُ الباب، كنتُ أنتظرُ رجلاً أربعيناً مرتدياً منامته في انتظاري. هذا ما بدا عليه الصوتُ الذي أبرم الاتفاقَ معي على الهاتف.

وقفتُ ثواني وأنا أفكرُ جدياً في المغادرة. كان الرجل سبعينيَّاً يمشي على عكاز وبيده جهازُ الرذاذ الذي يستعمله مرضى الربو:

"ألا تعتقد أنَّ هذه الممارسات خطرةٌ جداً على رجلٍ في سنّك؟".

ابتسمَ قائلاً: "لم يعد أولادي يأتون لزيارتي منذ أكثر من عام, أردتُ أن أحدثَ أحدهم فقط ".

كان بديناً ويتنفس بصعوبة خلال مضغ طعامه. حدّثني عن عشقه للطعام الذي يمنعه من إيجاد امرأة تقبل الارتباط به. لم يكن الجنس مطلبه في الارتباط على كلِّ حال: "أنا فقط لا أريد أن أتناول الطعام وحدي"، قال وهو يطلب من وقتي ساعةً بعد عصر اليوم.

أراد أن يتأمل امرأةً وهي ترقص، ليس اشتهاءً لجسدٍ يتمايل ولكن لأنَّه لا يستطيع مشاركة امرأةٍ الرقصَ من على كرسيه المتحرك.

رقصتُ له لساعةٍ تقريباً، ثمَّ جلستُ على رجليه، فابتسم قائلاً: "نحنُ وحيدان حتَّى الثمالة لولا زيارات قوس قزح".

كاتبة سورية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم