الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الراعي: باب السلام يكون بحكومة متحرّرة من الأحزاب والمحاصصة والتفرُّد

الراعي: باب السلام يكون بحكومة متحرّرة من الأحزاب والمحاصصة والتفرُّد
الراعي: باب السلام يكون بحكومة متحرّرة من الأحزاب والمحاصصة والتفرُّد
A+ A-

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي، قداس يوم السلام العالمي في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة بيتر كرم وانطوان عوكر وشكرالله نبيل الحاج، أمين سر البطريرك الأب شربل عبيد ولفيف من الكهنة.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "السلام مسيرة رجاء"، وفي الشأن السياسيّ، قال: "كثير من العقبات والمحن تعترض السلام. وأهمها الحروب والنزاعات المتزايدة التي تضرب على الأخص الأكثر فقرا وضعفا. سلاسل الاستغلال والفساد التي تغذي البغض والعنف. حرمان العديد من الرجال والنساء والأطفال والمسنين من كرامتهم وسلامتهم البدنية وحريتهم، بما فيها الحرية الدينية، ومن الأمل بالمستقبل، وأخيرا لا آخرا الاذلال والاقصاء والظلم".

وشدد على أن "السلام يبنى من خلال مسيرة إصغاء مرتكزة على الذاكرة والتضامن والأخوة. فالإصغاء المتبادل ينمي معرفة الآخر وتقديره، وينظر إليه كأخ، ولو كان عدوا. وبذلك يكون السلام مشروعا يبنى كل يوم. العالم لا يحتاج إلى كلام فارغ، بل إلى شهود راسخين في قناعاتهم، وإلى صانعي سلام منفتحين على الحوار من دون إقصاءات وتلاعبات. لا يمكن الوصول إلى سلام حقيقي إلا عندما يقوم حوار مقتنع بين رجال ونساء يبحثون عن الحقيقة. والذاكرة التي تشمل الحروب المدمرة للحجر والبشر، ضرورية ليس فقط لكي نتجنب الأخطاء السابقة ونعود إليها من جديد، بل أيضا لكي لا يعاد طرح المخططات الوهمية الماضية، وكذلك لكي تساعد، بفضل الخبرة، في رسم الطريق لخيارات سلمية حالية ومستقبلية. الذاكرة هي أفق الرجاء. والتضامن، الذي ينبع من ذكريات الحروب والنزاعات، يستطيع إلهام خيارات شجاعة، بل بطولية، كما يستطيع تحريك طاقات جديدة، وإشعال آمال جديدة لدى الأفراد والجماعات. أما الأخوة فترتكز على أصلنا المشترك من الله، وتمارس بالحوار والثقة المتبادلة. إن الرغبة في السلام مكتوبة في قلب الإنسان. ويجب ألا نقبل بأقل من ذلك".

وتابع: "السلام مسيرة مصالحة في الشركة الأخوية. كلمات الأنبياء في الكتاب المقدس تعود بالضمائر والشعوب إلى عهد الله مع البشرية. وهو أن نتخلى عن الرغبة في التسلط على الآخرين، ونتعلم أن ننظر إلى بعضنا البعض كأشخاص، وكأبناء لله، وكإخوة. نستنير في هذا المسعى بالحوار بين بطرس ويسوع: "يا رب، إذا أخطأ إلي أخي، كم مرة أغفر له، أسبع مرات؟" أجابه يسوع: "لا أقول لك سبع مرات، بل سبعين مرة سبع مرات" (متى18: 21-22). مسيرة المصالحة تدعونا لنجد في عمق قلوبنا القوة على المغفرة، والقدرة على الاعتراف بأننا إخوة وأخوات. وهذا ما يجعلنا رجال ونساء سلام على كل من الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. السلام مسيرة توبة بيئية، يدعونا إليها عداؤنا وعدم احترامنا لبيتنا المشترك، والاستغلال التعسفي للموارد الطبيعية التي تعتبر كأدوات مفيدة لتحقيق الربح اليومي، دونما احترام للمجتمعات المحلية، وللخير العام والطبيعة. مسيرة المصالحة مع الطبيعة تجعلنا نتأمل العالم الذي أعطي لنا من الله، لنصنع منه بيتنا المشترك. كل الخلق أعطي لنا "لنحرسه ونحرثه" (تك15:2). لذا، مطلوب منا أن نوجه نظرة جديدة إلى الحياة، معتبرين سخاء الخالق الذي وهبنا الأرض ودعانا لنتقاسمها بفرح".

وقال: "يختم البابا فرنسيس بأن السلام ثمرة رجائنا، فبدونه لا يمكن الحصول عليها. هذا الرجاء يعني الايمان بإمكانية السلام، وبأن الآخر يحتاج مثلنا إلى سلام. من هذا الواقع نفهم محبة الله لكل واحد منا، وهو حب محرر من دون حدود، لا يمل. الخوف غالبا ما يكون مصدر النزاع. مع ذلك لا يغيب عن بالنا أننا أبناء محتاجون أمام الله الذي يحبنا وينتظرنا، مثل والد الابن الضال (لو15: 11-24). إن ثقافة اللقاء كإخوة وأخوات تقطع الرباط مع ثقافة التهديد، وتسير بنا إلى تجاوز حدود آفاقنا الضيقة، لكي نتجه دائما إلى عيش الأخوة الشاملة، كأبناء لأب سماوي واحد. يعضدنا في هذا المسعى سر التوبة الذي يجدد الأشخاص والجماعات، ويدعونا لنرفع نظرنا إلى المسيح الذي صالحنا بدم صليبه مع الله والخلق كله (كول20:1)".

وختم: "ينهي قداسة البابا فرنسيس رسالته بهذا الدعاء: يا إله السلام، باركنا وهلم لمعونتنا. يا مريم، أم أمير السلام، وأم جميع شعوب الأرض، رافقينا واعضدينا في مسيرة المصالحة، خطوة خطوة. فليتمكن كل إنسان يأتي إلى العالم، من اختبار وجود السلام، ويحقق تماما وعد الحب والحياة الذي يحمله. نذكر قداسة البابا فرنسيس في صلاتنا اليوم لكي يحقق الله أمنياته في خدمة السلام في العالم بأسره".

بعد القداس، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الإلهية للتهنئة بالأعياد المجيدة، وأقام مأدبة تكريمية للمسنين وذوي الحاجات الخاصة والقيمين على المؤسسات التي تعنى بهم.

بعد ذلك، قدم الراعي درعا تذكارية لعدد من القيمين على هذه المؤسسات تقديرا لجهودهم وعطاءاتهم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم