الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

المطران عوده: البلد يحتاج إلى قضاء مستقل يعمل بتجرّد بعيداً من السياسة

المصدر: "النهار"
المطران عوده (أرشيف "النهار").
المطران عوده (أرشيف "النهار").
A+ A-
اعتبر متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران إلياس عوده أنَّ "الــخَـــلاصَ لَــيـــسَ إِنــجـــازًا فَـــردِيًّـــا، إِذْ لا نَــســتَــطــيـــعُ أَنْ نَــخــلُـــصَ وَحْـــدَنـــا. نَــحـــنُ نَــخــلُـــصُ فـــي كَــنــيــسَـــةِ الــمَــســيـــح «مَـــعَ جَــمــيـــعِ الــقِـــدِّيــســيـــن» (أف 3: 18). الــمُــخَــلَّـــعُ فـــي إِنــجــيـــلِ الــيَـــوم إِحــتـــاجَ إلـــى مُــســـاعَـــدَةِ أَربَــعَـــةِ أَشــخـــاصٍ «كَــشَــفـــوا الــسَّــقْـــفَ» و «دلّـــوا الــســريــرَ الــذي كـــان الــمــخــلّــعُ مــضــطــجِــعــاً عــلــيــه» وقــدّمــوه لــلــمــســيــح. إِيــمـــانُــهُـــم مَــنَـــحَ الــمُــخَــلَّـــعَ الــصِّــحَّــتَــيـــنِ: الــنَّــفــسِــيَّـــةَ والــجَــسَـــدِيَّـــة، وقَـــدْ عَــبَّـــروا عَـــنْ هَـــذا الإيــمـــانِ بِــطَـــريــقَـــةٍ ذَكِــيَّـــة". 
 
وأضاف عوده في عظة خلال قداس الأحد: "إِذا نَــظَـــرْنـــا إلـــى هَـــذا الــحَـــدَثِ فـــي إِطـــارِ الــخِــبـــرَةِ الــكَــنَــسِــيَّـــة، يُــمْــكِــنُــنـــا الــقَـــولُ إنَّ الإِنــســـانَ الــمُــعـــاصِـــرَ مَــشْــلـــولٌ روحِــيًّـــا، فـــاقِـــدُ الــحَـــرَكَـــةِ فـــي سَـــريـــرِ الــجُــمـــودِ الـــرُّوحِـــيّ. إِنَّ مـــا فَــقَـــدَتْـــهُ الــمُــجــتَــمَــعـــاتُ الــمُــعـــاصِـــرَةُ هُـــوَ الــشَّـــرِكَـــةُ الــحَــقــيــقــيَّـــةُ بَــيْـــنَ الــنَّـــاس، فَـــأَصــبَــحْــنـــا نَــعــيـــشُ فـــي صَــحـــراءِ الــمُـــدُن، رغـــم تَــفـــاقُـــمِ الــضَّـــوضـــاءِ واكــتــظــاظِ الــطُّـــرُقـــاتِ، وحــيـــديـــن، مـــع رواجِ أَدَواتِ الــتَّـــواصُـــلِ. فـــي وَسَـــطِ هَـــذا الــمُــجــتَــمَـــعِ الــمُــحْــتَــشِـــد، يَــجِـــدُ الإِنــســـانُ الــمُــعـــاصِـــرُ نَــفــسَـــهُ وَحــيـــدًا، مُــنــغَــلِــقًـــا عــلـــى ذاتِـــه، مُــنــقَــطِــعًـــا عَـــنِ الآخَـــريـــن. إِلَّا أَنَّ مُــجــتَــمَـــعَ الــكَــنــيــسَـــة، الــمَــبْــنِـــيَّ عــلـــى الــمَــســيـــحِ، يَــبــقـــى مَــخْـــرَجًـــا وَحــيـــدًا فـــي مَـــأزِقِ الانْــعِـــزال".
 
"لَــكِـــنَّ الــسُّـــؤالَ الَّـــذي يُــطـــرَحُ هُــنـــا: كَــيـــفَ يُــمْــكِـــنُ لِــلــمَـــرْءِ أَنْ يَــعــيـــشَ شَـــرِكَـــةَ الــكَــنــيــسَـــة؟ كَــيـــفَ يَــقْـــدِرُ أَنْ يَــعــيـــشَ الأُخُـــوَّةَ فـــي الــمَــســيـــح، الَّــتـــي تُــلَــبِّـــي أَعْــمَـــقَ مُــتَــطَــلِّــبـــاتِ الــنَّــفْـــسِ الــبَــشَـــرِيَّـــة؟ إِنه يَــحــتـــاجُ إلـــى أَربَــعَـــةٍ يَــعْـــرِفـــونَ بِــخِــبـــرَتِــهِـــم وإيــمـــانِــهِـــم أَنْ يَــعْــبُـــروا الــحَـــواجِـــزَ الَّــتـــي تُــعَـــرقِـــلُ مَــســيـــرَةَ الإِنــســـانِ الـــرُّوحِــيَّـــة، هُـــم الـــرُّعـــاةُ الــحَــقــيــقــيُّـــون، الآبـــاءُ الـــرُّوحِــيُّـــون، الإِخـــوَةُ فـــي الــمَــســيـــح، والــقِـــدِّيــســـون"، حسب عوده.
 
وفي السياسة، لفت عوده إلى أنّ "كَــمـــا أَنَّ الــحَــيـــاةَ فـــي الــكَــنــيــسَـــةِ بِــحـــاجَـــةٍ إلـــى أَربَــعَـــةٍ لِــخَـــلاصِ الإِنــســـان، كَـــذَلِـــكَ بَــلَـــدُنـــا الــحَــبــيـــبُ يَــحــتـــاجُ أَربَــعَـــةً يَــنــتَــشِــلـــونَ الــشَّــعـــبَ مِـــنْ هُـــوَّةِ الــيَـــأسِ الــقــاتِــلِ الَّــتـــي أُوصِـــلَ إِلَــيــهـــا، ويــقــودونَـــه نَــحـــوَ مِــيــنـــاءِ الــخَـــلاص:
 
بِـــدايَـــةً، شَــعــبُــنـــا بِــحـــاجَـــةٍ إلـــى احــتــرامِ الــقــوانــيــن وتَــطــبــيــقِــهــا دون انــتِــقــائــيــة، وإلى إِرســـاءِ الــعَـــدالَـــةِ الــحَــقــيــقــيَّـــة، فـــي كُـــلِّ الــقَــضــايــا، الــصَّــغــيـــرَةِ قَــبـــلَ الــكَــبــيـــرَة، إذْ لا يُــمــكِـــنُ إِهــمـــالُ أيّــةِ قــضــيــةٍ، مــهــمــا كــانـــت صــغــيـــرَةً، لِــئَـــلَّا يَــعــتـــادَ الــمــخــطــئُ والــمُــجـــرِمُ والــفـــاسِـــدُ عــلـــى الإِفـــلاتِ مِـــنَ الــعـــدالــةِ بِــسَــبَـــبِ الــتَّـــزَلُّـــمِ أَو الــتــحــزّبِ أو الــتَّــبَــعِــيَّـــةِ، أو الإخــتــبــاءِ وراء حَــصــانــاتٍ وُضــعـــتْ فــي الأصــلِ لأهــدافٍ مَـحــمــودَة. ولــكــي تــســودَ الــعـــدالــةُ يــحــتــاجُ الــبــلــدُ إلــى قــضــاءٍ نــزيـــهٍ، مــســتــقــلٍ، يــعــمــلُ بــتــجــرّدٍ، وِفــقَ الــقــوانــيـــن، بــعــيــداً مــن الــســيــاســةِ وآفــاتِــهــا، لــيــفــرضَ الــعــدالــةَ ويُــحــاســبَ كُـــلَّ ظـــالِـــمٍ ومُــحــتَــكِـــرٍ وفـــاسِـــدٍ وســـارِقٍ ومُــتَــحَـــرِّشٍ ومُــســتَــقـــوٍ، ويَــحــمــي صــاحِــبَ الــحق، لأَنَّ الــقَــضـــاءَ مِـــن دونِ مُــحـــاسَــبَـــةٍ هُـــوَ قَــضـــاءٌ نــاقــصٌ مُــسَــيَّـــسٌ ومُــقَــيَّـــدٌ ولا نَـــزاهَـــةَ فــيـــه".
 
وتابع: "ثـــانِــيًـــا، يــحــتـــاجُ الــشَّــعـــبُ هــو أيــضــاً إلـــى مُــحـــاسَــبَـــةِ كــلِّ مَن يُــسـيـئ الى الــبــلدِ أو يُــعــطِّــلُ مــســيــرَتَــه، ومــحــاســبــةُ الــشــعــبِ تــكــونُ بِــحَــجْــبِ ثـِـقــتِـــه، وقـــتَ الإنــتــخــابِ، عَــمَّـــنْ لـــم يُــحــسِــنْ تــمــثــيــلَــه، والــتــكــلُّــمَ بــاســمِــه، والــمــطــالــبــةَ بــحــقِّــه عــبــرَ تَــشــريــعِ قــوانــيــنَ، تُــطــبَّــقُ عــلــى الــجــمــيــعِ وتَــفــرُضُ هــيــبــةَ الــدولــة. كــذلــك تــكــون الــمــحــاســبــةُ مــن الــنــوابِ الــذيــن يـَـحــجــبــون ثــقــتَــهــم عــمَّــن قــصّــرَ مــن الــوزراء، أو أهــمــلَ واجــبــاتِــه، أو اســتــغـــلَّ الــســلــطــةَ لــمــآربَ شــخـصــيــة، أو لــتــصــفــيــةِ حــســابــات".
 
وأضاف: "ثـــالِــثًـــا، بَــلَـــدُنـــا بِــحـــاجَـــةٍ إلـــى الــمُـــؤَسَّــســـاتِ الــفـــاعِــلَـــة، الــتــي تــهــدفُ إلــى خــدمــةِ الــمــواطــنِ وتــســهــيــلِ حــيــاتِــه وفــقــاً لــلــقــوانــيــن، عَـــلَّ الــمــعـــاملاتِ الــرســمــيّـــةَ تُــنــجَـــزُ بــســـرعـــةٍ، والــطَّـــوابــيـــرَ تَــخــتَــفـــي، ويَــســـودُ احــــتِـــرامُ الــمُـــواطِـــنِ، كـــائِــنًـــا مَـــنْ كـــان، وتَـــــزولُ الــمَــحــســـوبِــيَّـــاتُ والـــوَســـاطـــاتُ، والــصــفــقــاتُ والــســمــســراتُ وهــدرُ الــمــالِ الــعــام. ولــكــي تــكــونَ الــمــؤســـســاتُ فـــاعــلــةً يــجــبُ أن يــكــونَ الــعــامــلــون فــيــهــا مِــن مــوظــفــيــن ومُــدَراء، أمــنــاءَ لــوظــيــفــتِــهـــم، يَــتَــحَــلّــون بـــالــحِـــسِّ الــوطــنــي والـــنــزاهــةِ والــكــفــاءةِ وحــبِّ الــعــمــلِ والــخــدمــة، وأن لا يــكــونــوا عــالــةً عــلــى الــوطــنِ والــمــواطــنــيــن، وُضــعــوا فــي مــراكــزِهــم لــلإســتــفــادةِ عــوضَ الإفــادة.
ولِــكَـــي يَـــتَــحَــــقَّــــقَ كُـــلُّ ذَلِـــكَ، تَـــبـــرُزُ الــحـــاجَـــةُ إلـــى الــعَــمـــودِ الـــرَّابِـــعِ والأَســـاسِـــيِّ لِــخَـــلاصِ بَــلَـــدِنـــا وشَــعــبِـــهِ، أَعــنـــي الإِنــتِــخـــابـــاتِ الــنَّـــزيــهَـــةَ الــشَّــفَّـــافَـــةَ، الَّــتـــي تــســمــحُ لــلــشــعــبِ الــواعــي واجــبــاتِــه الــوطــنــيــة أنْ يـــوصِـــلُ مَـــنْ هُـــمْ أَهـــلٌ لِــلــمَــســـؤولِــيَّـــةِ إلـــى مـجــلــسِ الــنــواب، مــجــلــسِ مُــمَــثِّــلــي الــشــعــب الــذيــن يُــشَــرِّعــون ويُــراقِــبــون ويُــحــاسِــبــون. هــكـــذا يَــنــتَــظِـــمُ عَــمَـــلُ جَــمــيـــعِ الــقِــطـــاعـــاتِ، ويَــعـــودُ الأَلَـــقُ إلـــى رايَـــةِ بِـــلادِنـــا، فَــتُـــرَفـــرِفُ مُــجَـــدَّدًا فـــي كُـــلِّ أَقــطـــارِ الــمَــســكـــونَـــةِ بِــفَــخـــرٍ واعــتِـــزازٍ حُـــرِمَـــتْ مِــنْــهُــمـــا عــلـــى يَـــدِ جَــمـــاعَـــةٍ تَــحَــكَّــمَـــتْ بِــبَــلَـــدِنـــا ومَــصــيـــرِهِ، فَـــأَظــلَــمَـــتْ نُـــورَهُ، وهَــدَرَتْ أمــوالَــه، وفــجّــرَتْ أَبــنـــاءَهُ، وهـــجَّـــرَتْــهُـــم، وقــطّــعـــتْ أَوصـــالَ الــعـــائـــلاتِ، وفَــكَّــكَـــتِ الــمُــجــتَــمَـــعَ حَــتَّـــى أَصــبَـــحَ عِــبـــارَةً عَـــنْ مَــجــمـــوعـــاتِ يـــائـــســـيـــنَ أو مُــتَــحَـــزِّبــيـــنَ ومُــتَـــزَلِّــمــيـــنَ ومُــسْــتــرْزِقـــيـــن يَــتَــنـــاحَـــرون ولا يَــتَــحـــاوَرون".
 
وختم عوده بالقول: "دُعـــاؤُنـــا الــيَـــومَ أَنْ يَــقـــومَ كُـــلُّ خـــاطِـــئٍ مِـــنْ فِـــراشِ الــخَــطــيــئَـــةِ ويــســمــعَ: «يـا بُـنَـيَّ، مَغـــفـــورَةٌ لـكَ خــطــايــاك»، وأَنْ يـــوجَـــدَ مَـــنْ يُــســـاعِـــدُ على قــيــامةِ بَــلَـــدِنـــا الــحَــبــيـــب مِـــنْ شَــلَــلِـــهِ، عَــلَّــنـــا نَــفـــرَحُ جَــمــيــعًـــا بِــهَـــذا الـنــهــوضِ، فـــي مَـــوسِـــمِ الــقِــيـــامَـــةِ الــبَــهِـــيّ، آمــيـــن".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم