الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

طلاق باهظ الأثمان!

راجح الخوري
A+ A-

تبدأ غداً الأربعاء عملية طلاق بريطانيا للعائلة الأوروبية، انها عملية اقتلاع صعبة ومكلفة تتقطع بنتيجتها جذور بريطانية كثيرة وتندثر تربة أوروبية واسعة، وهذا الأمر لن تتوقف آثاره على دول الاتحاد الأوروبي، يكفي ان نتذكر أننا نتحدث هنا عن حوض اقتصادي ضخم يتجاوز عدد سكانه ٥٠٠ مليون نسمة، ويلعب دوراً محورياً في دورة الاقتصادات العالمية.


يوم الاثنين الماضي اعلنت الحكومة البريطانية انها ستفعّل المادة ٥٠ من معاهدة لشبونة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، تنفيذاً لنتائج الاستفتاء الذي أجري في ٢٣ تموز والذي عرف باسم "بريكست"، لكن خروج بريطانيا لن يكون عملية سهلة لا على مستقبل المملكة المتحدة في ظل اتجاه اسكوتلندا الى اجراء استفتاء ثانٍ على الطلاق مع بريطانيا، ولا على مستقبل دول الاتحاد الأوروبي في ظل تصاعد موجة اليمين، التي ترفع هي ايضاً شعارات قومية تدعو الى الانفصال، على ما تعكسه مثلاً اعلانات مارين لوبن في فرنسا!
وتزيد هذه الاحتمالات الضغوط التي يمارسها دونالد ترامب على حلفائه الأطلسيين وانتقاده الحمائية الالمانية مثلاً، وقد وصل به الأمر الى مطالبة أنغيلا ميركل بمبالغ هائلة يقول ان المانيا مدينة بها للولايات المتحدة.
المفوضية الأوروبية أبدت استعدادها الكامل للانخراط في مفاوضات الطلاق مع بريطانيا، وهو ما دفع دول الاتحاد الـ ٢٧ الى عقد اجتماع في روما السبت وإصدار بيان أكد تعزيز الوحدة والتضامن والتصميم على جعل الاتحاد أقوى بعد خروج بريطانيا. وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر اعلن الأسبوع الماضي ان عملية خروج بريطانيا تستدعي الانخراط في مفاوضات صعبة جداً تستغرق سنوات، "وعلى البريطانيين ان يعرفوا، وهم يعرفون أصلاً، ان خروجهم لن يتم بأسعار مخفوضة لكنه سيكون بثمن باهظ جداً". من الواضح ان يونكر كان يذكّر البريطانيين بضرورة احترام التعهدات التي قطعوها عند الانضمام الى الاتحاد، وبحسب المصادر العليا في الاتحاد، بروكسل قد تطلب من لندن "فاتورة خروج" قد تصل الى ٦٠ مليار أورو وهو مبلغ يوازي التعهدات التي قطعتها لجهة المساهمة في الموازنة الأوروبية، وعلى هذا يتوقع المراقبون ان يسبب الأمر منطلقاً لخلاف قوي يمكن أن يسمّم الأجواء الأوروبية.
مشكلة مستقبل الثلاثة ملايين ونصف المليون مواطن أوروبي يعيشون في بريطانياً، والمليون ونصف المليون بريطاني يعيشون في الدول الأوروبية قد تتحول عقدة أخرى، اذا أوقفت بريطانيا كما تقول صحيفة "الديلي تلغراف" مبدأ "حرية الحركة والتنقل" بمجرد الاعلان عن بدء الخروج من الاتحاد الأوروبي!
هذه ليست عملية طلاق سهل بل هي عملية اطلاق رياح انفصالية تتجاوز تهديدات رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا ستورجن بالخروج من المملكة المتحدة، لتصيب مشاعر انفصالية في أمكنة كثيرة!


[email protected] - Twitter:@khouryrajeh

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم