الأربعاء - 08 أيار 2024

إعلان

صحة - آن لكل خرافات داء الصرع... أن تنتهي

ليال كيوان بو عجرم
A+ A-

عانى أهل راغب لسنوات مع النوبات التي كانت تصيب ابنهم، وكثرت النظريات التي تفسّر وضعه وحالته الصحية. بعضهم قال إنه مصاب بمرض وراثي لم يُعرف عنه شيئاً ولم يفلح أطباء المستوصف حيث يقطنون في تشخيصه، وآخرون قالوا إنه "ملبوس" ومصاب بمسّ من الشيطان! وهنا بدأت الأمور تفعل فعلها في تفكير الأهل الذين بدأوا يلجأون الى المشعوذين لفكّ السحر عن ابنهم والتخلص من المسّ الشيطاني.


راغب إبن السنوات الثماني، كان يُصاب بين الحين والآخر بنوبات عصبية تطرحه أرضاً، فيغمض عينيه، فيما يطفو على فمه زبد أبيض ويبقى يرتجف لساعات من دون أن يتمكّن أحد من لمسه أو التحدث معه. واستمرّ الأمر على حاله حتى الأمس القريب، إذ عرض الأهل حالة راغب على طبيب أعصاب في المدينة، فقال لهم إنه مصاب بداء الصرع، فما هو هذا المرض؟ وما العلاج المناسب له؟


ما هو الصرع؟
قد نقول إن شخصاً يشكو داء الصرع عندما تجتاحه نوبات كهربائية تختلف بالشكل والأسباب أيضاً. هذا ما يقوله رئيس قسم الأمراض العصبية والصرع في مركز رزق الطبي، الدكتور ناجي رياشي، معتبراً أن "الصرع قد يصيب الذكور والإناث، إضافة الى الأطفال والمراهقين والراشدين والمسنين. ليس لداء الصرع عمر محدد أو سبب معين، فالأسباب متعددة، منها الفالج أو الورم في الدماغ أو الالتهابات الدماغية أو النقص في تكوين الدماغ أو أسباب وراثية أو مشكلات في نسبة الملح في الجسم وغيرها. وتشكّل حالات الصرع 1% من عدد السكان، وقد تزيد في بعض البلدان بسبب الوعي المنتشر عن هذا الداء، فيما نجح التشخيص المبكر في البلدان المتحضرة في توفير العلاج".
على صعيد لبنان، يسعى المتخصصون الى نشر الوعي عن المرض، "لهذا قمنا وسنقوم بحملات توعية عن داء الصرع لتوفير المعلومات اللازمة كي لا تكون المعلومات الشائعة بين الناس مغلوطة"، بحسب رياشي. "كان يعتبر أن الإنسان المصاب بداء الصرع تسكنه الشياطين وغيرها من الخرافات، ونحن نودّ أن يكون الجميع على علم بحقيقة داء الصرع وبأن معظم الحالات يمكن تشخيصها وعلاجها من دون أي إشكال. ولأن حملات التوعية باتت أكثر، لذا فإن داء الصرع يذكر أكثر فأكثر. ويلاحظ أيضاً أن في لبنان نسبة مرضى صرع أكبر من النسبة المعهودة بسبب كثرة إصابات الرأس من جراء الحرب".


حملة توعية
تعددت الجهود في لبنان للتوعية عن داء الصرع، فثمة جهود تقوم بها الهيئة اللبنانية لمكافحته واللجنة العلمية للأمراض العصبية، وكذلك حملة التوعية عن داء الصرع عبر صفحة "الفايسبوك". تجمع هذه الحملة بين العاملين في المجال الطبي، من أطباء وممرضين وعاملين إجتماعيين ومرضى الصرع وعائلاتهم والمجتمع عموماً. هذه الصفحة بعنوان "Epilepsy Awareness Campaign in Lebanon"، تسمح لكل من هو مهتم بالإطلاع على كل النشاطات التي تقوم بها الحملة والهيئات الطبيّة، وهي أيضاً توفر فرصةً للمرضى بالتكلم عن تجربتهم. "نحن نشجع التواصل الإجتماعي عبر صفحة "الفايسبوك"، إذ أن التواصل بين المرضى والأهالي والمجتمع والأطباء مهم جداً. ونتمنى من المصابين بهذا الداء التكلم عن تجربتهم ومعاناتهم وكيف يواجهون مشكلاتهم اليومية معه، وتشجيع غيرهم أيضاً على البوح بما يشعرون به. هكذا نزيد أيضاً التواصل بين المرضى الذين يمكنهم تقديم الدعم المعنوي بعضهم لبعض، وكذلك تشارك المعلومات".
وعن أهمية الحملة، يأسف رياشي أن يكون المصاب بداء الصرع لا يزال مهمّشاً حتى اليوم، "فثمة الكثير من الخرافات حول هذه الحالة، علماً أن المريض وأهله لا يتكلمون عن وضعهم خشيةً تأثير الخبر في المريض وكل المحيطين به. فالمجتمع عموماً، وخصوصاً سكان الريف، يعتقدون أن المصاب بداء الصرع لا يمكنه العيش بشكلٍ طبيعي، فهو لا يستطيع الزواج والإنجاب فتبقى حقيقة أمره سراً، مما أثر سلباً في مفهوم الصرع. وقد يخشى المصاب أيضاً بأن لا تتوافر له فرص عمل، فالمجتمع لا يعلم ما هي الوظائف التي يمكن المصاب بداء الصرع القيام بها و تلك التي لا يمكنه انجازها".
نسبة المرضى الذين يتجاوبون مع العلاجات ويمكنهم خوض حياة طبيعية تتخطى الـ 70%، فهؤلاء يتناولون الدواء يومياً لكنهم لا يعانون نوبات ويعيشون حياة طبيعية، ويمكنهم حتى معاودة القيادة بعد استقرار النوبات. لهذا يجب التوعية على داء الصرع كي يفهم المجتمع حقيقته، فهو مثل أي مرض آخر كالسكري أو الضغط أو غيرها من الأمراض.


ما هي العلاجات المتاحة؟
ويتحدث رياشي عن علاجات الصرع التي تتمثل غالبيتها بالدواء، "50% من المرضى يتجاوبون مع العلاج وتتوقف النوبات عندهم، لكن 30% من المرضى لا يتجاوبون معها ويمكن في تلك الحالة للطبيب المتخصص أن يعطي مزيجاً من أدوية الصرع ويغيّر الكميات. يبقى 20% من المرضى الذين لا يتجاوبون مع أي دواء أو مزيج، في تلك الحالة ننصح بإجراء عمليات جراحيّة لاستئصال المنطقة في الدماغ التي تنتج هذه الكهرباء الزائدة إذا تمكنا من ايجادها، والتأكد أنه إذا تمّ استئصالها لن تشكل خطراً على عمل الدماغ أو تؤثر سلباً في النطق والحركة والبصر. وفي الحالات التي لا يمكن إجراء جراحة الاستئصال، ننصح بتركيب بطارية تحفّز العصب الحائر أو Vagus Nerve Stimulator، توضع تحت الجلد وتتصل بالعصب في الرقبة، وهي تخفف من حصول النوبات أوتوقف في بعض الحالات النوبات نهائياً. كذلك ثمة بطارية قد تحفّز الدماغ مباشرةً كتلك التي تستعمل في حالة الـ Parkinson".
ويشير الى أن العلم والتقنيات الحديثة تتقدم بشكلٍ سريع جداً، "إن كانت تقنيات التشخيص كالـ MRI أو غيرها أو التقنيات العلاجية. فمن ناحية التشخيص، بتنا نستطيع تشخيص الحالات والأسباب بشكلٍ أكبر وأسرع. أما من ناحية العلاجات وكما ذكرنا آنفاً، أصبح لدينا خيارات كعمليات الاستئصال أو البطارية Vagus Nerve Stimulator".


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم