السبت - 04 أيار 2024

إعلان

عادل إمام... لقد تأخّر الوقت!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
عادل إمام... لقد تأخّر الوقت!
عادل إمام... لقد تأخّر الوقت!
A+ A-

ترفّع عادل إمام عن هَمّ الشعب، وفضّل في أعمالٍ مضت الدور السطحي. حلّت على مصر ثورة "25 يناير"، وغاب عادل إمام عن السمع. خيّب الظنّ بمسلسلاتٍ بيّنته لامبالياً بما يجري على الأرض وفي الميدان الذي يتخذه اليوم مسرحاً. أُخِذ عليه البقاء على مسافة من الفئات الموجوعة وممن هم ضحايا السُلطة والعيش العشوائي. يعود اليوم الى الدور المُنتَظر منذ ثلاث سنوات والى الموقف من الثورة. "إتس نفر تو لايت"، والثورة مستمرة في وجدان الشعب. لن يقتنع البعض بأنّ إمام الذي كرَّس صورةً ما عادت تُشبه المُشاهد، هو اليوم نفسه في الميدان ينادي بإسقاط النظام. مسلسل "أستاذ ورئيس قسم" ("أم بي سي"، "أم بي سي مصر") يُنزل إمام من البرج العالي الى الشارع حيث الصرخة والنبضات. كأنه يقدّم ما أرجأ تقديمه، وفي اللحظات الأخيرة ألحّ عليه. الكاتب يوسف المعاطي رفيق درب إمام في كلّ خطوة. بعد شطحات الخيال والمصرف الإسرائيلي في "فرقة ناجي عطالله" (رمضان 2012)، وتبدّل الشخصيات الهزيل في "العراف" (رمضان 2013)، والرفاهية البائسة في "صاحب السعادة" (رمضان 2014)، يضع المعاطي إمام في غير إطار. يقرّبه من الناس، وإن صَعُب على البعض تصديق النيات والاقتناع بعظمة المشهد.



شعاراتٌ يطرحها العمل أمام كاميرا وائل إحسان، خَلَف رامي إمام، المخرج الثابت: الشارع والجامعة واليسار والتغيير الديموقراطي. يُحمَّل عادل إمام مسؤولية وطنية عليا: احتواء الشباب والحضّ على رفع الصوت. من خلال دوره استاذاً جامعياً، يزرع فوزي جمعة بذور الحماسة في النفوس ويراقب نضوج الثمر. بصرف النظر عن كون العمل كليشيات مألوفة ومَشاهد لا تُنتَظر منها مفاجأة، فإنه في مكان تذكيرٌ بالأمجاد بعد الخيبة والروح الشغوفة بالحلم بعد الانكسار. تبدأ الحوادث قبل أسابيع من ثورة "25 يناير"، وتستمر الى ما بعد سقوط النظام وقيام "حكومة الثورة". يشارك الدكتور فوزي جمعة الشعب صرخاته، شاهداً على البلطجة وتجاوزات الفلول ودسائس الأمن. المسلسل يضع الشباب في مقدّمة المشهد. يبرز العمل السياسي متلازماً مع دور الجامعة في بثّ الوعي الفردي وخَلْق الجماعة الفاعلة. يصبح الدكتور فوزي مثالاً للطالب المتحمّس التوّاق الى وطنٍ لا يحمل النكران لأبنائه ولا يساوم على دمائهم. يقدّمه المسلسل عُرضة للمطاردة والسجن، وكلما واصل النضال، زاد الاصرار على العقاب. تتوطّد علاقة فوزي وطلابه، لا سيما فتحي (هيثم أحمد زكي)، ويصبح مرجعاً في الحراك ورَفْض الاستسلام. يتقابل الفساد مع النزاهة، والضمير الحيّ مع موت الضمائر، وتولد على هامش الثنائيات شخوصٌ تدفع الثمن. ليس عبثاً زَجّ الجوّ اليساري في المشهدية، فالعمل لا يهمّش مكوّنات المجتمع، ويترك للإسلامويين الحضور اللازم. واضحٌ أنّ "أستاذ ورئيس قسم" لا يسمّي الأمور بأسمائها إلا بالقليل البديهيّ. يعرّج على تورّط النظام بالتصفية السياسية وكمّ الأفواه ونَشْر الخراب، كضروراتٍ أكثر من كونها حقائق.


في المسلسل حلقةٌ مفقودة ووَقْعٌ خافت. نلمح شارعاً فيه مقهورين أقل ومنبوذين أقل وزيفاً أكثر. يشبه اكسسوارات تُجمّل المشهدية من غير أن تجعلها أصدق. عوض التعاطف مع روح الثورة وإعلاء شأن الذاكرة، نتفرَّغ لتعقُّب المَشهد غير المُقنِع إلا ببذل مجهود. خارج هذا اللاإقناع، ليس العمل ميالاً الى الكذبة وتشويه الوقائع. فيه النموذج الاجتماعي المطلوب، من فوزي الأستاذ "المثالي" المحرِّض على التغيير، ونافع (أحمد بدير) الأستاذ المتملّق المتنقّل بين المواقف بحسب المصالح، والطلاب والعائلة والشارع ورجال الحُكم وأدواته. تنقص المسلسل فسحة أكبر لأوجاع المصري والتمهّل أمام تضحياته. خَلْط الكوميديا بالسياسة كرة عادل إمام وملعبه. فقط لو داست قدماه آنذاك الشارع.


[email protected]


Twitter: @abdallah_fatima


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم