الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المغرب عازم على فرض مخططه لحلّ النزاع في الصحراء الغربيّة

المصدر: أ ف ب
اشخاص يتظاهرون من اجل "صحراء حرة" خارج البرلمان الإسباني في مدريد (30 آذار 2022، أ ف ب).
اشخاص يتظاهرون من اجل "صحراء حرة" خارج البرلمان الإسباني في مدريد (30 آذار 2022، أ ف ب).
A+ A-
يبدي المغرب عزما قويا على إنهاء النزاع طويل الأمد حول الصحراء الغربية لصالحه، بعدما تقوى موقفه بدعم الولايات المتحدة، فضلا عن ألمانيا وإسبانيا مؤخرا، ولو اقتضى منه ذلك الدخول في أزمات مع حلفائه، بحسب محللين.

يوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني أن "قضية الصحراء تحظى بالإجماع لدى مكونات المجتمع المغربي كافة، وهي الأولوية المطلقة لكل مغربي".

يعتبر المغرب المستعمرة الاسبانية السابقة جزءا لا يتجزأ تاريخيا من أرضه، وهي "حقيقة ثابتة لا نقاش فيها (...)  لم تكن يوما، ولن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات"، على ما أكد الملك محمد السادس في خطاب 6 تشرين الثاني، الذي يوافق ذكرى "استرجاع" المنطقة المتنازع عليها من إسبانيا.

لكن جبهة البوليساريو تطالب منذ ذلك التاريخ باستقلال الإقليم الصحراوي الشاسع، الذي تعتبره الأمم المتحدة "غير متمتع باستقلال ذاتي"، بدعم من الجارة الجزائر. وخاضت حربا مع المغرب حتى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في 1991، قبل أن تقرر إنهاء العمل به منذ أواخر العام 2020.

من جهته كثف المغرب في السنوات الأخيرة مساعيه لكسب التأييد لمقترحه بحل النزاع، من خلال منح الإقليم حكما ذاتيا تحت سيادته. وتظل هذه القضية "المبتدأ والمنتهى للدبلوماسية المغربية"، كما يؤكد المؤرخ الفرنسي المتخصص في الشؤون المغاربية بيار فيرموران.

أثمرت هذه المساعي مؤخرا إعلان كل من ألمانيا وإسبانيا تأييد المقترح المغربي العائد للعام 2007، وتعتبره الرباط الحل الوحيد لهذا "الخلاف". وهما الإعلانان اللذان أنهيا أزمتين دبلوماسيتين بين الرباط وهذين البلدين.

بعدما ظلت على الحياد لعقود، باتت إسبانيا تعتبر الخطة المغربية، "بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".

ودافع رئيس حكومتها بيدرو سانشيز عن هذا المنعطف في سياسة بلاده إزاء النزاع، باعتباره ضروريا من أجل علاقة "أكثر صلابة" مع المغرب، الذي يعد شريكا تجاريا رئيسيا للجارة الإيبيرية، وحليفا "استراتيجيا" في مكافحة الهجرة غير النظامية.

تبعا لهذا التحول ينتظر وصول وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل ألباريس الجمعة إلى الرباط، لإحياء العلاقات الثنائية بين البلدين. وذلك بعد أزمة ديبلوماسية حادة، بسبب استضافة اسبانيا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج منذ نحو عام.

واعتبرت المغرب تغير الموقف الإسباني "إنجازا ديبلوماسيا". 

يرى أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بالجامعة المستقلة لمدريد بيرنابي لوبيز "من دون شك أن هذا انتصار للمغرب على المدى القصير"، مستدركا "لكن من الصعب معرفة ما إذا كان تغير الموقف الاسباني سيكون له أثر ملموس".

ويتابع "يجب أن ننتظر لنرى هل سيكون هناك توافق جيد في المستقبل بين الرباط ومدريد، وهل سيساعد ذلك بلدانا أخرى على تبني" نفس الموقف.

-"ميزان قوى"-
منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية أواخر 2020 مقابل استئناف الرباط علاقاتها الديبلوماسية مع اسرائيل، بدأت المملكة تضغط على المجتمع الدولي لحمله على أن يحذو حذو واشنطن.

جدد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عقب استقبال نظيره الأميركي أنتوتي بلينكن الثلثاء بالرباط، دعوة أوروبا إلى الانتقال من مجرد "دعم مسلسل" سياسي لحل النزاع إلى تأييد مخطط الحكم الذاتي، الذي تعتبره الرباط الحل الوحيد، ضاربا المثل بإسبانيا.

كما سبق للملك محمد السادس أن نبه "أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة"، بأن المغرب "لن يقوم معهم بأي خطوة اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء المغربية".

وتعتبر المحللة السياسية خديجة محسن فنان أن هذا "الاندفاع المغربي يتم في وقت تتركز فيه أنظار العالم حول أوكرانيا".

وترى أنه يأتي أيضا "نتيجة لمسلسل طويل سعى فيه المغرب إلى أن يصبح عنصرا ضروريا بالنسبة للغرب، في قضايا مثل الهجرة والأمن ومكافحة الإسلاموية" المتطرفة.

بموازاة ذلك تبدو الجزائر، الحليف الرئيسي لجبهة البوليساريو، معزولة بحسب خبراء. بينما تبذل الأمم المتحدة مساعي صعبة لإحياء المفاوضات بين أطراف النزاع، المتوقفة منذ 2019، من أجل التوصل إلى "حل سياسي".

من جهته يرى فيرمران أن "المغاربة استخلصوا جيدا دروس الوضع الجيوسياسي الحالي، فموازين القوة باتت هي المعيار على حساب القانون الدولي".

ويبدو موقف المغرب إزاء الأزمة الأوكرانية مؤشرا واضحا على عزمه التخلص من أية وصاية للدفاع عن مصالحه، حيث لم يشارك في التصويت على قرارين للأمم المتحدة يدينان الغزو الروسي لأوكرانيا،  متجنبا بذلك الانحياز لأي من طرفي الأزمة.

بينما أشادت تعليقات صحف مغربية بهذا الحياد "الحكيم"، رأى محللون أنه يدل على رغبة الرباط عدم استعداء روسيا العضو دائم العضوية في مجلس الأمن، الذي يتولى النظر في نزاع الصحراء الغربية.

لكن موقف الرباط أثار "إحباطا شديدا" لدى شركائها الغربيين، وفق مصدر ديبلوماسي غربي "بالنظر إلى خطورة الاعتداء الروسي، وكذا التحالفات التقليدية مع البلدان الغربية، التي فضل المغرب بدلها التقارب مع روسيا".

في رد فعل الخميس أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استدعاء سفيرة بلاده في المغرب أوكسانا فاسييفا، معتبرا أنها "لم تكن فعالة" بما يكفي بل "كانت تضيع وقتها" في الرباط. 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم