الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

"فوضى" الرواية الإسرائيلية... "حماس" لا تجيد إطلاق النار!

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
ملصق ترويجي لمسلسل "فوضى" الإسرائيلي.
ملصق ترويجي لمسلسل "فوضى" الإسرائيلي.
A+ A-
لا يعرف عناصر حركة "حماس" كيفية إطلاق النار ولا حماية مواقعهم، وهم يفتقدون أدنى الخبرات العسكرية والأمنية، وفق ما يقرّر مسلسل "فوضى، ويريدنا أن نستنتج ونحن نشاهده على منصّة "نتفليكس". هو ينقل سياق الأحداث الأمنية والعسكرية بين فلسطين وإسرائيل بعين واحدة إسرائيلية!
 
لن نغوص في تفاصيل المسلسل بل في الدعاية السياسية المقلقة والمجافية في الكثير من الأحيان للحقيقة ومجريات الأحداث على أرض الواقع. لكننا بموجز سريع نجد أن أحداث المسلسل تتمحور حول مجموعة خاصّة تابعة لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، تنفّذ عمليات استخباراتية وأمنية في الضفة الغربية وغزّة، بمواجهة الفلسطينيين، وبشكل خاص "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
 
لا أدّعي أنّني ناقد أو خبير، لكن معظم مشاهد المسلسل تستفزّ المشاهد العربي المتضامن مع القضية الفلسطينية، حتى وإن كان مُعارضاً لإيران ومجموعاتها، أي "حماس" و"الجهاد"، لأن هذه المشاهد تصوّر الإسرائيليين وكأنهم قوات خارقة مضادة للرصاص، فيما تنقل صورة هزيلة عن المقاتلين الفلسطينيين، وتزعم ضعف خبرتهم العسكرية والأمنية.
 
على سبيل المثال لا الحصر، فإنّ معظم مشاهد الاشتباك بين المجموعة الإسرائيلية الخاصة وكتائب "النخبة" التابعة للفصائل الفلسطينية تنتهي بمقتل جميع المقاتلين الفلسطينيين أو أسرهم، ونجاة "دورون" ورفاقه، أي جميع عناصر "الشاباك"، مع استثناءات قليلة جداً يُتوفّى فيها عنصر أمني إسرائيلي، وكأن مقاتلي "حماس" يفتقدون دقّة الإصابة، بالرغم من تفوّقهم العددي في كلّ مواجهات المسلسل.
 
قد تتمكّن مجموعة "الشاباك" من تنفيذ عمليات متواضعة في الضفة الغربية من دون أن تخسر عنصراً، إلا أن دخولها قطاع غزّة الواقع تحت سيطرة "حماس"، بعد انكشاف أمرها، ثم تخسر مقاتلاً واحداً، وتتمكّن في المقابل من تصفية قادة في الحركة وتحرير أسيرة تُدعى "يارا"، فيه الكثير من التسخيف لقدرات الفصائل الفلسطينية على تنوّعها، وتقليل من شأن خبراتها المتقدّمة، بغض النظر عن الموقف منها.
 
وفي السياق نفسه، لا بدّ من إشارة مهمّة إلى أن الإسرائيليين يُصوّرون كلّ معارض لهم معادياً للسامية، ويصفون الفصائل الفلسطينية بأنها "إرهابية ومجرمة"، وتقتل بدم بارد، ولا تهتم سوى بمصالحها، بالإضافة إلى أن مشاهد كثيرة تظهر تردّد الفلسطينيين في إطلاق النار وقتل الإسرائيليين، بالرغم من قدرتهم على فعل ذلك، مقابل سهولة قتل "الشاباك" مقاتلي الفصائل. فمن يقتل "بدم بارد"؟.
 
إن العملية الإسرائيلية الأخيرة في جنين تدحض رواية مسلسل "فوضى"، على الرغم من غياب تكافؤ القوّة بين الطرفين، وهو أمر معترف به؛ فإن العمليات الإسرائيلية لا تكون ببساطة عمليات "دورون ورفاقه"، بل إن الفصائل الفلسطينية تتمتّع بقدرات ذات مستوًى عالٍ، وهي قادرة على قتل وأسر عدد من الجنود الإسرائيليين المُشاركين في العمليات؛ ولا تتمتّع هذه الفصائل بدقّة تصويب الرصاص فحسب، بل الصواريخ أيضاً.
 
وفي العملية الأخيرة، دعت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" السلطات الإسرائيلية المعنية إلى الكشف عن الخسائر الحقيقيّة التي مُنيت بها في مخيّم جنين، وأكّدت الفصائل الفلسطينية قتل ومحاصرة عدد من الجنود في كمائن نفّذتها، في وقت انتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لقلادة عنصر إسرائيليّ يعمل لإحدى قوّات "النخبة"، الأرجح أنّه قُتل أو أُسر.
 
يصلح مسلسل "فوضى" لأن يكون موجّهاً إلى الداخل الإسرائيلي أكثر من العالم الخارجي، لطمأنة الإسرائيليين إلى أن جيشهم قادر على حسم معاركه و"حماية" مواطنيه من دون أيّ خسائر تُذكر. وهذا يندرج في سياق الدعاية الإعلامية – السياسية، ولعبة الضغط النفسيّ، لكنّه في الآن عينه يصوّر الفلسطينيين –دون قصد- أنهم أصحاب حقّ، يُقاتلون من موقع ضعف، ممّا يخدم القضية الفلسطينية بمواجهة الرواية الإسرائيلية.
 
يحمل المسلسل الكثير من النقاط القابلة للتشريح والانتقاد علمياً، وفي طيّات مشاهده جدل واسع حول الاشتباك الفلسطيني الإسرائيلي. لكن المؤكّد أن الفصائل الفلسطينية أقوى ممّا يصوّرها "فوضى"، وباتت تتمتّع بقدرات، مصدر معظمها إيران المتطوّرة عسكرياً، بغض النظر أيضاً عن الموقف من هذا السّلاح وأهدافه.
وفي المحصّلة، فإن اسرائيل تعرف جيّداً بأن هناك من يواجهها في فلسطين، ويعرف كيف يطلق النار ويوجع!
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم