الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

رسائل "الساعة" الخطيرة... انتصارات غير عميقة

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
ساعة السرايا الحكوميّة. (أرشيفيّة، نبيل اسماعيل)
ساعة السرايا الحكوميّة. (أرشيفيّة، نبيل اسماعيل)
A+ A-
انتهت معركة الساعة بانتصار صغير، استعملت فيه القوى المسيحيّة الكثير من الأسلحة، ومنها ما هو خطير ومحرّم في مكان ما.
 
لكن، مخطئ من يعتقد، بحسب أوساط مسيحيّة، أنّ وراء هذه المعركة قضيّة ساعة بالزائد أم قضيّة طائفيّة بحتة، نتيجة تراكم الأزمات، وصلت الى حدّ أدّى إلى تظهيره للعلن، لتمرير رسائل سياسيّة لمن يعنيهم الأمر في الداخل والخارج، بأنّه من غير الجائز تخطّي المسيحيّين بقرار يصدر عن ميقاتي، من دون العودة إلى مجلس الوزراء، لئلّا ينسحب لاحقاً على قضايا أخرى في ظلّ تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، للإيحاء بأنّ الأمور طبيعية في غياب الرئيس.
 
أعطى فيديو لقاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي فكرة عن أنّ أمور البلد اليوميّة، الخاضعة لنطاق تصريف الأعمال، تسير بمعزل عن المقاطعة المسيحيّة، وهناك مَن تقصّد تظهير هذا الأمر كرسالة واضحة المعالم، لمن يسعى الى تعطيل الحكومة، أنّ السلطة لا زالت لدينا بتخطّيكم.
 
إلّا أنّ ردّ الفعل هذه المرّة، أتى مختلفاً، وللمرّة الأولى دخلت المؤسّسات في المعركة، ووجّهت رسالة بأنّها ستقاوم أيّ محاولة يُراد منها فرض رئيس للجمهورية لا يحظى بتأييد واحدة من الكتل النيابيّة المسيحيّة الوازنة من جهة، واستباقاً لمنع استغلال الفراغ الرئاسيّ من قبل حكومة تصريف الأعمال، باتّخاذ قرارات في غياب الرئيس، تتعلّق باستحقاقات داهمة في حال امتدّ الشغور الرئاسيّ.
 
هذه الرسالة لم تقتصر على الداخل فقط، إنّما تعدّته الى الخارج، بحيث أظهرت التطوّرات ثلاثة أمور مقلقة للفريق المسيحيّ، على المستوى الإقليميّ والدوليّ، أوّلها سعي الفرنسيّين إلى التسويق لمعادلة سليمان فرنجيّة ونوّاف سلام، أو ما يُعرف برئيس قريب من محور إيران-سوريا، مقابل رئيس قريب من محور السعودية، أمّا ثانيها فهو الاتّفاق السعوديّ الإيرانيّ الذي لا زال مبهم النتائج، لكن لا بدّ من تأثيره على لبنان، بحيث يمكنه أن يكون على حساب هذه القوى. أمّا الثالث فهو استثناء مساعدة وزير الخارجية الأميركيّ بربرا ليف من زيارتها الى لبنان القيادات المسيحيّة، كرسالة واضحة تتلاقى مع ما يشيعه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بأنّ العقدة لدى القادة المسيحيّين وليست عند آخرين، أضف الى ذلك ما بدا تسريبه عن عقوبات أوروبيّة وأميركيّة على قادة مسيحيّين بالذات، تحت ستار عدم الاتّفاق والعرقلة.
 
الرسالة الثالثة أيضاً كانت من المؤسّسات وكبار التجّار والمستثمرين المسيحيّين، إضافة الى المؤسّسات الصحّية والتربويّة، والمصارف، فالانهيار بدأ يطالهم جميعاً، ولكن بدرجات مختلفة، فقانون الوكالات الحصريّة صدر بدفع من القوى الإسلاميّة، أمّا المؤسّسات الصحّية والتربويّة فبدأت تطالها الخسائر بشكل كبير، ما يهدّد استمراريّتها. أمّا المصارف فحدّث ولا حرج، وهؤلاء جميعهم يُعتبرون من المؤثّرين في البيئة المسيحيّة. وأثبتت معركة "الساعة" أنّهم لا زالوا يملكون القدرة على التعطيل، وهم مستعدّون للدخول الى آخر نفس للحفاظ على وجودهم.
 
هذه الرسائل في رأي مرجع مسيحيّ جعلت فكرة انتخاب رئيس برضى القوى الإسلاميّة فقط مستحيلاً مهما يملك من دعم، وهو ما بدأ الفرنسيّون قراءته من خلال تراجعهم عن طرح فرنجية-سلام، طبعاً مع الاعتراف بالدور السعوديّ الداعم الذي أثّر على التراجع الفرنسيّ.
 
إلى ذلك، يكشف المرجع أنّ الاتّفاق بين القوى المسيحيّة، لا يزال غير متوافر، لا بل يبدو بعيداً، وأنّ المراهنة على خلوة بكركي الأسبوع المقبل في غير محلّه، ولا زالت النكايات في أوجها، ولا أمل في التقارب، لكن على الأقلّ تمّ إعدام أيّ إمكانية فرض كالّتي كانت تجري سابقاً.
 
في المقابل، يرى مصدر مسيحيّ مؤيّد لفرنجية أنّ المسيحيّين أنفسهم يتحمّلون مسؤوليّة الخروج الطوعيّ من السلطة، ومقاطعتها، والابتعاد عن آليّات اتّخاذ القرارات التنفيذيّة، حتّى في أمور تصريف الأعمال الضيّقة، مرّة بسبب المقاطعة، ومرّة أخرى بسبب الخلافات المسيحيّة التي تمنع الاتّفاق على اسم واحد للرئاسة.
ويشير إلى أنّ الانفراج الإقليميّ سيطال لبنان، فالكلّ ينتظر كيفيّة تبلور الأمور خارجيّاً بما يسمح بتأمين نصاب انتخاب رئيس للبلاد، من منطلق أنّه إذا كان فريق معيّن قادراً على تأمين 65 صوتاً لمرشّحه، فهو لا شكّ غير قادر على تأمين نصاب الجلسة الذي يحتاج إلى حضور 86 نائباً.
 
ويؤكّد أنّ فرنجية غير متمسّك بغطاء أحد الزعيمين المسيحيَّين، مع الاعتراف بأنّ قبول أحدهما به أمر يخدمه، وأنّ زعامته كافية لرئاسة الجمهوريّة، خصوصاً أنّ اجتماع الأقطاب المسيحيّين الأربعة الذين التقوا في بكركي عام 2014 أكّد أحقيّة أيّ منهم في تبوّؤ سدّة الرئاسة، ولم يتغيّروا ولا زالوا أنفسهم.
 
ويشدّد على أنّ فرنجية الوحيد القادر حاليّاً على جمع هذا العدد من أصوات النوّاب غير المسيحيّين، وفرصه لا تزال نفسها، ولم تتأثّر بكلّ ما جرى.
 
ويعترف المصدر أنّ الرهان أصبح أقرب إلى رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، وليس إلى رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ" جبران باسيل الذي أقفل الأبواب نهائيّاً مع فرنجية، وحتّى مع "حزب الله" الذي قلّص اتّصالاته به الى أدنى حدود.
 
ويلمّح المصدر الى أنّ باسيل استطاع تمرير اسم جهاد أزعور لدى العديد من القوى المسيحيّة، ولولا رفض "القوّات" القاطع لكان استطاع الوصول الى مأربه بالإيحاء أنّ هناك اجماعاً مسيحيّاً على مرشّحه، وكان شكّل ضغطاً على القوى الإسلاميّة.
 
ويختم المصدر أنّه وحتّى الساعة الأمور تراوح مكانها، محذّراً من لعبة الرسائل الطائفيّة التي يمكن أن تؤدّي بالبلاد إلى مكان لا تُحمد عُقباه.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم