الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ديفيد هيل في ورقة لـ"بناء سيادة لبنان ودولته": يحدث إنشاء سوق سوداء لسوء الإدارة واختلاس السيولة

المصدر: "النهار"
ديفيد هيل.
ديفيد هيل.
A+ A-
قدّم السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل ورقة سياسية عن لبنان في مركز ويلسون في موضوع "بناء سيادة لبنان وبناء الدولة" تضمّنت مجموعة من التوصيات توصّل إليها أثناء زيارته لبنان العام الماضي مع فريق عمل برنامج الشرق الأوسط في المركز حيث التقى عدداً كبيراً من السياسيين وأصحاب الرأي في لبنان وخارجه، معتبراً أنها توصيات سياسية قابلة للتطبيق للبنان والولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لمعالجة المأزق السياسي والانكماش الاقتصادي. التوصيات استُخلصت بعد عرض للأزمة وتتدرّج بنودها على سبيل تقديم مقاربة يمكن اعتمادها للحل من أهل السياسة في لبنان والخارج. وتقتطف "النهار" أبرزها:

"١ - إن انتخاب رئيس وتعيين رئيس للوزراء وتشكيل حكومة فاعلة هي خطوات أساسية متتالية لتحقيق الاستقرار في لبنان، لكن "صفقة شاملة" لتعزيز السيادة والإصلاح هي مفتاح الاستقرار على المدى الطويل.

في لبنان، يعتبر انتخاب الرئيس جزءاً من مفاوضات مطولة حول اختيار الرئيس ورئيس وزراء ومجلس وزاري، وكل ذلك جزء من "صفقة شاملة"، بما في ذلك السياسات التي سيتم تبنيها والتعيينات التي سيتم إجراؤها. ستكون طبيعة مثل هذه الصفقة ذات أهمية كبيرة للبنان في هذه المرحلة. بينما تحرم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية التي تجتاح لبنان قادته من ترف الوقت، سيجدون صعوبة في التوصل إلى اتفاق في البرلمان المعلق. يجب أن يظل أعضاء البرلمان الموجهون نحو الإصلاح وضد الهيمنة الإيرانية متحدين ويمارسون نفوذهم للحصول على أفضل صفقة ممكنة، مع التركيز على التزامات سياسية، وليس فقط شخصيات المرشحين للمناصب العليا.

٢- على القادة السياسيين في لبنان النظر في تعديل دستوري يتطلب انتخاب رئيس يخلفه قبل نهاية فترة الرئاسة.

يولد النظام السياسي في لبنان أزمة كل ست سنوات بشأن انتخاب رئيس. ومع ذلك، فإن التسامح مع وجود منصب شاغر في الوقت الذي تنخرط فيه الفصائل السياسية في سياسة حافة الهاوية هو ظاهرة جديدة نسبياً يعود تاريخها إلى عام 1988، مما يعكس تآكلاً في احترام مؤسسات الدولة. يجب النظر في تعديل دستوري لضمان انتخاب رئيس جديد في الوقت المناسب قبل نهاية فترة ولاية شاغل المنصب، على غرار إجراءات انتخاب رئيس البرلمان، بمجرد تولي المسؤولين المفوضين مناصبهم.

٣- يجب أن يركز النهج التدريجي لتأسيس سيادة الدولة في البداية على سيطرة الدولة على حدود لبنان وموانئه ومطاراته.

بينما نص اتفاق الطائف على نزع سلاح جميع الميليشيات، احتفظ "حزب الله"، بحماية سورية، بأسلحته بذريعة "مقاومة" إسرائيل، حتى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في عام 2000. وقد استخدم تلك الأسلحة ضد اللبنانيين لدفع أجندته السياسية الداخلية بالتنسيق مع سوريا وإيران. فيما المطالب بنزع سلاح "حزب الله" يجب أن تكون مستمرة، إلا أنه في الوقت الحاضر لا يوجد مسار واقعي لتحقيق هذه الغاية. ومع ذلك، يجب ممارسة الضغط لتمكين الدولة اللبنانية - الجيش وقوى الأمن الداخلي وأجهزة الدولة الأخرى - من السيطرة على جميع حدود وموانئ ومطارات لبنان، ربما بدعم من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل). يجب تبنّي هذه الأهداف كجزء من أي صفقة شاملة لإنهاء المأزق السياسي الحالي؛ سيتطلب التنفيذ دعماً دولياً وإقليمياً مستداماً.

٤- يجب أن تحصل اللامركزية على جلسة استماع.

هناك مجموعة متنوّعة من المقترحات اللامركزية والفيديرالية، وكلها لها إيجابيات وسلبيات وتعكس الطبيعة المجزأة للمجتمع اللبناني واستياءً من هيمنة جماعة مسلحة واحدة، "حزب الله". ومن المفارقات أن اللامركزية يمكن أن تعزز السيادة ومؤسسات الدولة، والدعم الشعبي لها، من خلال توضيح السلطات والمسؤوليات المنوطة بالدولة الموحدة والتي تُركت للمجتمعات المحلية. يجب التغلب على عدد من العقبات، بما في ذلك الافتقار إلى الحوكمة والقدرة الإدارية على مستويات البلديات، لكن هذا البند غير المكتمل من جدول الأعمال من اتفاق الطائف يستحق دراسة متجددة.

التحديات والفرص الاجتماعية والاقتصادية والمالية في لبنان.

٥- لا خيار أمام القادة اللبنانيين سوى إجراء إصلاحات اقترحها صندوق النقد الدولي من أجل وضع لبنان على طريق الثقة والازدهار.

لا توجد طرق مختصرة حول برنامج صندوق النقد الدولي أو عمليات هبوط سهلة لأزمة بهذا البعد. يشعر بعض القادة اللبنانيين بارتياح كاذب من اتجاهات مثل تجدد تدفقات التحويلات المالية ودولرة الاقتصاد، زاعمين أن هذه الاتجاهات تتجنب الحاجة إلى إصلاحات مؤلمة. ومع ذلك، فإن ما يحدث في الواقع هو إنشاء سوق سوداء أكبر لرأس المال والعمالة والخدمات، مما يعزز المشاكل الأساسية لسوء الإدارة واختلاس السيولة اللبنانية. من دون استعادة الثقة بالعملة اللبنانية والبنك المركزي والقطاع المالي، ستهيمن الجهات السيئة بشكل متزايد على الاقتصاد والسياسة في لبنان على حساب الدولة، التي ستستمر في التفكك في غياب الإيرادات والأهمية. يجب ترك تفاصيل اتفاق صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية لهذين الطرفين. أي إصلاحات متفق عليها يجب أن تكون مستدامة سياسياً وأي تكاليف يتم تقاسمها بشكل منصف في المجتمع اللبناني. ومع ذلك، لا يوجد بديل لمثل هذه الإصلاحات الهيكلية. إن تبني برنامج صندوق النقد الدولي ليس ضرورياً فقط للحصول على قروض صندوق النقد الدولي، بل إنه يوفر ختم موافقة "حسن التدبير الداخلي" الذي يمكن أن يتيح المساعدة من العديد من المصادر الدولية الأخرى في القطاعين العام والخاص.


٦- إن تعيين حاكم لمصرف لبنان المركزي ملتزم بإعادة الثقة في السياسة المالية والنقدية للبنان، والوفاء بمعايير مجموعة العمل المالي أمر ضروري.

بمجرد تعيين رئيس وحكومة جديدين في مكانهما، سيتم اختيار حاكم جديد للمصرف المركزي. سيكون هذا الاختيار بمثابة اختبار مبكر لالتزام القيادة السياسية بالإصلاح الحقيقي. يجب أن يتمتع الشخص المعيّن بالخبرة والملف الشخصي اللذين سيساعدان في استعادة الثقة المحلية والدولية في المنصب وتمكين شاغل الوظيفة الجديد من العمل مع الحكومة لتحقيق الاستقرار في عملة البلاد والاحتياطيات الأجنبية وإصلاح القطاع المالي. ستتطلب استعادة الثقة الدولية بالقطاع المالي اللبناني التعاون مع سلطات مجموعة العمل المالي الدولية لضمان التزام لبنان بأعلى معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يصب في مصلحة لبنان.

٧- إنشاء صندوق ثروة سيادي.

مع تسارع تطوير حقول الغاز البحرية المحتملة في لبنان، سيكون من الضروري للرئيس المقبل والحكومة حماية أي عائدات ناتجة عن إنتاج الطاقة من الفساد أو سوء التخصيص. بصرف النظر عن السلوك الاجرامي، ينبغي مقاومة إغراء استخدام هذا الدخل لمعالجة أزمات الإيرادات الحكومية القصيرة الأجل. توجد العديد من النماذج لأنواع صناديق الثروة السيادية التي يمكن أن تضمن عدم تبديد هذا المصدر المحتمل الجديد للثروة.

٨ - يجب تعزيز مشاركة المغتربين من خلال صندوق استثمار.

تتمثل إحدى طرق تقوية القطاع الخاص اللبناني في تعزيز ريادة الأعمال والاستفادة من الشباب اللبناني المهرة من خلال إنشاء صندوق استثماري حاضن لهم. يمكن رعاية هذا الصندوق من قبل الدول المانحة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، وكذلك الحلفاء الإقليميين بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر. يمكن للاغتراب اللبناني أن يؤدي دوراً حاسماً من خلال استثمار رأس المال والمساهمات العينية من مواهبه الكبيرة. يمكن إدارة الصندوق من قبل مجلس إدارة يضم أعضاءً من الشتات، وقادة أعمال، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، والأوساط الأكاديمية، والمؤسسات التعليمية، وتوجيه الأموال الأولية كحصص أو قروض للشركات الناشئة ورواد الأعمال في جميع أنحاء لبنان، مع إعطاء الأولوية للنساء والشباب.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم