الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

لبنان غير قادر على مواجهة انتشار "أوميكرون"... أرقام وحقائق تحكي خطورة المرحلة المقبلة

المصدر: "النهار"
في مواجهة الوباء (مارك فياض).
في مواجهة الوباء (مارك فياض).
A+ A-
هبة علّام 
 
هبّت العاصفة الوبائية مع بدء استقبال لبنان للمنخفضات الجويّة والشتاء. وبدأ الوضع الصحيّ ينزلق إلى مستويات أكثر خطورة، بعد ارتفاع أعداد الإصابات بكورونا والدخول مرحلة المتحوّر الجديد "أوميكرون" سريع الانتشار، بعد أنّ سجّل مركز تشخيص كورونا في الجامعة اللبنانية أكثر من 60 إصابة مثبتة، وسط تراخ في الإجراءات الوقائية ونظام صحيّ مهترئ ووضع اقتصاديّ منهار.
 
ومع بدء عطلة الأعياد والإجراءات التي اتّخذتها لجنة متابعة كورونا الوزارية لجهة منع التجوّل الليلي، والتخفيف من التجمّعات إلّا بقدرة استيعاب معيّنة حدّدتها مع وزارة السياحة. لا يزال هناك خوف من الوصول إلى مرحلة "عدم السيطرة" مع التزايد اليوميّ الكبير للإصابات.
 
 
اللبنانيون غير مقتنعين بالإجراءات وعراجي يردّ 
هذه الصورة السوداوية لم تقنع لبنانيين كثراً بضرورة الالتزام بهذه الإجراءات الجديدة وتلقّي اللقاح، بل سجّلوا اعتراضات وصلت إلى حدّ التحدّي، معتبرين أنّه لا يمكن للمسؤولين فرض اللقاح على أحد، أو حجز حريّتهم لهذا السبب، طالما أنّ الملقّحين أيضاً يتعرّضون للإصابة وينقلون العدوى. لاسيّما بعد تصريحات منظمة الصحّة العالمية حول "انتشار "أوميكرون" على نحو سريع في البلدان التي بها مستويات مرتفعة من التطعيم بين السكان.
 
لبنانيون عبّروا عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ عن سخطهم من تلك الإجراءات التي اعتبروها عديمة الجدوى، لاسيّما في فترة الأعياد التي ينتظرونها ليشعروا بنوع من الأمل، ولكونها مناسبة تنشط فيها التجارة والسياحة في ظلّ هذا الركود والوضع المعيشيّ الصعب.
 
ومع ذلك، تبقى الحقيقة الثابتة أنّ أعداد الإصابات تزداد، ونسب الإشغال في المستشفيات تنذر بالخطر، فيما اتخاذ قرار إقفال البلد قد يكون أكثر خطورة على الناس.
 
رئيس لجنة الصحّة النيابية عاصم عراجي، تفهّم موقف اللبنانيين لجهة الإجراءات واللقاح، والتخبّط الذي يعيشونه بين الغموض المحيط بهذه الفيروسات، والواقع الصحيّ الملموس.

وفي حديث لـ"النهار"، لفت عراجي إلى أنّ "الإنسان يخاف عادة من أيّ شيء جديد وغير واضح، وأمام هذا النوع من الفيروسات لا يزال العلم يكتشف المزيد يوماً بعد يوم ويستنتج أموراً مستجدة على تركيبته وتطوره، لذلك فإنّ ردّة فعل البعض قد تكون طبيعية، والأمر ليس في لبنان فقط إنّما في معظم الدول، والدليل على ذلك التظاهرات التي شهدناها في أوروبا".
 
وتايع: " لكنّ اللقاح ضروريّ، لأنّه يحمي من الوصول إلى مرحلة الاستشفاء ويحدّ من عوارض الإصابة، ففي لبنان 80 إلى 85% ممن يدخلون العناية الفائقة هم من غير الملقّحين".
 
 
عراجي: أوميكرون ينتقل بثوان ولا تفكير بالإقفال حتّى الآن
يتحدّث عراجي عن متابعاتهم العلمية لتطوّر الفيروس وطبيعة المتحوّر الجديد "أوميكرون"، ويؤكد أنه "بحسب التقارير الطبية الأوروبية فإنّه سريع الانتشار، وهو أسرع من المتحوّر دلتا بـ5.6 مرات، ما يعني أنّه بعد فترة وجيزة لن تتمكّن حتى الدول الغنية والتي تتمتّع بنظام صحّي كامل من ضبطه والحدّ من انتشاره".
 
"إمكانياتنا تكاد تكون معدومة اليوم"، بهذه العبارة وصف عراجي مشهد الواقع الصحّّي والاقتصادي على حدّ سواء. ويقول: " لهذه الأسباب طلبنا من المواطنين الالتزام بالإجراءات، نحن لا نريد الوصول إلى خيار إقفال البلد، وهو الكأس المرّ الذي سنشربه جميعاً".
 
وأكّد " أنّ المعنيين على يقين بأنّ الناس لن تلتزم في حال اتّخذ قرار الإقفال، لذلك نقول اليوم لهم التزموا وخففوا من  التجمّعات في البيوت والأماكن المغلقة، لأنّ أوميكرون ليس كباقي المتحوّرات، ويمكنه الانتقال بثوان من شخص إلى آخر بعكس باقي المتحوّرات التي تنتقل بحدود الـ15 دقيقة".
 
وبالرغم من كلّ ذلك، يشير عراجي إلى أن "لا تفكير بموضوع الإقفال من قبل المعنين في الوقت الحاضر بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، لكنّ الأمر يبقى معلّقاً على المسار الوبائي في البلد وتطوره، وبالتالي في حال وصلنا إلى مرحلة إشغال تام لغرف العناية الفائقة، وعدم وجود قوارير أوكسيجين للمرضى، سنضطرّ مرغمين إلى الإقفال".
 
 
أرقام وتفاصيل تكشف معالم خطورة الوضع الصحّي والوبائيّ
خطورة الدخول في متاهة المتحوّر الجديد "أوميكرون" سريع الانتشار، تتبعها خطورة عدم قدرة لبنان على مواجهته بعكس المرحلة السابقة، في ظلّ واقع صحيّ لا يمتلك أدنى مقوّمات الصمود.
 
وفي الإطار، يتناول عراجي بعض الأرقام والقدرة الاستيعابية في المستشفيات مقارنة مع الفترة ذاتها من العام المنصرم. ويشير  إلى أنّ "جهوزية المستشفيات الآن تبلغ نسبتها 40% فقط  من تلك النسبة التي كانت متوفرة في العام الماضي، حيث كان هناك حوالى 2500 سرير بين أسرّة عناية فائقة وأسرّة عادية، فيما اليوم لا يتعدّى عدد الأسرّة الـ916 سريراً، نسب الإشغال في المستشفيات فاقت الـ90% في بعض المناطق اللبنانية".
 
وما يفاقم الأزمة اليوم هو انعكاس الوضع الاقتصادي على الواقع الصحّي، وعدم قدرة المسشتفيات على فتح أقسام مخصّصة لكورونا. وذلك بسبب "انخفاض عدد الطاقم التمريضي الذي هاجر بمعظمه بسبب الظروف المادية، إضافة إلى عدم قدرة المستشفيات المادية لإعادة تجهيز أقسام جديدة"، بحسب ما شرح عراجي.
 
ويضيف: " هذه ليست المشكلة فقط، إنّما أيضاً كلفة الاستشفاء أصبحت مرتفعة جداً، حيث باتت تكلفة ليلة العناية الفائقة تتراوح بين 8 و10 ملايين ليرة، وأسعار الأدوية "نار". وحتى لو أراد المريض تلقّي العلاج خارج المستشفى، فإنّ ذلك أصبح مكلفاً أيضاً، فيما جهات الضمان غير قادرة على تسديد الفاتورة. وهذا ما نخاف منه، بألّا يتمكّن من لا قدرة مادية لديه من تلقي العلاج في كلّ أشكاله، ونكون أمام كارثة إنسانية لن نستطيع ردعها". وتساءل "كيف سنواجه متحوّراً سريع الانتشار كـ"أوميكرون" بهذه الإمكانيات شبه المعدومة؟".
 
واقع مرير، يبدو أنّه في انتظارنا في المرحلة المقبلة مع سرعة تفشّي "أوميكرون" في ظلّ أدنى مقوّمات صمود القطاع الصحّي وعدم اقتناع بعض المواطنين بكلّ إجراءات الدولة، بينما هم منهمكون في تأمين قوت يومهم، ويصارعون الموت وهم أحياء. 


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم