الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

في معبد الروح

المصدر: النهار - ريمون مرهج
ما أروع الإحساس حينما يمتزج في روحنا سوياً، فنتبادل مشاعر حبّنا بصراحة، وصدق يبعث الثقة في أعماقنا!
ما أروع الإحساس حينما يمتزج في روحنا سوياً، فنتبادل مشاعر حبّنا بصراحة، وصدق يبعث الثقة في أعماقنا!
A+ A-
ما أروع الإحساس حينما يمتزج في روحنا سوياً، فنتبادل مشاعر حبّنا بصراحة، وصدق يبعث الثقة في أعماقنا!
كيف لا، ونحن روح واحدة، ولدى قلبينا حبّ لم تعرف مثيله الأرض بعد، ولا حتى روايات العشق العظيمة عبر التاريخ؟
عندما أراك وأنظر إلى عينيك، يتوغّل نور حنانك في جسدي، ويضمّني إليك بقوة لا توصف. وحينما تبتسمين، تُزهر حياتي وروداً ورياحين... وكما أشعر أنا، أنت كذلك تفطنين وتشعرين. إن أراد الكتّاب والشعراء وصف ما بيننا لكان وصفهم "مملكة الحب"، وإن رغب فلاسفة الحياة وعلماء الكون في شرح عالمنا لقالوا إنّه موطن الملائكة، وإننا نادرون جداً، وإن كتب عنه العشّاق لأسموه مدرسة الحبّ الوجداني الطاهر.
وصلت إلى معبد روحنا، حيث السكون وأريج السماء يظلّل أنفاسي؛ هناك حيث ترمي شمس الغروب بوشاحها على أشجار السنديان، وتغرّد الطيور التراتيل والصلاة، فيبتسم الله لكلّ مخلوقاته. وصلت، صلّيت، وجلست على صخرة أنتظر ملاك روحي، وأتصفّح ذكرياتنا سوياً، فهي لا تعلم بقدومي، بل أنا العالم بمجيئها اليوم. مرّ الوقت منتظراً مسترسلاً بهدوء النسيم، وأنا أكتب ولهاناً بروحها. فجأة، سمعت وقع أقدام تقترب مني؛ التفت، وكانت هي، فقد شعّ وهجها في وجهي، وغمرتنا لحظات من الصمت والدّهشة، تلتها نظرات فرح، سكبت في كلّ منّا خمرة الاشتياق والحنين. صرفت وجهها نحو المعبد، ثمّ التفتت نحوي قائلة: ماذا تفعل هنا؟
- أنتظرك فقد علمت بقدومك
- ‏ أنت مجنون؟ إن رآنا أحد؟
- ‏هنا في معبدنا لا يقصده الناس، وروحي عطشانة إليك، وتاقت لهاتين العينين بجنون. انظري إليّ!
نظرت لهنيهة، وابتسمت، وفي تلك البرهة تفجّر في فؤادي نبع حبها وحنانها، فابتسمت، وأمسكت يدها، فهمست بصوت خافت: لا حبيبي، أرجوك المكان يقصده أناس كثر.
- لا أحد هنا ملاك روحي.
ثمّ أخذت كفّ يدها، وطبعت عليها قبلة صرخ لها قلبي مردّداً: أحبّك، أنا متيّم بك، وما بيننا طاهر، وهو أكبر من أيّ حبّ، وأثمن من كنوز الدنيا كلّها. نحن روح واحدة.
أجابت: أعلم وأدرك ذلك، وأنا أحبّك، ولكن الآن عليّ أن أرحل.
- حبيبتي، ملاكي، تعالي إليّ، أودّ أن أضمّك إلى صدري بين ضلوعي، ولو للحظة، فأنا أريد أن أخبّئك في فؤادي، فيحيا بحبّك للأبد.
-‏لا لااا .... تردّدت قائلة، فأخذت بيدها، وأنا أتطلّع إلى مقلتيها، فرأيتهما تقولان لي، وأنا أيضا أريد ضمّك. أحبّك، ولكن الخوف يعتريني. مشّطت شعرها بأصابعي، وداعبت خدّها الناعم، ثمّ حضنت يداي خصرها، وغمرتها، وقبّلت جبينها.
كالبركان خفق فؤادي بقوة حتى سمع قلبها نبضاته، فقالت: حبيبي لماذا قلبك تتسارع دقّاته وتعلو؟ فأجبتها: ملاكي اغمريني، وضعي رأسك على صدري. فانحنت واتّكأت. في تلك اللحظة انسابت عطور روحنا في جسدينا، فقد تركنا العالم وغدونا في عالمنا. في تلك البرهة، أدركت أنني إنسان حيّ، له قلب ينبض، وشعرت بدفء حبّها يتدفّق في شراييني. نظرت إليّ قائلة: حبيبي كفى، عليّ الرّحيل. ابتسمت، وقلت: يا روح العمر، تختلج في أعماقي مشاعر فرح لا توصف، ولا مفردات في اللغة لأتكلم عنها. انتبهي لنفسك ولروحي القاطنة في صدرك دوماً!
- أنت دوماً في حنايا روحي. سمعاً وطاعة.
- ‏أنت سيدتي وكلّ حياتي، كوني بخير.
ودّعنا بعضنا، ورحلت على أمل لقاء جديد، وفي قلب كلّ منّا حبّ وجدانيّ لا ينطفئ، وفرح لا يُدركه البشر. أحبّها، وسأبقى إلى الأبد.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم