الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

وداعا مهرجان الموسيقى ولكن...

المصدر: النهار - ياسمين مجدي عبده
بالهدوء نفسه الذي استقبلنا فيه مهرجان الموسيقى العربية في دورته التاسعة والعشرين نودّعه
بالهدوء نفسه الذي استقبلنا فيه مهرجان الموسيقى العربية في دورته التاسعة والعشرين نودّعه
A+ A-
بالهدوء نفسه الذي استقبلنا فيه مهرجان الموسيقى العربية في دورته التاسعة والعشرين نودّعه وكأنه كان حلماً بالرغم من استمراره عشرة أيام كاملة. نعم يا سادة، عشرة أيام كاملة ولكنه كان حلماً قصيراً سريعاً، مرّ كأنه رياح عاتية، استمتعنا من خلال الليالي الجميلة بأعذب الكلمات والألحان من أفواه أعذب الأصوات في مصر والوطن العربي. صحيح أنها كانت بلا روح، ليس مثلما كان يغنيها مطربوها الأصليون، ولكن استرجعنا فيها كنوز الزمن الجميل من أغانٍ جميلة تغنى بها نجوم العصر الذهبي وكانت من أبرز العلامات في مشوارهم الفني. ما أعجبني في هذا المهرجان، والذي تغفله معظم المهرجانات الأخرى، هو تكريم بعضٍ من رموز الفن في مصر من كبار الملحنين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الفن المصري الأصيل، سواء كان مادياً من خلال التكريم في حفل الافتتاح أو التكريم المعنوي من خلال ترسيخ ألحانهم في وجدان الجيل الجديد حيث تغنّى بها العديد من مطربي الشباب نجوم دار الأوبرا المصرية.
هذه يا سادة هي المرأة المصرية الدؤوبة التي تفعل كل ما في وسعها من أجل تقدم ورفعة البلاد، ليس فقط كونها زوجة وربة منزل، ولكن رأيناها تعمل في كل شيء وتجسّم لنا أعظم مثال في شخص السيدتين الفنانتين معالي وزيرة الثقافة والسيدة جيهان مرسي مديرة المهرجان اللتين وقفتا في وجه الرياح العاتية. فمنذ أن اندلعت جائحة كورونا ومعالي الوزيرة لم تهدأ لحظة من أول قناة اليوتيب حتى إقامة هذا المهرجان، فكانت لا تهدأ حتى الليلة الأخيرة في ليالي المهرجان. كانت تصول وتجول في جميع دور الاوبرا بجميع المحافظات تطمئنّ بنفسها على سير المهرجان على كل الأصعدة، كما كانت تقيم مسابقات على هامش المهرجان وهذا ما تفاجأنا به في حفل ختام المهرجان: مسابقات للغناء والعزف لجميع الأعمار، حتى الأطفال، ومسابقات خاصة لذوي القدرات الفائقة... ولكن لا بدّ هنا من ملاحظة للدورات القائمة وهي لماذا لا نشاهد فعاليات تلك المسابقات من بيوتنا مثلما كنا نتابع الحفلات على القنات الفضائية؟ ولماذا لا تكون هناك قناة خاصة بالمهرجان لنقل جميع الفعاليات لمن لم يستطع أن يذهب للمهرجان؟ بالطبع أهنئ معالي الدكتورة إيناس عبد الدايم على عمق تفكيرها وتذكرها لتلك الفئة من المجتمع وإيمانها القوي أن من حقهم أن يبدعوا ويبرزوا مواهبهم مثلهم مثل الأسوياء، فهذا هو حقهم في الحياة، فكونهم غير أسوياء ولديهم بعض القدرات الخاصة لا يمنعهم أبداً من أن يبرزوا مواهبهم وعلينا تقبّلهم، لكن الخطأ هنا أنه كان لا بد أن نسمع تلك الأصوات على المسرح في ختام المهرجان بدلاً من حفل الختام الذي جاء باهتاً خالياً من عنصر الإمتاع اللهمّ إلا حفل الفنان صابر الرباعي.
وهنا لا نغفل أن نوجه الشكر لكل الجنود المجهولين الذين كانوا يعملون ليل نهار من خلف الستار، فلا يراهم أحد مثل الفرقة الموسيقية التي بذلت مجهوداً جباراً من أجل خروج تلك الحفلات على أكمل وجه، ولا ننسى ورشة دار الاوبرا التي أخذت على عاتقها العمل الشاق في بناء هذا المسرح في الهواء الطلق منعاً لانتشار فيروس كورونا وحتى نضمن عدم وجود إصابات جديدة، فهنيئاً لمن حضر تلك الحفلات لأنه بالتأكيد كان يشعر أنه يجلس مع عمالقة الغناء في مصر، العندليب الأسمر وكوكب الشرق، وتشعر وكأنهما معنا يشاركاننا الاستمتاع بأغانيهما عندما يتغنى بها المطربون الشباب وأيضاً الشباب من حضور الحفل، كأنهما يتأكدان بنفسيهما أننا ما زلنا نتذكرهما، ما زلنا نربي أبناءنا على سماع أغاني الطرب الشرقي الأصيل، فنساهم في رقي أرواحهم وسمو أخلاقهم ونبعدهم عن هذا التلوث السمعي والانحدار الأخلاقي الذي نسمعه الآن؛ وما نجاح هذا المهرجان إلا وقوفه صامداً أمام جميع الرياح العاتية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم