الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

شهادات توثّق معاناة السائقين العموميّين... وما الذي يضمن ألا يتحوّل الدعم سوقاً سوداء؟

المصدر: النهار
طوابير الذل أمام محطات الوقود (حسام شبارو).
طوابير الذل أمام محطات الوقود (حسام شبارو).
A+ A-

في السادسة صباحاً من كلّ يوم، يستيقظ سائق الفان سعيد جميل سنغري، ليتوجّه الى عمله على خطّ طرابلس - بيروت. يمكن لسعيد أن ينتقل يومياً على هذا الخطّ لثلاث مرّات، بحيث يبقى في العمل لغاية الساعة السابعة مساءً، إلّا أنّ قلّة الركاب لا تسمح له سوى بالانتقال مرّتين خلال النهار الواحد. ورغم ذلك، يبذل سنغري، الوالد لسبعة أولاد، قصارى جهده لعدم العودة الى منزله قبل حلول الظلام تفادياً للالتقاء مع أفراد أسرته بسبب الوضع الاقتصاديّ الصعب.

 

  قلّة الركّاب

تسعيرة راكب الفان على هذا الخطّ تتراوح حاليّاً بين 25 ألف ليرة إلى 35 ألف ليرة بحسب مكان نزول الراكب، وفي السابق كان الفان ينطلق من عاصمة الشمال بسعة قصوى تبلغ 14 راكبا،ً في حين أنّ قلّة الركاب دفعت السائقين إلى الاكتفاء بعشرة ركّاب فقط. أمّا مصاريف الرحلة فلا تقتصر على تنكة ونصف من البنزين، وإنّما يحتاج السائق كذلك الى دفع مبلغ 20 ألف ليرة لساحة الموقف في كلّ من طرابلس وبيروت. هذا السعر يتضاعف لأصحاب سيارات الأجرة بحيث يدفعون 50 ألف ليرة لصالح موقف "كاراج ساعة التلّ"، كما أنّ حسابات صاحب سيارة الأجرة تختلف عن حسابات صاحب الفان.

 

 تقنين عمل السائقين

بدوره، يكشف بسّام جلول، صاحب شركة سيارات عمومية تضمّ 42 سيارة، كيفية مواجهة الأزمة من خلال تقنين عمل السائقين، بحيث يعمل السائق ليوم واحد ليعطّل بعدها يومين. أمّا تسعيرة سيارة الأجرة التي تحتاج الى تنكة بنزين بسعر 320 ألف ليرة فتبلغ 600 ألف ليرة، يتمّ تقسيمها على عدد الركاب الذين يكونون عادةً 4 أشخاص. وعلى الرغم من أنّ الكثير من المواطنين باتوا يعتمدون على النقل العام بدلاً من استخدامهم للسيارات الخاصّة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، إلّا أنّ هؤلاء عادةً ما يلجؤون الى الفانات وليس الى سيارات الأجرة نظراً إلى الفارق الكبير في الأسعار.

 

  المواطنون ضحايا غياب الدعم

في المقابل، هذه الأسعار التي يرى فيها السائقون هدراً لحقوقهم، يرى فيها بعض المواطنين عائقاً كبيراً أمام قدرتهم على التنقّل الى أماكن العمل، فنسرين السبع التي تنتقل يوميّاً من برج البراجنة الى وسط بيروت حيث مكان عملها، تدفع مبلغ 12 ألف ليرة إلى فان رقم 4 بعد أن كانت التكلفة لا تتجاوز الألف ليرة قبل الأزمة. الارتفاع الكبير في أسعار الأجرة لم يواكبه ارتفاع في الرواتب التي يحصل عليها الموظفون، لذا بات معظم الموظفين يتكبّدون نصف المعاش كمصاريف نقل.

 

ولا شكّ أنّ الأوضاع الاقتصاديّة التي يُعاني منها السائقون العموميون باتت خطيرة جدّاً، خصوصاً إذا ما تطرّقنا الى قطع الغيار والزيت وغيرها من المصاريف التي يتكبدونها بسعر الدولار، إلّا أنّ مشاكل هذا القطاع لا تقتصر على ذلك. بحيث يُعاني كذلك من تعدّيات الشركات الوهمية والشركات التي تستخدم السيارات الخصوصية، وكذلك عمل السائقين الأجانب، وفقاً لما كشف رئيس اتّحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الشمالي شادي السيد لـ"النهار". فضلاً عن ذلك، لم تعد التقديمات الاجتماعية كالضمان الاجتماعي التي يحصل عليها السائقون العموميّون ذات جدوى بعد الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسميّ وسعر السوق السوداء.

 

  البطاقة البيومتريّة

هكذا، يؤكّد السيد أنّ الحلّ الوحيد هو باعتماد خطّة الدعم التي سبق أن تمّ الاتفاق عليها مع رئيس الحكومة، ولكن ماذا يضمن بألّا يتحوّل هذا الدعم الى سوق سوداء، على غرار ما حدث خلال أزمة المحروقات التي سبقت رفع الدعم؟ يُجيب السيد بأنّ آلية الدعم مختلفة اذ أنّها تعتمد على منح كلّ سائق بطاقة بيومترية يحصل من خلالها على تنكة بنزين يومياً، مع إلزام السائق العمومي بتسعيرة موحّدة ستكون حتماً أقل من تسعيرة السائقين غير الشرعيين، في حين أنّ التسعيرة حالياً تخضع لقاعدة "كلّ واحد فاتح على حسابه". كما يُطالب السيد بإعداد مرسوم يعفي السائقين من رسوم الميكانيك لهذا العام على غرار العام الماضي.

 

وفي السياق، أعلنت اتّحادات ونقابات قطاع النقل البريّ عن تنفيذ إضراب نهار الخميس المقبل للمطالبة بتنفيذ الاتفاق الذي توصّلت اليه النقابات مع رئيس الحكومة. ووفقاً لمعلومات "النهار"، فمن المنتظر أن يتخلل الاعتصام تصعيد كبير بحيث يشمل تحرّكات وتظاهرات تشلّ حركة السير على معظم الأراضي اللبنانية. مع الإشارة الى أنّ خطة الدعم تقضي بأن يحصل السائق العموميّ على مبلغ شهري بقيمة 500 ألف ليرة بدل قطع غيار وصيانة، بالإضافة الى تنكة بنزين بسعر 100 ألف ليرة وتنكة مازوت بسعر 70 ألف ليرة يوميّاً.

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم