الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

"الحسكة التي تسند الخابية"... المزارعون يواجهون أقدارهم شمالاً على أبواب الشتاء

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
طوني فرنجية
 
لم يعد المزارعون وسكان الجرود الشمالية يسألون الله المطر والشتاء، وإن كان ذلك مطلبهم الأساس لتعطي أرضُهم مواسم الخير والبركة، وذلك خوفاً من الصقيع والبرد والثلج، في زمن تلفّ فيه الضائقة الاقتصادية الخناق على رقابهم، ولم يعد بإمكانهم تأمين قوتهم اليومي، فكيف بالتدفئة واتقاء البرد؟
 
فالكهرباء مقطوعة باستمرار، والمازوت بدولار السوق السوداء، وكيف الحال إذا كان فصل الشتاء قارس البرودة، خصوصاً في المناطق الوسطيّة والجبليّة، ولا قدرة للأهالي على مواجهة هذا التحدّي لكون مواسمهم كاسدة، وإنتاجهم الحقليّ لا يُباع، وهو إلى الأمس القريب كان مورد الرزق الوحيد، ما منع عليهم نعمة العيش الرغيد. فالفلاح لم يعد مكفيّاً، ولا سلطاناً مخفيّاً، بل أضحى تحت خط الفقر المدقع.
 
ولما أضحت مستلزمات الإنارة والتدفئة من الصعوبة بمكان مع ارتفاع أسعار المحروقات، خاصّة مادتي المازوت والغاز، لجأ الأهالي إلى الحطب لتأمين احتياجاتهم على حساب أشجارهم المثمرة، التي كسحوها في التقليم، لتأمين مونة الشتاء من الحطب للتدفئة. وإذا لم تكفهم لجأوا إلى التحطيب من الغابات والأحراج والمشاعات المجاورة لعدم تكبّد نفقات النقل.
 
 
وفي ظل غياب كهرباء الدولة التي كانت بمثابة "الحسكة التي تسند الخابية"، وخوفاً من فاتورة مولّدات الكهرباء، التي خرجت عن قدرة الأهالي على الدفع، يؤكّد الأهالي أنّهم استبدلو المواقد التي كانت تعمل على المازوت بأخرى على الحطب لأن سهولة تأمينه أكبر من المحروقات، وأقلّ تكلفة بالنسبة إليهم، كما أنّه يُمكنهم الاستفادة من فحمه وجمره لاستعمالات أخرى كالطهو.
 
بطرس فضّول وصف الوضع الاقتصادي والمعيشي للأهالي في الجرود الشمالية "بالصّعب جدّاً والمقلق. فانقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات وضعانا أمام حائط مسدود... فعمدنا إلى الحطب لاجتياز مواسم البرد ومواجهة تحدّي الصقيع، وإن شاء الله نستطيع ذلك بأقلّ خسائر ممكنة".
 
يوسف ساسين من جهته أكّد أن "الوضع مقلق، فلا غاز ولا كهرباء ولا مازوت، والأسعار كلّها نار، ولا حلّ أمامنا إلا الحطب، ونعوّل على المغتربين في المساعدة، وهم حتى الساعة لم يبخلوا علينا بذلك، إن كان على صعيد الموادّ الغذائية أو الأدوية وحتى فواتير المولدات. وفي بعض الأحيان يدفع هؤلاء "الكاش "لسدّ العوز في ظلّ غياب تامّ لأيّ مساعدة رسميّة أو حكوميّة، وكأننا "مقطوعين من شجرة، ولا أحد يسأل عنا."
 
 
البلديات واتحادات البلديات من جهتهما غير قادرين على تقديم أي مساعدة للأهالي من أيّ نوع كانت، بعد تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار؛ والخدمات الأساسية التي يقومون بها قد تنتفي نظراً إلى الخلاف بينهم وبين متعهّدي الورش الذين يطالبون بالفريش دولار فيما الميزانيات بالليرة اللبنانية.
 
وهكذا، ومع دخولنا فصل الشتاء، يبدو أننا متروكون لقدرنا، نصارع البرد باللحم الحيّ كما تقول أكثرية سكّان الجرود؛ وإن خرجنا منه بسلامة يكون قد كتب لنا عمر جديد.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم