الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

بعد محنة طويلة... العثور على طفل فُقِد وسط فوضى الجسر الجوي في أفغانستان (صور)

المصدر: "رويترز"
 العثور على طفل فُقِد وسط فوضى الجسر الجوي في أفغانستان.
العثور على طفل فُقِد وسط فوضى الجسر الجوي في أفغانستان.
A+ A-
التأم شمل طفل بأقاربه في كابول، يوم السبت، عقب العثور عليه بعد فقدانه عندما سلّمه والده لجندي عبر سياج المطار وسط الفوضى التي سادت عملية الإجلاء الأميركية من أفغانستان.

كان عمر الطفل سهيل أحمدي شهرين فقط عند انفصاله عن الأسرة في 19 آب الماضي، حين اندفع الآلاف في محاولة لمغادرة أفغانستان عقب سقوطها في أيدي حركة "طالبان".

وفي أعقاب تقرير حصري نشرته "رويترز" في تشرين الثاني الماضي مع صور الطفل المفقود، تم تحديد مكانه في كابول، إذ عثر عليه سائق سيارة أجرة يدعى حامد صافي (29 سنة) في المطار وأخذه إلى بيته لتربيته.

وبعد مفاوضات ومناشدات استمرت أكثر من سبعة أسابيع، بل واعتقال شرطة "طالبان" لصافي لفترة قصيرة، وافق سائق سيارة الأجرة في النهاية على إعادة الطفل إلى جده وأقاربه الذين لا يزالون في كابول وسط فرحة عارمة.
وقال أهل الطفل إنّهم سيعملون الآن من أجل أن يجتمع شمله بوالديه وأشقائه الذين تم إجلاؤهم قبل أشهر إلى الولايات المتحدة.

وخلال البلبلة التي صاحبت عملية الإجلاء من أفغانستان أثناء الصيف، كان ميرزا علي أحمدي، والد الطفل الذي عمل حارساً أمنياً بالسفارة الأميركي، وزوجته ثريا، يخشيان أن ينسحق ابنهم في الزحام أثناء اقترابهم من بوابات المطار في طريقهم لاستقلال طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة.

قال أحمدي لـ"رويترز"، في أوائل تشرين الثاني، إنّه سلّم سهيل بدافع الشعور باليأس في ذلك اليوم عبر سياج المطار إلى جندي أميركي فيما يعتقد وهو يتوقع تماما أنه سيتمكن من اجتياز الأمتار الخمسة الباقية حتى البوابة لاستعادته.
 


في تلك اللحظة دفعت قوات "طالبان" المتجمهرين إلى الوراء لتمر نصف ساعة أخرى قبل أن يتمكن أحمدي وزوجته وأطفالهما الأربعة الآخرون من الدخول.
لكنهم لم يعثروا للطفل الرضيع على أثر.

قال أحمدي إنّه بحث باستماته عن ابنه داخل المطار ورجح له المسؤولون إن يكون قد نُقل بالفعل إلى خارج البلاد على رحلة منفصلة ومن الممكن أن يلحق بالأسرة فيما بعد.

وتم إجلاء بقية أفراد الأسرة وانتهى بها الحال في النهاية في قاعدة عسكرية في تكساس. ومرّت شهور دون أن تعرف الأسرة شيئاً عن مصير ابنها.

وتُسلّط هذه الحالة الضوء على محنة آباء كثيرين انفصلوا عن أطفالهم خلال فوضى عملية الإجلاء العاجلة وانسحاب القوات الأميركية من البلاد بعد حرب استمرت 20 عاماً.

ولعدم وجود سفارة أميركية في أفغانستان، ولشدّة الضغط على المنظمات الدولية، واجه اللاجئون الأفغان صعوبة في الحصول على إجابات عن تساؤلاتهم عن توقيت التئام الشمل بأفراد أسرهم أو إمكانيته.

ولم ترد وزارات الدفاع والخارجية والأمن الداخلي الأميركية على طلبات للتعليق على هذا التقرير يوم السبت.
 


وحيد في المطار

في اليوم ذاته الذي انفصل فيه أحمدي وأسرته عن الطفل الرضيع، تسلّل السائق صافي عبر بوابات مطار كابول بعد أن قام بتوصيل أسرة شقيقه التي كان من المقرر إجلاؤها أيضاً.

قال صافي إنّه وجد سهيل يبكي وحيداً على الأرض. وبعد أن فشل في محاولة العثور على والدي الطفل داخل المطار قرر العودة به إلى البيت لزوجته وأطفاله. ولصافي ثلاث بنات، وقال إنّ أعظم أمنيات والدته قبل وفاتها أن يكون له ولد.

قال صافي لـ"رويترز"، في مقابلة في أواخر تشرين الثاني، إنّه قرر في تلك اللحظة أن "أحتفظ بهذا الرضيع. وإذا ظهرت أسرته فسأعطيه لها. وإذا لم تظهر فسأربيه أنا".

وقال صافي لـ"رويترز" إنّه أخذ الطفل إلى الطبيب لفحصه بعد العثور عليه وسرعان ما أصبح الطفل فرداً من أفراد الأسرة.

وأطلقت الأسرة على الطفل اسم محمد عابد ونشرت صوره مع صور أطفالها على صفحة على "فايسبوك".

وبعد نشر تقرير "رويترز" عن الطفل المفقود، تعرّف بعض جيران صافي، الذين لاحظوا عودته من المطار قبل أشهر ومعه رضيع، على الصور ونشروا تعليقات عن مكان وجوده على نسخة مترجمة من التقرير.

وطلب أحمدي من أقاربه المقيمين في أفغانستان ومنهم والد زوجته محمد قاسم رضوي (67 عاماً)، الذي يعيش في إقليم بدخشان في الشمال الشرقي، البحث عن صافي والمطالبة بإعادة الطفل للأسرة.

قال رضوي إنّه سافر على مدى يومين وليلتين إلى العاصمة حاملاً هدايا من بينها خروف مذبوح وعدة كيلوغرامات من الجوز وبعض الملابس لصافي وأسرته.
 


لكن صافي رفض التخلي عن سهيل وأصرّ أنّه يريد أيضاً إجلاءه عن أفغانستان هو وأسرته. وقال شقيق صافي الذي تم إجلاؤه إلى كاليفورنيا إن صافي وأسرته لم يتقدموا بطلبات لدخول الولايات المتحدة.

وطلبت أسرة الرضيع مساعدة الصليب الأحمر الذي تشتمل أهدافه على لم شمل من فرقتهم الأزمات الدولية لكنها قالت إنها لم تتلق معلومات تذكر منه. وقال متحدث باسم الصليب الأحمر إنّ المنظمة لا تعلق على حالات فردية.

وفي النهاية، وبعد الشعور بأنّ كل الخيارات نفدت، اتصل رضوي بشرطة "طالبان" المحلية للإبلاغ عن خطف الطفل. وقال صافي إنّه نفى الاتهامات في أقواله للشرطة وإنه يرعى الطفل ولم يخطفه.

حقّقت الشرطة في البلاغ، وقال قائد الشرطة المحلية لرويترز إنه ساعد في ترتيب تسوية تضمنت اتفاقا وقعه الطرفان ببصمات الأصابع. وقال رضوي إنّ أسرة الطفل وافقت في النهاية على تعويض صافي بنحو 100 ألف أفغاني (950 دولاراً) عن المصروفات التي أنفقها لرعاية الطفل على مدار خمسة أشهر.

وفي حضور الشرطة، ووسط دموع منهمرة، عاد الطفل أخيراً يوم السبت إلى أقاربه.

قال رضوي إنّ صافي وأسرته حزنوا حزناً شديداً لفراق سهيل. وأضاف: "كان حامد وزوجته يبكيان. وأنا بكيت أيضا. لكني طمأنتهم قائلاً إنّكما شابان وسيمنحكما الله الولد. ليس واحداً فقط بل عدداً من الأولاد. وشكرتهما على إنقاذ الطفل من المطار".

وقال والدا الرضيع لـ"رويترز" إنّ الفرحة غمرتهما عندما تمكّنا من رؤيته ومشاهدة التئام الشمل بالعائلة عبر مكالمة بالفيديو.

والآن يأمل أحمدي وزوجته وأطفالهما أن يتم قريباً نقل سهيل للعيش معهم في الولايات المتحدة بعد أن تمكنوا في أوائل كانون الأول من الانتقال من القاعدة العسكرية للإقامة بشقة في ميشيفان.
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم