الجمعة - 10 أيار 2024

إعلان

مناظرة ماكرون- لوبن: رؤيتان متعارضتان لمستقبل الاتحاد الأوروبي

المصدر: أ ف ب
ماكرون (إلى اليسار) ولوبن قبل مناظرتهما التلفزيونية في سان دوني شمال باريس (20 نيسان 2022، أ ف ب).
ماكرون (إلى اليسار) ولوبن قبل مناظرتهما التلفزيونية في سان دوني شمال باريس (20 نيسان 2022، أ ف ب).
A+ A-
أبرزت المناظرة المتلفزة، مساء الأربعاء، بين إيمانويل ماكرون ومارين لوبن، منافسته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرّرة الأحد، رؤيتيهما المتعارضتين لمستقبل الاتحاد الأوروبي. ففي حين تريد مرشّحة اليمين المتطرّف تحويله "تدريجياً" "تحالفا" بين "أمم" يرفع الرئيس المنتهية ولايته لواء "السيادة" و"الاستقلالية" الأوروبيتين.

وشكّل الخلاف بين ماكرون ولوبن حول مستقبل الاتحاد أحد محاور المعركة الكلامية التي دارت رحاها بينهما خلال مناظرتهما اليتيمة. 

واتّهم زعيم حزب "الجمهورية إلى الأمام" (وسط) زعيمة حزب "التجمّع الوطني" (الجبهة الوطنية سابقاً) ب"الكذب" على الناخبين، مؤكّداً أنّ رغبتها الحقيقة هي "الانفرادية" في حين أنّ "المطلوب هو إصلاح أوروبا وليس الخروج منها".

وردّاً على هذا الاتّهام قالت لوبن "أريد أن أبقى" في الاتّحاد الأوروبي لكن "أريد تعديله بعمق"، مؤكّدة أنّه "لا توجد سيادة أوروبية، لأنّه لا يوجد شعب أوروبي واحد"، ومشيرة بأصبع الاتّهام إلى "اتفاقيات التجارة الحرّة". 

إثر هزيمتها أمام ماكرون في انتخابات 2017، تخلّت لوبن عن سعيها لمغادرة الاتحاد الأوروبي، أو ما يُسمى فريكست، لا سيّما وأنّ غالبية الفرنسيين يؤيّدون البقاء في التكتّل. واليوم، باتت المرشّحة اليمينية المتطرّفة تدعو إلى "إنشاء تحالف أوروبي بين أمم يحل تدريجياً محلّ الاتحاد الأوروبي". 

وتقوم الخطة الجديدة للوبن، بحسب ما شرحت في المناظرة، على تنظيم استفتاء لتعديل الدستور الفرنسي من أجل أن ينصّ على سموّ القوانين الفرنسية على تلك الأوروبية وتضمينه كذلك مبدأ "الأولوية الوطنية" الذي من شأنه أن يمنح الأولوية للفرنسيين في الحصول على سكن اجتماعي أو تقديمات معيّنة.

- "بولندا بقوة 5" -
لكنّ هذه التعديلات تتعارض مع المعاهدات الأوروبية، وتمثّل برأي العديد من الخبراء الذين استوضحت آراءهم وكالة فرانس برس فريكست "مقنّعاً" أو "بحكم الأمر الواقع".

وقال فرانشيسكو ساراتشينو، الخبير في "المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية"، إنّ "دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لن تسمح لعضو مؤسّس بأن يطبّق هذا البرنامج. لا يمكن للاتّحاد أن يسمح بوجود بولندا بقوة 5 في صفوفه. ستكون هناك على الأرجح توتّرات شديدة للغاية".

ولوبن التي تريد تغيير التحالف، وجّهت مؤخراً انتقاداً شديد اللهجة إلى ألمانيا، الشريك التقليدي لفرنسا، بسبب "خلافات استراتيجية لا يمكن التوفيق بينها" حول التعاون العسكري-الصناعي بين البلدين.

ولا تخفي لوبن قُربها من المشكّكين بالوحدة الأوروبية خارج حدود فرنسا، كبولندا وهنغاريا على سبيل المثال، كما أنّها لم تتوانَ عن دعم رئيس الوزراء الهنغاري المحافظ فيكتور أوربان في رسالة مصوّرة بثّت خلال أحد التجمّعات الانتخابية.

لكنّ الخبيرة السياسية ناتالي بْراك تؤكّد أنّ لوبن "لديها عدداً قليلاً جداً من الحلفاء على المستوى الأوروبي. هناك حالة أوربان، لكنّ موقفها غير واضح في البرلمان الأوروبي، منذ انسحب حزبها من حزب الشعب الأوروبي"، التكتّل اليميني في البرلمان الأوروبي، وذلك في آذار 2021.

وتوضح الأستاذة في الجامعة الحرّة في بروكسيل أنّه "منذ وقت طويل نسمع هذه الفكرة القائلة بتشكيل جبهة أوروبية من يمين اليمين، لكنّ هذا الأمر لا يتحقّق على أرض الواقع".

أما ساراتشينو فيعتبر من جهته أنّ "التقارب الاستراتيجي بين حلف شمال الأطلسي وروسيا، والذي تقول لوبن إنّه سيحصل لا محالة ما أن تضع الحرب في أوكرانيا أوزارها، هو أمر يصعب مجرّد التفكير به في بولندا التي تختزن مشاعر عداء وتحدّ قديمة لروسيا".

- حسابات مالية متعارضة -
والتعارض بين ماكرون ولوبن ينسحب أيضاً على الشقّ المالي.

قالت لوبن في المناظرة إنّها تريد خفض مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بمقدار 5 مليارات يورو إلى 26.4 مليار يورو هذا العام.

أما طرح ماكرون فهو العكس تماماً، إذ إنّ الرئيس المنتهية ولايته شدّد خلال المناظرة على "السيادة الوطنية والأوروبية" وأوضح أنّ برنامجه يسعى لتحقيق "استقلالية أوروبية طاقوية وتكنولوجية واستراتيجية".

وفي رأي ساراتشينو فإنّ ماكرون ساهم في أنّ تقدّم فرنسا وألمانيا "دعماً كبيراً لخطة التعافي الأوروبية" بلغت قيمته 750 مليار يورو لمواجهة كوفيد، معتبراً إياه "إنجازاً لن يزول".

أما المأخذ على الرئيس المنتهية ولايته، برأي الخبير الاقتصادي الإيطالي، فهو أنّ "لدى إيمانويل ماكرون نوعاً ما السلوك الفرنسي المعتاد والقائل ’نفّذ ثم اعترض’، في حين أنّ الاتّحاد غالباً ما يتم بناؤه من خلال تنازلات صغيرة. على سبيل المثال، عندما يتحدّث عن ضريبة الكربون على الحدود الأوروبية كما لو أنّها أمر شبه محقّق، في حين أنّ الوضع ليس كذلك على الإطلاق". 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم