الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

طموحات المرتزقة الروس في أفريقيا... وإخفاقاتهم

المصدر: أ ف ب
آلاف يشاركون في مسيرة في باماكو للاحتجاج على العقوبات الاقتصادية الإقليمية الجديدة (14 ك2 2021، ا ب).
آلاف يشاركون في مسيرة في باماكو للاحتجاج على العقوبات الاقتصادية الإقليمية الجديدة (14 ك2 2021، ا ب).
A+ A-
يُشار إلى الكيانات العسكرية الروسية الخاصة على أنها "مجموعة فاغنر" ولو أن الأخيرة لا وجود لها قانونيا، وهي باتت تضطلع بأدوار رئيسية في الجغرافيا السياسية لروسيا في أفريقيا، من المصالح المالية إلى النفوذ السياسي.

ومنذ أشهر عدة، تندد دول غربية بوصول مرتزقة روس إلى باماكو. لكن المجلس العسكري الحاكم في مالي ينفي ذلك، مشددا في المقابل على ضرورة تعويض النقص في عديد قوة برخان الفرنسية لمكافحة الجهاديين.

وبحسب مصادر عدة وصل بالفعل مئات من عناصر هذه الكيانات الخاصة إلى مالي. وبين عامي 2016 و2021 رصد "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" ومقره واشنطن، وجودهم في السودان وجنوب السودان وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومدغشقر وموزمبيق.

ورُصدوا أيضا في بوتسوانا وبوروندي وتشاد وجزر القمر وجمهورية الكونغو الديموقراطية وغينيا وغينيا بيساو ونيجيريا وزيمبابوي. والقائمة قد تطول إذ تفيد مصادر أخرى بتواجدهم في عشرين بلدا.

- الكيانات العسكرية الخاصة والجغرافيا السياسية الروسية -
لا وجود قانونيا لمجموعة فاغنر، فهي ليست مسجّلة ولا سجل ضريبيا لها ولا هيكلية تنظيمية. وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض العام 2020 عقوبات على رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين المقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمموّل المفترض للمجموعة.

وفي كانون الأول فُرضت عقوبات جديدة على "فاغنر" بعد تأكيد وصول عناصرها إلى مالي. من جهتها، وصفت موسكو سلوك الغرب بأنه "هستيري".

يقول مدير مركز الإعلام السياسي في موسكو أليكسي موخين إن "مصالح دول عدة بما فيها الصين تتقاطع" في أفريقيا، مشددا على "حق كل دولة بالدفاع عن مصالحها التجارية".

ويشدد محلّلون غربيون على وجود تداخل بين القوات الروسية بما في ذلك أجهزة الاستخبارات الخارجية وأجهزة الاستخبارات العسكرية والجيش، وبين الكيانات العسكرية الخاصة.

وتقول المحللة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية كاترينا دوكسي إن الهدف من هذا التداخل هو "تمكين روسيا من توسيع نطاق نفوذها الجيوسياسي وإعادة تفعيل اتّفاقات أبرمت قبل انهيار الاتحاد السوفياتي".

وشكّلت القمة الروسية-الأفريقية التي عُقدت في العام 2019 منعطفا على هذا الصعيد. فمذّاك تتسارع وتيرة انتشار الكيانات العسكرية الخاصة في أفريقيا.

ويقول الباحث في جامعة الأخوين المغربية جليل لوناس: "هناك سياسة أفريقية لروسيا خصوصا في منطقة النفوذ التقليدي لفرنسا".

- أعمال مزدهرة -
وبحسب دوكسي تؤدي هذه الكيانات العسكرية الخاصة دورا في مبيعات الأسلحة الروسية، وأحيانا تكون هي الجهة المتسلمة. وتتولى حماية القادة المحليين ومواقع التعدين التي تدر عائدات أكثر أريحية مقارنة بالأسلحة.

وتشدد الباحثة على أن غالبية زبائن هذه الكيانات هم "بلدان تمتلك احتياطيات كبيرة من الموارد الطبيعية والمعدنية وموارد الطاقة".

وعلى غرار سوريا حيث ظهرت للمرة الأولى، تترصّد هذه الكيانات دولا أضعفتها أزمات أمنية، خصوصا في أفريقيا حيث "يشكّل المرتزقة معيارا" وفق جيسون بلازاكيس، مستشار مجموعة صوفان للأبحاث ومقرها نيويورك.

ويقول بلازاكيس: "نظرا إلى عدد البلدان التي هم فيها، يبدو نهج الكيانات العسكرية الخاصة ناجحا. لكن أي معلومات لا تتوافر حول عديدها وشؤونها المالية".

ويقول لوناس: "هناك عقود كثيرة موقّعة في مالي" لا تشمل أي شروط  على صلة بالحكومة. ويضيف الباحث الجامعي "لا تطرح روسيا تساؤلات حول الديموقراطية وحقوق الإنسان".

- وسائل وحشية ونتائج غير مضمونة -
لكن مقاربة هذه الكيانات للمسائل الأمنية هي مدار جدل، ولا سيّما أن انتهاكات عنيفة تُنسب إليها. وتجري الأمم المتحدة تحقيقا في مجزرة يشتبه بأنها ارتُكبت في كانون الثاني في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال عملية مشتركة للقوات المسلّحة ومجموعة فاغنر.

وتحدّث مصدر عسكري لوكالة فرانس برس عن "إعدامات خارج نطاق القضاء" راح ضحيّتها أكثر من خمسين شخصا.

فضلا عن ذلك ، لا ترقى النتائج بالنسبة للدولة المتعاونة مع هذه المجموعات إلى مستوى التوقعات.

في ليبيا، تحالف المرتزقة الروس مع المشير خليفة حفتر الذي سعى مدى عام للسيطرة على طرابلس عسكريا، لكن من دون جدوى.

فقد تكبدوا خسائر فادحة في مواجهة قوات رديفة تركية تدعم خصم حفتر، رئيس حكومة الوحدة فايز السراج.

في موزمبيق، تراجعت هذه الكيانات في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية إلى أن تم استبدالها بقوات من جنوب أفريقيا.

وتقول دوكسي: "لم تكن لديهم أي خبرة في الميادين التي عملوا فيها في كابو دلغادو (شمال) حيث تعذّر عليهم التواصل مع قوات محلية بسبب عائق اللغة وانعدام الثقة المتبادل".

وتضيف: "تم اختيارهم لأنهم الأقل كلفة، لكن لم تكن لديهم مقوّمات النجاح"، وفي القارة "تعرّضوا لعدد كبير من الإخفاقات".

وتحذّر المحللة الأميركية مما هو أكثر خطورة، إذ تشدد على أن الفوضى وانعدام الأمن والأزمات كلها أمور تخدم مصالح هذه الكيانات.

وتقول "إذا وظّفهم بلد على غرار جمهورية أفريقيا الوسطى من أجل تشكيل قواته، من مصلحتهم التحرر بالقدر الكافي من المهمة الموكلة إليهم لضمان استمرار توظيفهم"، لأنهم إذا "توصلوا إلى حل النزاع" أمكن التخلي عنهم.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم