الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

قراءة هادئة في الكوارث والبنى التحتية المائيَّة

المصدر: "النهار"
Bookmark
إزالة الاتربة من محيط سوق السمك في بيروت (حسن عسل).
إزالة الاتربة من محيط سوق السمك في بيروت (حسن عسل).
A+ A-
د. فادي جورج قميرالطبيعة تنتقم لنفسها. نعم بهذه العبارة يمكن، في نظرة أَوَّلية، قراءة قسم كبير ممَّا خلَّفته الأمطار الغزيرة التي تساقطت مؤخرًا في لبنان والسيول الجارفة التي نتجت عنها وما تسبَّبت به من إنزلاقات وانهيارات وجرف الأتربة والوحول وتجمّع المياه في الطرقات بشكل بحيرات أدّت الى قطع بعضها ومحاصرة الكثير من السيارات في الطرقات والعديد من المواطنين في منازلهم قبل التمكُّن من إغاثتهم.صحيح أنَّ الاحتباس الحراري والمتغيرات المناخية الشاملة من ارتفاع درجة حرارة الأرض وغيرها على صعيد العالم ككل أدّى ويؤدي، لاسيَّما في السنوات الأخيرة، الى هطول كمية أمطار كبيرة في وقت قصير، وهذا ما يجعل البنى التحتية المائية وغير المائيَّة، إنْ وُجِدَت، عاجزة عن استيعابها، لكنّ الصحيح أيضًا، أنّه في ظل التعدِّيات الكبيرة على مجاري الأنهر وتحوير قسم من الأقنية والمجاري وإقامة الأبنية على الكثير منها وتهالك هذه البنى التحتية وعدم اجراء الصيانة اللازمة لها أو عدم وجودها أو عدم تنفيذها بمواصفات جيدة وتداخل الصلاحيات وتقاذف المسؤوليات، أنّ هذه التعدّيات ساهمت أكثر في حصول أضرار كبيرة نتيجة هذه السيول الجارفة في أكثر من منطقة. من هنا نستطيع القول أنّ التعدّيات على مجاري الأنهر والإلغاء العملي للكثير من المجاري المائية العامة والأقنية بفعل التعدّي والتوسُّع العمراني كأمر واقع نتيجة الفوضى السائدة لم تُثنِ الطبيعة عن الانتقام لنفسها مهما طال الزمن؛ إذ لا بدّ لهذه المجاري من أن تعود الى مجراها الطبيعي بعد سنوات طويلة من قلّة الأمطار.وبما أنّنا في لبنان كل سنة عرضة لمثل هذه الأحداث المناخية المتطرّفة، آثرت وعملت منذ البداية، عندما كنت أتولّى مسؤولياتي كمدير عام للموارد المائية والكهربائية، على وضع الدراسات اللازمة وإعداد الخطط الحديثة لمعالجة مثل هذه المشاكل ومواجهة نتائجها. ففي كل عام كنّا نعاين ميدانيًا المواقع وخاصةً تلك الأكثر عرضة لحصول أضرار نتيجة أية فيضانات لتحديد المسؤوليات والقيام بما أمكن ضمن الوسائل المتاحة من تعزيل مجاري الأنهر والمتابعة مع بعض البلديات لمنع رمي الردميات وغيرها عند مصبّات الأنهر وكنّا نجبر المرتكبين، أحيانًأ (اذا عُرفوا)، على إزالتها على نفقتهم واقتراح الحلول اللازمة، لكن للأسف دون الوصول الى تأمين التمويل اللازم لتنفيذ هذه الخطط والدراسات. أذكر أننا ذات مرّة وأثناء جولاتنا الميدانية المعتادة لتدارك حصول الفيضانات قبل حلول فصل الأمطار رأينا عند أعالي نهر انطلياس الردميات وكيف تحوَّل مجرى نهر الكلب الى مرآب وغيرها الكثير من المخالفات والتعديات. فأجرينا مسحًا شاملاً لمجاري الأنهر، حيث كُـلِّفت...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم