الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

رسالة إلى الله: عدالة الأرض... قبل حساب السماء

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
عبد الرؤوف سنّو*رحلت خلال السنتين المنصرمتين قافلة من أصدقائي وأحبّتي، وسط انهيار الدولة والوطن والشعب وسيطرة الأشرار والمافيات على الثلاثيّة تلك. ومن ضمن المفجوع بهم العميد الدكتور جوزف لبكي والدكاترة لطفي المعوش ومحمد مخزوم ونبيه عطاالله، وآخرهم الصديق الحبيب الدكتور عبد الله الملّاح الذي غادرنا قبل يومين وهو لا يملك ثمن الدواء لعلاج مرضه ووقف معاناته، ولم يجد دولة تدافع عن صحّته، ولا جامعة تسانده، ولا مصرفًا لعينًا يعطيه جزءًا من وديعته لشراء ترياق ينقذه. لماذا يا الله؟ لأنّه لم يملك سوى ثقافة الوطن والقانون والعِلم ومحبّة الآخر، وليس سلاحًا وقنبلة وسكينًا، فيما لم يعرف يومًا زعيمًا لصًّا أو مقدّسًا. أمّا عنّي، وقد طويتُ اليوم الـ 75 سنة، ولم أعد، بحكم عمري والمصائب التي تحلّ بنا وبمجتمعنا ودولتنا، أتطلع إلى الأمام أبدًا، بعدما شعرت، يا الله، بغياب عدالتكم عن أرض لبنان وعن شعبه... وعن شعوب أخرى تعاني معه الذلّ والقهر والقمع بفضل قوى إرهابيّة غاشمة تسلّطت عليه، وغلّبت الباطل على الحقّ والشرّ على الخير. لا...لا يا الله، لستُ بحاجة إلى عدالتكم و"حسابكم" في السماء... ولا أريدهما هناك، ولن أنتظر إلى ذلك الحين... أريدهما هنا معي على الأرض، وبدءًا من الأمس قبل اليوم، حيث يكتوي عبادكم بـ"جهنّم" حكّامهم ومسؤوليهم ويتألّمون ويتوجّعون عن حقّ. لقد طفح الكيل يا الله، على أرض خيّرة مرّ عليها السيّد المسيح، تفاعلت بكلّ الثقافات العالميّة وأضحت منارة الشرق. فجرى تخريبها بكل مقاييس التدمير والحقد وإقصاء "الآخر". وقد استفحل الظلم عليها، وجرى نهب الناس وحلبهم، والدولة وإفلاسها، وتعاظم الفساد والذلّ والمرض والجوع والقهر والعهر والغطرسة والاستقواء وتكديس الثروات من قِبل لصوص، فيما حياة شعبها عتمة شاملة، والناس محرومون من الماء في الشتاء، وسيول الأمطار تجرفهم على الطرقات، ويقتلهم المرض وغلاء العلاج وفقدان الدواء وحليب الأطفال، أو سقوط جدران الدار عليهم، أو افتراسهم لبعضهم البعض....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم