الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

الديموقراطية على مذبح قوانين الانتخاب

المصدر: "النهار"
Bookmark
مجلس النواب (تعبيرية).
مجلس النواب (تعبيرية).
A+ A-
د. سابا قيصر زريق لفتَني عند مراجعتي قوانين الانتخاب المتتالية استعمالُ المشرِّعين لعبارة: "إستثنائياً ولو لمرة واحدة...". وهي تدلُّ على نيةٍ غير مبطنة لتعديلِ القانون عندما تتبدّلُ الظروف السياسية، كما لو أنه ليس سنداً للإنتخاباتِ العامة، أي لأبرزِ أركانِ الديموقراطية، أو لحقِّ التصويتِ فيها وهو من أهمِ حقوقِ المواطنين السياسية. أصبحت عمليةُ سَلبِ المواطنِ لحريةِ اختيارِه سالفةً تتكرَّرُ بغَطاءِ الديموقراطيةِ التوافقيةِ العجيب، الحاضِنِ للمحاصصاتِ المعروفة.- عُرِفَ أولُ مجلسٍ للنواب في لبنان باسم "اللجنة الإدارية"، تلاهُ مجلسٌ آخر سمّي "المجلس التمثيلي الأول للبنان الكبير"، ثم "مجلسٌ تمثيلي ثانٍ" إلى أن انتُخب "مجلس الشيوخ". واستمرَّتْ سلسلةُ قوانين الإنتخاب بالصدور بعد ذلك: قانون إنتخابات المجلس النيابي لدولة لبنان الكبير، وآخِرُ ما أُقرّ منها، قبل صدورِ قانون 1960، هو قانون الإنتخاب لسنة 1957. واختلفَ عددُ النواب المنتخبين بموجب هذه القوانين: فمن 18 عضواً (1934) إلى 42 (1937)، ارتفاعاً إلى 77 (1950)، تخفيضاً إلى 44 (1952)، ارتفاعاً مجدداً إلى 66 (1957).كما اختلفت الدوائرُ الإنتخابية بين القوانين، فمنها من اعتبرَ المحافظةَ دائرةً إنتخابية واحدة (1934) أواستحدَثَ دوائرَ إنتخابيةً عديدة وصلَتْ إلى 33 دائرة (1952)، أُعيدَ تخفيضُ عددهِا إلى 27 (1957). ومنها ما حدَّدَ عددَ الدوائر الإنتخابية حسب عددِ المقاعد النيابية فيها؛ فإذا تجاوزَ هذا العدد 14، قُسِّمَتِ المحافظة إلى أكثرِ من دائرةٍ إنتخابيةٍ واحدة (1950). وخَصَّصَ أحَدُها "كُرسياً" نيابياً لطائفةٍ معينة في محافظةٍ معينة (كرسي الأقليات لبيروت - 1934). عالجَ بعضٌ من هذه القوانين مواضيعَ الإعلامِ الانتخابي والإعلانِ الإنتخابي وكذلك الإنفاق الإنتخابي والهبات أو "المَكْرُمات" النقدية أو العينية التي تؤَثِّرُ في عمليةِ التصويت (1934)، وأهلية الترشح للمجنسين التي حُدِّدت بوجوب انقضاء خمس سنوات فقط على تاريخ تجنيسهم (1950)، لتُرفَعَ بعد ذلك إلى 10 سنوات؛ كما وأعطى المرأةَ الحقَ في التصويت (1952). - وصدرَ قانون الإنتخاب لعام 1960 بنظام اكثري. هو قانون الـ 99 نائباً، ومعادلةُ الـ 54 نائب للمسيحيين والـ 45 للمسلمين، وتوزيعُ الدوائرِ الإنتخابيةِ على أساسِ القضاء، باستثناءِ مراكز المحافظات التي أُجيزَ فصلُها عن القضاء، أو تقسيمُها إلى أكثر من دائرة. ولم يتطرَّق إلى مسألةِ الإنفاقِ الإنتخابي، غير أنه استحدثَ البطاقة الإنتخابية، مستثنياً العمل بها في أول إنتخابات تلي صدور القانون. - أُبرِمَت وثيقةُ الوفاق الوطني اللبناني في الطائف في 22 تشرين الأول 1989 (وأقِرّت بقانون في 5 تشرين الثاني 1989) وتَلاها قانونٌ جديد في سنة 1991، رفع عدد النواب إلى 108، مع إنتهازِ الشُغور الذي كان قد حَصَل في المجلس، بابتداعِ التعيين بدلاً من الإنتخاب لملءِ ذلك الشغور، مضيفاً ان هذا التعيين يكون "استثنائياً تطبيقاً للدستور ....". وإنفاذاً لذلك، عَيَّنت الحكومة آنذاك 39 نائباً لملء المقاعد النيابية المستحدثة.- اما قانون 1992، فرفع عددَ النواب إلى 128 وجعل المحافظة دائرة إنتخابية، مبرِّراً هندستَهُ هذه أنها تَتُمُ "بصورة استثنائية" ولدورة إنتخابية واحدة. واستثنى انتقائياً بضعة أقضيةٍ من ذلك (وعلى نقيض محافظات مدينة بيروت والجنوب والنبطية ولبنان الشمالي، جعل هذا القانون كل قضاء في محافظتي جبل لبنان والبقاع، دائرةً إنتخابية واحدة). كما نصّ "بصورة استثنائية ولمرة واحدة" على تعديل بعض المهل، ومعَلِّقاً العمل بالبطاقة الإنتخابية التي نصّ عليها قانون 1960. وعَدَّلَ قانون 1996 الدوائرَ الإنتخابية بتشكيلةٍ جديدة، معتمداً المحافظةَ كدائرة إنتخابية في مكان، والقضاء كدائرة إنتخابية في مكانٍ آخر. وجرياً على عادتهم، عدّل المشرّعون "بصورة استثنائية ولمرة واحدة" بعضَ المِهَل، واستمروا بتعليق العمل بالبطاقة الإنتخابية.- وعُدِّلَ قانون 1960 مجدداً بإعادة تشكيل الدوائر الإنتخابية مؤكداً على وجوبِ إبراز البطاقةِ الإنتخابية، تحت طائلةِ حِرمان المقترعين من الإنتخاب. كما نظم بعضَ الشيء الدعاية الإنتخابية وفترة الصمت الإنتخابي. غير أنه أدرجَ "استثنائين": اعتبارُ الدائرتين الإنتخابيتين في الجنوب استثنائياً دائرة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم