السبت - 04 أيار 2024

إعلان

فن تشكيلي بنكهة عربية…علي شمس الدين لـ"النهار": ما زلت أبحث عن الأمل في عيون المغتربين

المصدر: "النهار"
رنا حيدر
رنا حيدر
الفنان التشكيلي علي شمس الدين. (أ ف ب)
الفنان التشكيلي علي شمس الدين. (أ ف ب)
A+ A-
الهجرة القسرية والذاكرة المسحوقة عنوانان أساسان، انطلقت من خلالهما رؤية فنيّة، حملها الفنّان التشكيلي اللبناني علي شمس الدين ليطبع بفنّه بصمة عربية وجدانية، تعكس واقع أفراد تهجّروا من أماكنهم حاملين ذكرياتهم، وسط نزاعات العالم العربيّ ومآسيه.

في بداية هذا العام، افتتح شمس الدين معرضه بعنوان "خارج المكان والزمان المفقود"، واستهلّ معه شغفه الفنيّ، الذي حمله في داخله طوال سنين، فكانت لوحات تعكس فكر "مخضرم عربيّ"، ينقل قصص أفراد تبعثروا وغادروا أراضيهم قسراً.

"أمكنة عبثت فيها الحرب وتركت وجوهاً بائسة". بهذه الجملة اختصر شمس الدين في حديثه لـ"النهار" رسالة لوحاته وفنّه.
 
يرسم شمس الدين وجوهاً بائسة، حملت الحزن في معظم لوحاته، ويلفت إلى أنّ سبب حزنهم هو ترحيلهم من بلدهم الأمّ. ويضيف: "حاولت أن أرسم هذه الوجوه المنكسرة التي فقدت الأمل وكلّ شيء. فعلى المستوى التشكيلي حاولت أن أصوّر هذا النوع من الحزن الكامن في رقعة لا يزال الصراع مستمراً، ويبحث الفرد عن مكان وزمان ليستقرّ".

وأضاف: "استوحيت عنوان المعرض من روايات لعبت دوراً جوهرياً في تأسيس فكري الثقافي، منها "خارج المكان"، وهو عنوان السيرة الذاتية للكاتب الفلسطيني الكبير إدوار السعيد، و"البحث عن الزمن المفقود" أيضاً رواية للكاتب مارسيل بروست. فحين نصبح خارج المكان، ونفقد زمن الماضي والحاضر، نعاني من ضياع ومن انعدام القدرة على تأمين الحدّ الأدنى من كرامتنا الإنسانية".

يقول شمس الدين "لوحاتي لا تعكس فقط الواقع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان بقدر ما تعكس أيضاً الواقع السياسي والوطني على مستوى الشرق. لا يمكن أن نكون سعداء على المستوى الفردي إذا لم نكن محاطين بأفراد سعداء، وذلك ينعكس على المستوى الفكري والثقافي؛ فمعرضي وفنّي تعبير عن موقفي، ولمشاركة أفكاري التي تحمل أبعاداً إنسانية".
 

من الإخراج الصحافيّ إلى الفنّ
لطالما كان في داخل شمس الدين حبّ للريشة والألوان. وحين عاد عام 2012 من الخليج إلى لبنان، قرّر التفرّغ لهذه المهنة، ويقول: "كنت أعمل في مجال التصميم والإخراج الصحافي. مهنة لديها قواسم مشتركة مع الفنّ التشكيلي. لكن قرّرت لدى عودتي إلى لبنان التفرغ للفنّ الذي كان حلمي الأوّل لفترة طويلة. بالرغم من معارض سابقة في الخليج لم أتفرّغ من قبل للمهنة، أمّا الآن فأصبح بوسعي أن أرسم لتصبح لوحاتي انعكاساً لفكري على المستوى الشخصيّ ومرآة معاناة المنطقة".

وأضاف: "قصص الوجوه التي أرسمها ليست حياتي بل هي معاناة الأفراد حولنا، أكان على مستوى المنطقة أم على مستوى البلد. جميعنا مررنا بأزمات. وأعتبر من واجبي الإنساني مشاركة عذاب الآخرين، وهذا ما أقدّمه من خلال الفنّ، هو المساحة الوحيدة من دون قيود".
قضية أمّة
لا تزال القضية الفلسطينية حيّة في فكر فنّانين عرب، وبإمكاننا حتماً اعتبار علي شمس الدين في خانة هؤلاء الذين يحملون قضية الأمّة في فنهم وثقافتهم.
ويقول في هذا الإطار: "القضية الفلسطينية هي أساس مشكلة الأمّة والمنطقة، وبدأت مشكلات مماثلة تنتشر في الشرق، إذ نلاحظ أنّه لا يوجد أي دولة عربية مستقرّة، بدءاً من سوريا، اليمن، لبنان، وصولاً إلى ليبيا. جميع البلاد العربية هي فلسطين، وكأنّ مأساة فلسطين تتكرّر في هذه الرقعة من العالم".

واستطرد في سياق الحديث قائلاً: "لا أعتقد أني أبالغ في هذه المسألة. في حال لم تعد فلسطين إلى أهلها، وتستعيد مكانتها في الشرق متمتعةً بكامل حريتها وحقوقها مع عودة المهاجرين المنتشرين في شتّى الأماكن، فكلّ الشعوب العربية ستعيش هذه المأساة".

وتعقبياً على سؤال عن الأمل الذي يحمله شمس الدين للمنطقة، يجيب بأنّه لا يزال يبحث عن الأمل في عيون المغتربين، مضيفاً: "الوضع بلغ أصعب المستويات، إذ يشعر المرء بأنّ تراكم الأزمات قتل أيّ بصيص أمل لتحسين الحالة السوداوية التي نعيشها. لكن من دون أمل لا يمكن الاستمرار في الحياة".

وعن معارض مستقبلية أكّد شمس الدين أنّه يحضّر لمعارض جديدة، مضيفاً: "محور لوحاتي لن يتغير لأنّه لا بدّ من التركيز على موقفي حيال مسائل عدّة تشغلني على المستوى الثقافي والفكري والإنساني. من الممكن أن يتضمن جزءاً من العمل تأمّلات فكرية، لكن المسألة تتغيّر مع حصول أيّ تداعيات تحصل مع الفنان لحظة دخوله المرسم".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم