"مصر الثقافة والهوية" لخالد زيادة إشكالية العلاقة بين المثقف والدولة

زهيدة درويش جبوريشكل كتاب خالد زيادة الموسوم "مصر الثقافة والهوية" (منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) مرجعاً أساسياً للتعرف إلى تاريخ مصر السياسي والثقافي والاجتماعي منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر حتى يومنا هذا مروراً بخمسينات القرن العشرين. هو في هذا المعنى يتسم بطابع موسوعي ويستند إلى كمّ كبير من المراجع العلمية القديمة والحديثة مكّنت الكاتب، إضافة الى معالجة الأحداث السياسية والتحولات الاجتماعية التي طبعت تاريخ مصر خلال هذه الحقبات المتعاقبة، من إماطة اللثام عن عدد كبير من الشخصيات الفكرية التي لم توف حقها من الاهتمام ولعبت دوراً مهماً في الحراك الثقافي في مصر خلال فترات متعددة.يطرح الكاتب بدءاً من عنوان كتابه إشكالية العلاقة بين الثقافة والهوية ويتابع بأناة الباحث الرصين وموضوعيته مسار تشكل الهوية المصرية ومساهمة المثقف في بلورتها خلال العقود المتلاحقة، فيجمع بين التأريخ السياسي والتأريخ الثقافي مرتكزاً على منهج التأريخ من الأسفل، منطلقاً من أسئلة جوهرية تطالعنا في مقدمة الكتاب ينجح في الإجابة عنها على مدى 234 صفحة؛ وهي أسئلة لا تصدر عن موقف إيديولوجي ولا تقع في إطار الجدال الذي لطالما دار بين المثقفين حول المثقف العضوي والمثقف النخبوي، بل تشكل في اعتقادنا هاجساً شخصياً لديه يصدر عن تجربة حياتية: "هل يمكن أن نعزل الثقافة عن السياسة، وأن نرفع المثقف فوق السياسة وتناقضات القوى السياسية في لحظة ما؟ وهل المثقف مستقل حقيقة عن الدولة وقادر على أن يحدد بنفسه دوره ووظيفته بمعزل عن السلطة...