فسيفساء الأماكن (13): ماذا أفعلُ بكلّ هذا الوقتِ المَقتول؟
17-10-2020 | 14:12
المصدر: "النهار"
رامي يمّين
في كلّ صباح، أخلقُ في الكونِ ثقباً أسودَ، وأشعرُ بالخِذلان كيف أنّني شَرِبتُه ولم يَبتلعْني.
***
لماذا احتجتَ إلى كلّ هذا الوقت لتعرفَ أنّ اللطفَ هو الحكمةُ الأخيرة، ومفتاح المحبة الوحيد؟
يطلبُ العالمُ منّا أن نفعلَ الكثير، فنخالُ أنّ قسوتَنا على ذاتِنا والآخرين هي بدايةُ العمل.
إفعلْ ما شئتَ وقدر ما استطعتَ، وافعلْ ذلك وأنتَ لطيف.
***
ماذا أفعلُ بكلّ هذا الوقتِ المَقتول؟
أُدَقّقُ في تفاصيل الأَلَم.
أخالَه كَشَقَفَةِ قِماش.
إذا دَقّقتَ بِأصغر تفاصيله لَوجدتَه مَبخوشاً، وخَرجتَ منه إلى ما بَعده.
***
تُستعملُ صورةُ النزيف لوَصفِ حالةٍ سيئة، وتسوءُ مع مرور الوقت. لكنّ النزيفَ خلاصٌ، هو ردّةُ فعلِ الكون الطبيعية على الامتلاء.
حتَى الموت نزيف فيه شيء من الراحة.
التراجيديا الحقيقية هي الفيض، فالاختناق: فيض الألم والحزن، فيض اليأس وفيض الإحساس بالعجز.
يمتلئ الجسد بالسّموم ولا يخرج منه شيء.
***
ما الكسل؟
هو استعادتُكَ لنفسِكَ من أدوارِكَ في الحياة، وهو حديثُك مع الوقت الذي يجري:
أُنظُر، ألا ترى أن هناك سعادةً بأنْ لا يحدث شيء؟
***
في هذه اللحظة، لا مساحة للحياة.
نحن بحاجة لنحزنَ كثيراً قبل أن يرحلَ عنّا هذا الحزن.
وعلينا أن نجهدَ كثيراً قبل أن ينفكَّ عناّ هذا القلق.
عالقون في اللاحياة، في عدم تناغم حاضرنا مع الحاضر.
***
ألا ترى في عيونِ النّاس، كلّ النّاس، التوق إلى الحبّ والخوف منه؟
***
من أجمل ما يمكنُ أن يحدثَ، هو أن ألتقي بشخصٍ لا يتكلّم معي بِلُغة المجتمع، بالتعابير وبالحركات المهذّبة.
أحبُّ مَن تأتي تعابيرُه من الغوص في عوالم من اختياره، ومَن يضحك على أشياء نخافُ نحن أن نضحكَ عليها.
اللقاء بهؤلاء الناس يكادُ يكونُ سَفَراً.