الروك في مزرعة الحيوان

جو قارح

17 آب 1945، يصدر جورج أورويل روايته الشهيرة "مزرعة الحيوان"، عن ثورة تقوم بها الحيوانات في المزرعة لتنقلب عليها بتحكّم توتاليتاري بالسلطة من قبل الخنازير و الكلاب على أنهم الطبقة الكفوءة المثقفة في مستنقع من الجهل و التخبّط.

23 كانون الثاني 1977، تصدر فرقة الروك أند رول البريطانية " Floyd Pink " ألبومها الجديد "Animals" الذي يتألف من خمس أغانٍ فقط بأسم حيوانات. لهذا الألبوم عمق سياسي ثوري، فهو يُعتبر من الألبومات الأكثر إنخراطًا في النقد السياسي مع ما يحمله إلى الأغنية السياسية من رمزية فائقة تنحدر من رواية أورويل، مزرعة الحيوان.

يشكل غلاف الألبوم الشهير مدخلًا مهمًا إليه  وإلى  المواضيع التي يتناولها. يُظهر الغلاف صورة لمعمل كبير، ينفث الدخان من عواميدته، دلالة العمل الدائم وحرمان العمال الراحة. لكن الأهم من ذلك، وما يرتبط برواية أورويل، هو رفع مجسّم لخنزير في السماء فوق المعمل. الخنازير تحكم كل شيء! من الأشياء النادرة المخفية في الغلاف أيضًا لون السماء وضوء الشمس اللذان يدلّان معًا على وقت ما بين الغروب والمساء أيّما بعد إنصراف العمال. من هنا تتعمق أكثر فأكثر فكرة الإستعباد الطبقي للكادحين.

أما بالنسبة الأغاني، فالفرقة تقدم لنا كالعادة ألحانًا رائعة من الروك لكن نلاحظ هذه المرّة إنكماشًا للنزعة التجريبية في الموسيقى بمقابل مدّ تقدميّ مشوّق، يتناسب مع المواضيع المطروحة والفكرة العامة للألبوم. أما على المستوى الكتابيّ، تنطوي كلمات الأغاني على نزعة رمزية في نقد السياسة والمجتمع. في مقال لها في "Student Oxford The"، تحدّد مادلين تايلور الإطار السياسي التاريخي للألبوم: "ألبوم ( الحيوانات) يحتلّ بقعة بارزة في تاريخ الروك أند رول التقدمي، و هكذا يتبين لنا أنه ألبوم يقوم على مفهوم معين. فهو يرتكز على رواية أورويل مزرعة الحيوان،بحيث تقلب الفرقة البريطانية رأسًا على عقب رؤية أورويل المعادية للستالينية، لتصف مجتمع مفتتًا بشكل مخيف تحت إصبع الرأسمالية."

أسس لنا الألبوم ثلاثية من الشخصيات التي تشكّل المجتمع الرأسمالي التوتاليتاري الحالي. أولًا الخنازير، وهم أصحاب النفوذ، الرأسماليون و أرباب المعامل. ثانيًا الكلاب و يمثّلون كل من يحاول تسلّق سلّم القوة والسلطة والنفوذ بأساليب لاأخلاقية كالغدر مثلًا. و في النهاية، الخراف، الذين يرمزون إلى العمال الكادحين، وفي ظل البروليتاريا كما يشير إليها الفيلسوف الشهير كارل ماركس، هم ضحايا الرأسمالية و أصحاب النفوذ.

يقول روجر واترز، لاعب "Guitar Bass" في الفرقة، وكاتب كلمات الألبوم بأكمله، في أغنية "Sheep":  تجسد أغنية  "الخراف"  شعوري بأن ما كان سيحدث قريبًا في بريطانيا، وهو ما حدث في الصيف الأخير من أعمال شغب... سيحدث مجددًا. سيحدث بإستمرار. هنالك الكثير من الناس مثلنا في العالم، ونحن  نعامل بعضنا البعض بطريقة سيئة للغاية. نصبح مهووسين بالأشياء، وليس هنالك أشياء و منتجات تكفينا جميعًا. ونحن، المستهلكون، شئنا أم أبينا نساهم سلبًا في التضخم والركود الإقتصادي."

في ما يلي ترجمة لبعض أغاني الألبوم الشهيرة:

Pigs on the Wing:

إذا لم تهتم بما حدث لي،

وأنا لم أهتم بك،

سيكون طريقنا متعرجًا نحو الملل والألم،

أحيانًا نرمي نظرات خاطفة عبر المطر،

نتساءل أيّ وغد سنلوم،

ونشاهد الخنازير على الجانح.

تعلم أنني أهتم لما يحدث لك،

وأنا أعلم أنك تهتم لأمري،

لذا لا أشعر بالوحدة ولا بثقل الصخرة

الآن قد وجدت مكانًا آمنًا لأدفن فيه عظامي

كل أحمق يعلم أن الكلب يحتاج  بيتًا،

ملجأ من الخنازير على الجانح.

Dogs:

عليك أن تكون مجنونًا،

أن يكون لديك حاجة حقيقية،

أن تنام على اصابع رجليك،

وعندما تكون على قارعة الطريق،

عليك الالتقاط قطعة اللحم بسهولة وعينيك مغمضتين،

بعدها تتحرك بصمت مع الريح، تختفي بعيدًا عن الأنظار،

عليك أن تغتنم الفرصة في اللحظة المناسبة و تضرب بلا تفكير.

بعد فترة، يمكنك العمل على تحسين أسلوبك:

ربطة عنق النادي، مصافحة صارمة،

نظرة واثقة و ضحكة سهلة،

عليك أن تكون محط ثقة الناس الذين تكذب عليهم،

وعندما يديرون ظهورهم لك،

ستحظى بفرصة لغرز سكينك فيهم.

عليك الإحتراس بإبقاء عين تنظر إلى الوراء،

تعلم أن الأمر سيصعب ويصعب ويصعب كلما كبرت،

وفي النهاية ستحزم أمتعتك  وتسافر إلى الجنوب،

تخفي رأسك في الرمل،

فقط عجوز حزين آخر يموت لوحده من السرطان.

وعندما تفقد السيطرة، ستحصد ما زرعت،

وبينما ينمو الخوف، يتبخثّر الدم الفاسد ويتحول إلى صخرة،

فات الأوان لتخسر الوزن الذي استخدمته في تجوالك القديم،

لذا مبروك عليك هذا الغرق اللذيذ بينما تتهاوى لوحدك، مسحوبًا للأسفل بالصخرة.

عليّ الاعتراف بأني أشعر بأني نوع من الضياع

بأنه يتم استغلالي،

عليّ البقاء مستيقظًا، أحاول التخلص من هذا الاستياء الزاحف نحوي،

إذا لم أصمد فوق أرضي فكيف سأجد طريقي للخروج من هذه المتاهة...

أصمّ، أحمق وأعمى، عليك أن تواصل التظاهر،

أن الجميع منافقون و ليس لأحد صديق حقيقي،

ويتراءى لك أن ما عليك القيام به فعلًا هو عزل الفائز،

وأنّ كل شيء يندثر تحت الشمس،

وتصدق من قلبك أن الجميع مجرمون.

مَن وُلد في منزل مفعم بالألم؟

مَن قيل له ما عليه القيام به ؟

مَن الذي أنكسر تحت شخص مدرَّب؟

مَن الذي تمّ تزويده بالعمود والسلسلة؟

مَن أُعطيَ تربيتة على ظهره؟

مَن كان يحاول الإنفصال عن المجموعة؟

مَن كان مجرّد شخص غريب في المنزل؟

من أُطيح به أرضًا في النهاية؟

من وُجد ميّتًا على الهاتف؟

من سُحب للأسفل بالصخرة؟