السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

حلف اليمين على الدستور أم على الكرسيّ

المصدر: "النهار"
داود الصايغ
داود الصايغ
Bookmark
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
كان مقدّراً للدستور أن يكون المنارة، في بلدٍ اهتدى إلى نفسه بعد تقلّبات التاريخ، فيُرشده إلى الطريق وسط منطقة عاشت على الصراعات. كان الدستور كتاب لبنان كما في المعتقدات السامية، وضعه حكماء خطّوه بحبر الزمان مستلهمين الموروث والمستحدث في مطلع القرن العشرين، فحددوا الصلاحيات ووزعوها وفقَ المقياس الذي يليق وحده بتكوينٍ مثل التكوين اللبناني، وهو نظام الحكم البرلماني.نجح لبنان كتجربة قابلة للحياة بقدر نجاح أولياء الأمانة الالتزام بأحكامه لأن هذا هو سرّ الاستمرار والديمومة. وكان الحكماء الأوائل يقولون إن مجلس النواب اللبناني هو أكثر من هيئةٍ تشريعية، إنه مطرحٌ للحوار الدائم. لأن لبنان هو في حالة حوار دائم. والمؤسـسات تلك التي جُعلت للكلمة هي المكان الأفضل لذلك التلاقي.في تلك التجربة، في ذلك الكيان الفريد من نوعه في الشرق، لا يذكر الدستور ولا تذكر الدساتير في العالم، ان المكانة هي للكبار، لأولئك الذين يُدركون منذ البدء أن هنالك من هو أكبر منهم، وأن الدستور هو القانون الأسمى. طرد الدستور الرئيس الأميركي ريشارد نيكسون من منصبه كرئيس عام ١٩٧٤، وطرد الدستور رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني عام ٢٠١٤ وطرد الملك الاسباني فيليب السادس والده الملك السابق خوان كارلوس لأنه ضعف أمام المال وخان الرمز. لا مكانة إلا لأصحاب الكرامة. وها هي إنكلترا ما زالت تودّع ملكتها لا لشيء إلا لأنها كانت رمز الكرامة. غادرت الدنيا مزيّنة بالورود وبتحسّرات الناس. إذ لم يحدث في تاريخ أوروبا والغرب مثل هذا الوداع، لسيدة اختصرت كبرها بالرمز العالي الذي تمثله. ولم يُطلب منها شيء غير ذلك وخلال حكم الخمسة عشر رئيس للحكومة الذين انحنوا أمامها وقبّلوا يدها على طول السبعين عاماً من ملكها.الرئيس اللبناني أضفوا عليه صفة الرمز في الدستور المعدّل عام ١٩٩١. فنفر بعض أصحاب الأطماع من تلك الصفة التي لم يُدركوا معناها فلم يعرفوا أن صاحب الرمز إذا تصرّف على أساس ما هو ومن هو يُصبح صاحب الصلاحيات كلّها.الرئيس الحالي المغادر بعد شهر من تاريخ اليوم لم يقبل بهذه الصفة. إنّه أراد الصلاحيات والحصص بعناد المتمرّد على كلّ شيء دون قضية إلاّ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم