فلاديمير بوتين البركان النائم الذي انفجر

كان لنا نحن اللبنانيين حسابٌ قديمٌ في أوكرانيا، نَسِيَه الجميع ماضياً وحاضراً. ذكّرَنا به ذات يوم من شهر آذار عام ١٩٩٦ رابع رئيس وزراء أوكرانيا آنذاك المنفصلة حديثاً عن الاتحاد السوفياتي عام ١٩٩١ واسمه يفين مارشوك، وذلك أثـناء زيارة أول مسؤول لبناني لتلك الدولة المستقلة حديثاً وهو الرئيس رفيق الحريري. ففي خطاب الترحيب به أثـناء حفل العشاء لم ينسَ ذلك المسؤول الأوكراني الإشارة إلى ما ربط في بعض الأيام ما بين لبنان في عهد متصرفية جبل لبنان في زمن السلطنة العثمانية وأوكرانيا في عهد القيصر، من خلال رحلة ابن بسكنتا وصاحب "البيادر" ميخائيل نعيمة، للتخصص عام ١٩٠٦ في جامعة بولتافا. بولتافا الأوكرانية التي كانت تحت سلطة القيصر.ليلتذاك في ذلك القصر الأبيض الأنيق، إزاء خطاب المسؤول الأوكراني تنبّه أعضاء الوفد اللبناني فجأةً ليس فقط إلى تلك الإشارة اللطيفة واللبقة عن الأديب اللبناني الذي بقيَ في ذاكرة الأوكرانيين، بل لعلّهم أحسّوا بتلك "القشعريرات اللبنانية التي تسري في العالم" على حدّ تعبير الأديب الفرنسي موريس باريّس وأن لبنان بشخص رئيس حكومته الساعي إلى إعادة الإعمار أدرك بأنه ما زال للبنان في العالم مخزونٌ حيٌّ في الضمائر يمكنه أن يدعم أحجار إعادة البناء.كان ميخائيل نعيمة رابطنا بأوكرانيا، بالمدينة "الروسية" آنذاك، والتي سلخت نفسها وذاكرتها عن عهود جوزيف ستالين والسوفيات لتنطلق في الفضاء الرحب للحرية. في مدى سهولها المعطاء مثل سهول الزمان، في وجوه نسائها المضيئة مثل حسناوات الأساطير، وفي ذلك العرق الذي له ما له من حساباتٍ في تاريخ الدمار والنهوض ليبقى مشرَّعاً أبداً كما هو اليوم.أوكرانيا ذاقت طعم الحرية مثلها مثل سائر الكيانات التي خرجت من الاتحاد السوفياتي إثر انهياره. وهي جوهر مشاكلها اليوم مع روسيا وخوف روسيا من أن تنقل العدوى إليها. ولكن هنالك حقيقة لا يتنبّه إليها الكثيرون اليوم، في ذلك الانقسام وتلك الصراعات وهي أن روسيا لم تعرف يوماً في...