الخميس - 02 أيار 2024

إعلان

صوت الانتخابات "المبحوح"

المصدر: "النهار"
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
عملية اقتراع المغتربين في الإمارات (أ ف ب).
عملية اقتراع المغتربين في الإمارات (أ ف ب).
A+ A-
ما أشدَّ عَمَى الذي يعطيك من جَيْبِهِ،لِيَأْخُذَ مِنْ قلبك.جبرانمن " رمل وزبد" ليس كالانتخاب ما يثير الالتباس، لأن برهة انفصال الورقة عن صاحبها، تحدد مصير الناس لسنين، فهي كالضغط على الزناد، إذ يذهب المقذوف إلى مداه، دون قدرة على استرداده أو حرفه عن خَطِّه. وما يثير الحَيْرة، أن اليد التي تضع ورقتها في الصندوق، قد تكون مرتعشة أو مترددة أو مخدوعة، أو مثقلة برشوة أو دين، ولكنها في وضعنا الراهن فقدت كثيراً من حريتها حين كبَّلها "المُشَرِّع" بقانون يتلبَّس النسبية الغشاشة، فيما جوهره، الفردية المتوحشة وهو يُدْخِلُ الناخبين، على تفاوت ثقافاتهم، في دَوَّامة المعادلات الرياضية، وَيُخْرجهم من فلك حرية الاختيار إلى مدار مغناطيسي اختلط حابله بنابله. مَثَلُ ذلك، أنني إذا كنت مرتبطاً بمرشح ما، اضطرته الحسابات الانتخابية للانضمام إلى قائمة لا أؤمن بخطها السياسي، أكون ملزماً بان أذهب إلى خيار غير خياري لِنُصْرَةِ مرشحي، أو أُعْرِض عنه إلى قائمة أخرى قد تضم من لا أرضى عن خلقه أو استقامته أو كفاءته، وفي هذا منتهى التقييد لحرية الاختيار لأن "حائك القانون" فصَّل لنا ثوباً استعار صدره من لباس اللوردات، وجعل من ظهره بردعة، واقتبس كُمَّيْهِ من عصر بني عثمان، أما سرواله فمليء بالثقوب الكاشفة للعورات على غرار سراويل الشابات والشبان في هذه الايام. لا أظن أن هناك فضيحة تشريعية كهذا القانون الذي تخطَّى قوانين عهد الوصاية إلى أسلوب يعتمد إصدار معظم النتائج قبل الذهاب إلى مراكز الاقتراع، ويتعمد ذرَّ الفتن داخل القائمة الواحدة، فيدفع المرشح إلى ركوب ظهر أخيه أو إلى طعنه بخنجر معقوف النصل، بحيث إذا وصل من وصلوا، تفرقوا فرادى، بل متخاصمين، وهذا بحد ذاته أكثر الطرق مجافاة لمبدأ النسبية الذي يقوم على اصطفاف...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم