الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

المطران عوده في ذكرى استشهاد جبران تويني: لحكومة طوارئ مصغّرة (فيديو)

المطران عوده في ذكرى استشهاد جبران تويني: لحكومة طوارئ مصغّرة (فيديو)
المطران عوده في ذكرى استشهاد جبران تويني: لحكومة طوارئ مصغّرة (فيديو)
A+ A-

تحت سقف كنيسة القدّيس ديميتريوس – الأشرفيّة، اجتمع اهل الصحافة وعائلة "النهار"، في ذكرى 13 لاستشهاد #جبران_تويني.

ترأس القداس مطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عوده، الذي تمنى في كلمته ألا يرى المسؤولين يتصرفون كالأجراء ويتفرجون على انهيار لبنان على رأس بنيه.

وقال عوده: سمعنا في الإنجيل الذي تُلي على مسامعنا أنّ «السارقَ (أي المُخرِّب) لا يأتي إلاّ ليسرقَ ويذبحَ ويُهلك». كم من سارقٍ قد مرّ ويمرُّ وسيمرُّ على بلدنا ونحن صامتون قابعون في مستنقعِ اللامبالاةِ والأنانية؟

نرتل في فترة الميلاد ترنيمةً نقول فيها: «لأنّ الخوفَ يجعلُنا نختارُ الصمتَ إذ هو أيسرُ، حيث لا خطرَ فيه». اللبنانيون يعيشون الخوفَ في كل لحظة، الخوفَ على حياتِهم وحياةِ أبنائهم، الخوفَ على مصيرِهم ومصيرِ بلدهم، الخوفَ من الأقربين والأبعدين، فيصمتون خوفاً من أن يذبحَهم السارقُ ويُهلكَهم.


جبران لم يَخَفْ ولم يصمتْ بل خاف السارقُ من كلماتِه وظنَّ أنه، بقتله إياه، سوف يجعلُه يصمت، ولم يعِ هذا السارقُ أنّ الكلمةَ لا تُخنقُ ولا تُسترُ تحت التراب. نحن ندعو الربَّ يسوع الكلمة وقد خاف منه أعداءُ الحقِ وصلبوه، وظنوا أنهم سيُسكتونه إذ واروه في القبر، إلاّ أنّ القبرَ لم يحتملْ قوّةَ الكلمةِ داخلَه فانفتح، والجحيمُ تزعزعت، وقامَ المسيحُ دائساً الخطيئةَ والموت، وانبعثتْ رسالةُ القيامةِ إلى العالم أجمع.

كلماتُ جبران لا تزالُ ترنُّ في آذان اللبنانيين وأعداءِ لبنان، رغم اندثارِ جسدِه بفضلِ حقدهم، لأنّ جبران لم يكن أجيراً. يقول الإنجيل الذي سمعناه: «أما الأجيرُ الذي ليس براعٍ وليست الخرافُ له، فيرى الذئبَ مقبلاً فيتركُ الخرافَ ويهرب، فيخطفُ الذئبُ الخرافَ ويبدّدُها. وإنما يهربُ الأجيرُ لأنه أجيرٌ ولا يَهمُّه أمرُ الخراف».

أملُنا ألاّ نرى المسؤولين اللبنانيين، وقد اشتدت الأزماتُ على هذا البلدِ المستَضْعَف، يتصرّفون كالأجراء لا كالراعي الصالح، فيهربون من مسؤولياتهم ويتفرّجون على لبنان ينهار على رؤوس بنيه. لكنّ رؤوسهم لن تسلم.


اقرأ أيضاً: الحرية قدرنا والصحافة رسالتنا

وتابع: "عندما اشتدت الأزمات، وكان جبران خارج لبنان، قرّر العودةَ رغم كل التهديدات. رجع ليقف مع إخوته اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وأقسم معهم قسَمَه الشهير، أن يبقوا موحَّدين، إلى أبد الآبدين. عاد ليموتَ من أجل وطنه. هكذا هو الحبُ الحقيقي للوطن: أن تبذلَ نفسَكَ من أجله لا أن تستغلَّه من أجل نفسك"، متسائلاً: "ماذا نشهدُ في هذه الأيام العصيبة؟ هل من خطوةٍ واحدة أو تنازلٍ من أجل لبنان؟ هل من تضحيةٍ من أجل إنقاذه؟ لا، بل عرقلةٌ مُتَعَمَّدةٌ بعد عرقلة، وكلُّها أعمالٌ غيرُ بريئةٍ، لأهدافٍ ليست حُكْماً لمصلحة لبنان".


وأضاف: "لبنانُ يُحتَضَرُ وكأنّ لا أحدَ يبالي، فيما كنا نتوقعُ، نحن المواطنين البسطاء الذين يتحمّلون تَعَنُّتَ المسؤولين وصلَفهم، كنا نتوقع وعياً وحِسّاً بالمسؤولية، وتخلّياً عن كل مصلحةٍ من أجل إنقاذ البلد. التضحياتُ وحدَها تبني الأوطان. وفي ظلّ هذا الإنهيارِ الإقتصادي وضيقِ العيش وتَقلُّصِ فُسْحَةِ الأمل، أملُنا أن يقومَ المسؤولون بخَطوةٍ إنقاذيةٍ شجاعة، وأن يؤلّفوا حكومةَ طوارئَ مُصَغّرةً، تضمُ شخصياتٍ حياديةً بعيدةً عن استغلالِ البلد وتقاسُمِه، شخصياتٍ مشهوداً لها بالعلم والخِبْرةِ والغَيْرَة والنظافة، تبعثُ الثقةَ والأملَ والطمأنينةَ في النفوس، تنكبُّ على دراسة المشاكل وتضع خطةً سريعةً تنتشلُ البلدَ من الهوّة، وتدفعُ عجلةَ الإقتصاد، وتريحُ الشعب، وتكسبُ ثقةَ الدول التي كانت تنوي مساعدتَنا وقد تكون عَدَلَتْ".


وتابع: "عندما نقرأ ما كتبه جبران نشعر أننا نقرأ افتتاحيةً تعالج الوضع الحالي، لأنّ شيئاً لم يتغيّر في بلدنا. كتب منذ أربعةَ عَشَرَ عاماً: «إنّ ما نطلبه هو القليلُ من التواضع، والإبتعادُ عن التكابرِ ومرضِ السِكر السياسي الذي يطول، ويا للأسف، أكثريةَ الطبقةِ السياسية، حيث يعتبرُ كلُّ زعيم أنه الوحيدُ الأوحد، فيرفضُ مبدأَ التعاونِ والتنسيقِ والعملِ المشترك...» (النهار 22 / 4 / 2004). أليست هذه حالنا اليوم؟ أليس البلد رهينةَ أهواء هذا أو ذاك من أهل الزعامة الذي يشل بلداً من أجل حصته في طبخة التوزير؟". 

وأضاف: "إذا عدنا إلى الوراء أكثر في أرشيف جبران، نراه ديكاً صياحاً قد بُحَّ صوتُه وليس مَن يستيقظ، حتى اليوم، والجميعُ غارقون في سُباتٍ عميق. عام 2001 كتب: «لبنان غارقٌ في سياسة النكاياتِ وتصفيةِ الحسابات، حيث تفوحُ رائحةُ الفضائح والصفقات... مئاتُ ملايين الدولارات ثمنُ صفقة محروقات... مسلسلُ الفضائح لا يتوقفُ يومياً، وآخرُها المشاحناتُ في قضية الكهرباء... إلى متى نَقبلُ أن يكونَ مستقبلُنا مرهوناً، في عالمنا العربي، بأشخاصٍ يعتبرون أنّ مصالحَهم الخاصة فوق كل اعتبار، ولو كان ذلك على حساب الأوطان والشعوب»؟ (النهار 22 / 6 / 2001). هل تغيّرت الأوضاع؟ هل حصلنا على الكهرباء، هذا الوعد العرقوبي الدائم في بلد، ربما يهمُّه البقاءُ في الظلام، لكي تبقى أعمالُ بعض من يتولّون شأنَه مخفيةً عن عيون المواطنين. والمؤلمُ في كلِّ هذا أنَّ اللبنانيين اعتادوا على الظلمِ والاستغلالِ والاستعبادِ على كافةِ أنواعه، فلا يشتكون أو يصرخون أو يحاسبون".

وختم: "لو كان جبران حياً لصدح صوتُه رفضاً لهذا الواقع المقيت. رحمه الله وأبقى كلماتِه حيةً في نفوس اللبنانيين ليتعلّموا رفضَ الذلّ والإنكسار، والثورةَ على الظلمِ والإحتكارِ والمتاجرةِ بلبنان وخيراته، والمناداةَ بالحرية والعدالة والاستقلال".






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم