السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الشقّة" فُسحة فنيّة ثقافيّة مُتعدّدة الاستعمال...والمطلوب عدم الانتماء!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الشقّة" فُسحة فنيّة ثقافيّة مُتعدّدة الاستعمال...والمطلوب عدم الانتماء!
الشقّة" فُسحة فنيّة ثقافيّة مُتعدّدة الاستعمال...والمطلوب عدم الانتماء!
A+ A-

في أحد أحياء السيوفي في الأشرفيّة، ثمة فُسحة فنيّة – ثقافيّة مُتعدّدة الاستعمال، تجذب عشرات الروّاد الذين يتعاملون مع #المكان وكأنه الملاذ الزاهي الذي يحضن جنونهم ونزواتهم ويُشعرهم في الوقت عينه بأن عدم الانتماء إلى الاتجاه السائد ليس جريمة، وأنه من المُمكن أن نعيش انقلابنا على كل ما هو عادي، باسترخاءٍ مُطلَق.


في هذا المكان الذي يحمل اسم L'Appartement (الشقّة)، المطلوب منّا أن نتصرّف على سجيّتنا، وكأننا في الواقع، في منزلنا.
فنحنُ في مبنى سكنيّ قديم، والفُسحة الأقرب إلى كوكب منسي نكتشفه "بالغلط"، قائمة في الطبقة السُفليّة، أي "تحت الأرض".
ما من "يافطات" كبيرة تُعلن عن "الشقّة" وتطل بزخرفة "نيونيّة" برّاقة، بل كلمة صغيرة "مُختبئة" على جدار المبنى وقد ظلّلتها بعض الأشجار.
العنصر الوحيد الذي يخرج عن المألوف ويؤكّد لك أنك بالفعل قد وصلت إلى "الشقّة" التي سُرعان ما تتحوّل "شقّتك"، هي براميل النُفايات القائمة مُقابل المبنى!


فإذا لم تُلاحظ الإشارة الصغيرة على جدار المبنى السكني، الأكيد أن "هضبة" النُفايات الصغيرة ستُعلمكَ بصوت مُدوّي بأنك وصلت بالفعل إلى حيث الإبداع والإسترخاء من العناصر المطلوبة منك لتنتمي إلى الفُسحة!
الشابة كارلا ديب كيروز وزوجها كريم يملكان المكان وقد وضعا لمساتهما الشخصيّة على الغُرف "المكنكنة" والغارقة في أضواء خافتة وموسيقى تحضّ الخصر على التمايل بلامبالاة مدروسة مُرفقة بنظرة "شاردة".
كيف يُحدّدان العنوان للروّاد؟ "هيّنة! بوجّ براميل الزبالة!".
العاملون في الفُسحة يستقبلون الروّاد بالـ "أهلا وسهلا! فوتوا، تصرّفوا وكأنكم في البيت".


والشقّة التي يتداول عنوانها كل من يتخطّى الـ21 عاماً، منذ إفتتاحها أخيراً، مُجزّأة إلى أقسام عدّة.
فهي تأخذ هويّة المقهى الذي يؤمّن للزبائن "الحرامات" إذا ما كان الطقس عاصفاً و "جايي ع بال" هالصبيّة أن "تتلحّف"، كما تأخذ شكل الغاليري التي تعرض أعمال كل فنّان صاعد لم يجد لحظة "عزّه" بعد، وتعرض أيضاً الأزياء للمُصمّمين الذين يُريدون التعبير بصريّاً عن إبداعهم "المُستتر".
ويُمكن أن يجلس الروّاد على "البار" كي يحتسوا ما يواسي النفوس، كما تحتوي على مُحترف يستقبل التلاميذ الذين يتمرّنون على أعمالهم المسرحيّة، أو صفوف اليوغا والرقص والغناء.


كما تحضن كل من يظنّ نفسه فناناً ولكنه لم يحظ بعد بالفرصة التي يحتاج إليها ليُفجّر طاقاته. ومساء كل أربعاء، الجميع مدعو إلى الرسم والنحت ومزج الألوان جماعيّاً وإن كان الفن مُجرّد هواية تُبعد عنّا شرّ الرتابة، وحتى وإن كنّا نعتقد بأن الشهرة "مُتربّصة" خلف كانفا أو أخرى نُنجزها على صدى الأنغام التي تستقرّ "كالسهم" في فضاء هذه الفُسحة التي تحتوي على غرفة نوم شاسعة تستقبل عشرات الصحافيّين والكُتّاب وأصحاب المدوّنات الإلكترونيّة الأجانب الذين يختارون "الشقّة" ليناموا فيها بعض ليال ليكتشفوا بيروت، ويُنجزوا تالياً أعمالهم وهم مُحاطون باللوحات والكماليّات والألوان الزاهية و"القناطر" وعشرات الغُرف التي تحمل الغرفة الواحدة منها هويّتها الشخصيّة التي تختلف عن الأخرى وتُكمّلها في الوقت عينه.
الباب الذي يُؤدّي إلى الشقّة مفتوح باستمرار، والجيران يمرّون أحياناً لإلقاء التحيّة ولـ"يُمزمزوا شي مشروب" أيضاً.
وبما أنها سيرة وانفتحت، الجميع في "الشقّة" يبتسمون بعضهم لبعض ويُلقون التحيّة وإن كانوا غرباء.
غُرباء سُرعان ما يتحوّلون أفراد عائلة كبيرة واحدة يجتمعون حول الموسيقى والرسم والفنون على أنواعها...والأهم هم يجتمعون حول تلك الثقة الكبيرة بأن عدم الانتماء إلى الاتجاه السائد ليس جريمة بل هو أرقى أنواع الإبداع!


[email protected]


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم