الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

ليبيا تستجدي تدخلاً عسكرياً روسياً...

المصدر: "النهار"
أمين قمورية
ليبيا تستجدي تدخلاً عسكرياً روسياً...
ليبيا تستجدي تدخلاً عسكرياً روسياً...
A+ A-

يبدو ان التدخل العسكري الروسي في #سوريا الذي نجح في توفير حماية نسبية للنظام، على الاقل في ما يعرف بسوريا المفيدة بين دمشق والساحل، أثار شهية الحكومة المعترف بها دوليا والجيش الموالي لها لاستدراج موسكو الحليف السابق لطرابلس الى تدخّل مماثل في ليبيا على غرار التدخّل في سوريا.


فقد اعلن قائد الجيش الليبي الفريق اول ركن خليفة حفتر ان قواته مستعدة للتعامل مع روسيا في مسألة محاربة الارهاب في ليبيا، اذا تقدمت موسكو بطرح حول هذه المسالة.
وقال في مؤتمر صحافي عقب لقائه رئيس بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر: "الذي نراه بالنسبة للروس هو انهم يقومون بعمل جيد جدًا ضد الارهاب، ونحن مشكلتنا الاولى هي الارهاب". واضاف "من يستطيع ان يقدم في هذا المجال فنحن معه، ونحن نرى ان لدى الروس اشارات تدل على انهم جادون في مقاومة الارهاب، وربما في الفترة المقبلة يكون عندنا نظرة في هذا الموضوع".


وكان وزير الخارجية الليبي محمد الدايري زار روسيا، ورأى أنه من الملائم في هذه الظروف التواصل مع موسكو، معتبرا اياها داعما رئيسيا لما أسماه "الشرعية" ورغبتها في توصل ليبيا الي حكومة وفاق وطني.


وعلى رغم ان الدايري لم يؤكد أي وعود روسية بدعم حكومته الحالية أو البرلمان الذي انتهت ولايته او دعم دولي في قضية رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي إلا أن البعض اعتبرها خطوة من حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني لكسب أي تأييد على امل تكرار سيناريو سوريا إذا لزم الأمر. فهل يتعلق الأمر بخطوة تقارب أولى قد تفتح الأبواب في المدى المنظور لتدخل عسكري روسي في ليبيا على غرار السيناريو السوري، أم أن الأمر مجرد فرقعة إعلامية بحكم اختلاف الحالتين السورية والليبية ام ان الهدف من ذلك الضغط على الغرب والاتحاد الاوروبي خصوصا لفكّ حظر توريد السلاح الى ليبيا؟
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمّح الى أن حماية مواطنيه بالخارج، تأتي على قائمة أولوياته، ويشمل ذلك حماية الروس الذين يقيمون بليبيا، وقال في تصريح سابق له: "بلا شك سنحمي مصالح المواطنين الذين دفعتهم الظروف لعدم الوجود في روسيا، خاصة أولئك الذين يواجهون أزمات وظروفاً صعبة بدول مثل ليبيا وسوريا واليمن".
وفسّر هذا التصريح بأنه تلميح قوي لتوسيع التدخل العسكري الروسي ليشمل مناطق اخرى في الشرق الاوسط. كما نقلت صحيفة "الخبر" الجزائرية عن مصدر أمني جزائري رفيع، أن روسيا تراقب تنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا عن طريق طائرات استطلاع وقمر اصطناعي للتجسس، مشيرًا الى أن روسيا بدأت مراقبة مواقع خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في ليبيا حتى قبل تدخّلها عسكريا في سوريا.


وكشف المصدر ذاته أن الروس أبلغوا الى الجزائر ومصر وتونس أنهم قلقون من زيادة نفوذ تنظيم "داعش" في ليبيا، كما أبلغوهم المخاوف من تحول ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات السلفية الجهادية، بدل العراق وسوريا، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال توجيه ضربات جوية أو صاروخية بصواريخ روسية ضد "داعش" في ليبيا. ولفت إلى أن الروس مهتمون بأربعة أمور: تأثير وجود تنظيم داعش في ليبيا على حركة الملاحة البحرية في البحر المتوسط، مع وجود أنصار تنظيم "داعش" في مناطق ساحلية وامتلاكهم أنواعًا عدّة من الصواريخ، والمعلومات التي تشير إلى وجود ارهابيين من أصول روسية وشيشانية في صفوف تنظيم داعش في ليبيا، ومصير بعض الأسلحة الروسية المتطورة التي كانت بحوزة نظام القذافي وتمّ نهبها بالكامل، والمخاوف من تصنيع أسلحة كيميائية في ليبيا من تنظيمات سلفية جهادية مرتبطة بـ"القاعدة" و"داعش". لكن المصدر استبعد التدخل العسكري الروسي في ليبيا الآن، لكنه اضاف: "يبدو أنهم يراقبون الوضع الآن في ليبيا تماما مثلما راقبوه لفترة طويلة في سوريا قبل أن يتدخلوا بها".


لكن مراقبون للمشهد الداخلي استبعدوا جذريا أي تدخل روسي في ليبيا كونه ليست منطقة نفوذ لها، وليست لها أهمية أو أولوية، معتبرين التصريحات حول الامر مجرد تلويح يتمنّى أصحابه تحقيقه. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنفسه في روما إن "هذه ليست خططنا، لم نتلق طلبات من هذا النوع من حكومة ليبيا".


وفي هذا الاطار يقول الكاتب الليبي كامل المرعاش إن "ليبيا بعيدة عن روسيا، ولروسيا أولويات مختلفة (...) لا أعتقد أن روسيا مقبلة على تدخل في ليبيا على الأقل في المدى المنظور"، مؤكدا أن دولا مثل "إيطاليا وفرنسا وإسبانيا لها مصالح أكبر مع ليبيا، وهي دول لن تترك بالتأكيد ليبيا للنفوذ الروسي".
ومن مؤشرات استبعاد فرضية التدخل الروسي غموض الموقف في ليبيا سياسيا وعسكريا، حيث تتفاقم مشاهد العنف والصراع على السلطة بسبب انقسام هذه البلاد الغنية بالنفط بين سلطتين، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي في الشرق، وحكومة وبرلمان لا يحظيان بالاعتراف الدولي يديران العاصمة طرابلس ومعظم مناطق الغرب. ويضيف المرعاش أنه "حتى ولو أخذنا بفرضية التدخل العسكري الروسي، فإن موسكو ستكون في حاجة إلى دعم إقليمي من بلد كمصر مثلا، غير أن مصر لها التزامات مع دول الخليج التي تعارض بشدة هكذا تدخل خصوصا السعودية والإمارات، ثم إن مصر في حاجة ماسة اليوم للمساعدات الخليجية لتمويل اقتصادها".
يرى عضو المؤتمر الوطني المستقيل فوزي العقاب أنه لن يكون هناك تدخل مباشر لروسيا في ليبيا كما حدث في سوريا، فسوريا بالنسبة لروسيا حليف وشريك وتجمعهما اتفاقات عسكرية ويظل توقع دور روسيا في ليبيا مرتبط ومرتهن بالأزمة السورية وصيغة الحل فيها، مضيفا: "لهذا لا اعتقد إن ليبيا تتعدى الآن في حسابات روسيا ورقة ضغط لحلحلة الملف السوري، لكن ما يثير المخاوف ان أي اقتراب روسي من المشهد الليبي قد يعيد إحياء نظرية الحزام الأخضر التي اتبعتها الولايات المتحدة في ثمانينات القرن المنصرم في افغانستان مما يزيد المشهد تعقيدا وارتباكا، لا سيما أن روسيا لم تعلن إلى الآن عن دعم صريح ومباشر لأي طرف ليبي في الصراع الدائر وكل ما ترسله روسيا من اشارات لا يتعدى المغازلة لرئاسة الأركان التابعة للبرلمان الليبي.


لكن الناشط السياسي أسامة كعبار كتب في موقع "ليبيا المستقبل" إنه من الصعب التكهن بأن يكون هناك دور روسي فعلي على الأرض فى ليبيا، فليبيا لم تكن أبدا منطقة نفوذ روسية. ليبيا ومنذ اتفاق سايكس بيكو هى منطقة صراع فرنسي إيطالي بريطاني، وبكل تأكيد القبعة الأميركية فوق الجميع، مشددا على ان حل الأزمة الليبية بيد أميركا، ولن تكون روسيا فى قبالة الساحل الأوروبي.


ويجمع محلّلون على ان تصريحات حفتر وزيارة الدايري لروسيا ليست الا للابتزاز ودفعها للموافقة على تسليح حفتر. ويعتقدون ان ليبيا ستكتفي بالتلويح بالتدخل لكنها لن تفعل لأن الازمة الليبية تعد شأنا أوروبيا اصيلا وروسيا لا تريد اغضاب اوروبا حاليا لاسباب وجيهة كثيرة.


[email protected]
Twiter: @amine_kam

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم