الخميس - 09 أيار 2024

إعلان

مناورات متقابلة بين اليونان وتركيا تضع شرق المتوسط على كف الحرب

مناورات متقابلة بين اليونان وتركيا تضع شرق المتوسط على كف الحرب
مناورات متقابلة بين اليونان وتركيا تضع شرق المتوسط على كف الحرب
A+ A-

تتصاعد حدة التوتر بين تركيا واليونان، وتُجري كل منهما تدريبات عسكرية على خلفية نزاعهما حول مناطق غنية بالغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط. واستبعدت أنقرة التراجع للوراء، وأوضح الاتحاد الأوروبي انحيازه لليونان، في حين أجرى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس مباحثات مع الجانبين بهدف احتواء التصعيد.

لاح غصن الزيتون قبل اجتماع غير رسمي لوزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي في برلين مقرّر الخميس والجمعة، حيث من المتوقع أن تضغط اليونان على التكتل لفرض عقوبات على منافستها التاريخية تركيا.

لكنّ دول الاتحاد الأوروبي تفضل تحاشي إثارة غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقد زار ماس أثينا وأنقرة في محاولة لتخفيف حدة التصريحات وإعادة المحادثات الى مسارها.

فأوروبا تريد ضمان وصول آمن لها إلى احتياطات الغاز المكتشفة حديثاً، فضلاً عن استقرار كل من حلف شمال الأطلسي والمنطقة المضطربة برمّتها، والتي تشمل مصر وليبيا التي تمزقها النزاعات.

ولم يتمكن ماس من الحصول سوى على وعود فاترة من المسؤولين اليونانيين والأتراك، الذين استمروا في التعبير عن الظلم اللاحق بهم في هذا الخلاف. 

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماس، إن "تركيا مستعدة لحوار من دون شروط مسبقة من أجل تقاسم عادل" للثروات، واستدرك "لكنّ الأمر غير ممكن إذا فرضت اليونان شروطاً مسبقة". 

أما وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس فقال بعد اجتماعه مع ماس، إنّ أثينا "مستعدة للحوار، لكنّ هذا الحوار لا يمكن أن يتمّ في ظل التهديدات (التركية)". وأكد أن بلاده ستواصل في الوقت ذاته الدفاع عما وصفها بحقوقها السيادية.

وأضاف أن "تركيا تواصل ما وصفها بالاستفزازات، وانتهاك القانون الدولي، على رغم دعوات جيرانها وحلفائها لوقف تصعيد التوتر".

وفي استكمال لمهمّته المعقدة، أقرّ ماس بأن النزاع قد دخل مرحلة "دقيقة للغاية". إلا أنّه قال "لا أحد يريد حلاً عسكرياً لهذه القضية... وهناك استعداد لدى الجانبين للحوار".

وتخشى ألمانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، "تصعيداً جديداً" بين تركيا واليونان، العضوين في حلف الأطلسي. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الألمانية أن التصعيد "لا يمكنه إلا أن يلحق الضرر بالجميع، خصوصاً المعنيين مباشرة في المكان".

ودعا الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أنقرة إلى أن توقف "فورا" عملياتها للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.

"تصرفوا بمنطق سليم"

ويدعم الاتحاد الأوروبي بكامل أعضائه مطالب اليونان البحرية، لكن التكتل امتنع حتى الآن عن فرض عقوبات شديدة على أنقرة خشية أن ينفّذ أردوغان تهديده بإطلاق موجة هجرة جديدة في اتجاه أوروبا. 

وأثنى جاويش أوغلو على جهود الوساطة الألمانية، لكنّه قال إنّ أنقرة قامت ببادرة حسن نية عبر الإعلان عن تجميد نشاطاتها التنقيبية الشهر الماضي.

وأضاف أن تركيا عاودت نشاطها فقط عندما وقّعت اليونان في 6 آب اتفاقاً مع مصر لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في انتهاك صريح للنيات الحسنة. 

وأقر البرلمان المصري هذا الاتفاق الأسبوع الماضي ومن المتوقّع أن يقرّه البرلمان اليوناني الأربعاء (أمس).

وقال جاويش أوغلو :"أودّ أن أنصح اليونان بالتخلّي عن تصرّفها المؤذي"، محذّراً "تصرّفوا بمنطق سليم" لأن تركيا جاهزة "للقيام بما يلزم من دون أي تردّد".

وقرّرت تركيا الأحد تمديد مهمة سفينتها المخصّصة للأبحاث والاستكشاف "أوروج رئيس" لأربعة أيام تنتهي اليوم، م دفع باليونان الى اتخاذ قرار بالمضي في مناوراتها البحرية في مكان مجاور.

ونشرت وزارة الدفاع التركية على تويتر الثلثاء صوراً لفرقاطتين تركيتين تشاركان في عملية "درع البحر المتوسط" في البحر مع سفينة دعم إيطالية.

والإثنين، قال أردوغان: "من الآن فصاعدا، ستكون اليونان مسؤولة عن أدنى قلق قد ينشأ في المنطقة. تركيا لن تتخذ أدنى خطوة إلى الوراء".

و أوضح وزير الطاقة التركي فاتح دونماز الثلثاء أن "سفن التنقيب (التركية) تواصل عملياتها كما هو مقرر"، متوقعا "فتح آبار تنقيب في أماكن واعدة".

"غير واقعية"

ولطالما اعترت العلاقة بين اليونان وتركيا توترات، وكاد خلاف عام 1996 حول بعض الجزر الصغيرة في بحر إيجة أن يتسبّب بحرب بين البلدين.

واتّخذت فرنسا ذات الثقل داخل التكتل الاوروبي موقفاً حازماً حيال أنقرة حين أرسلت سفناً حربية لدعم اليونان في هذه المواجهة.

لكنّ تركيا ليست فقط حليفا قديما داخل حلف شمال الأطلسي، الذي يضم الكثير من الدول الاوربية، بل هي ايضا طرف في اتفاق مع بروكسيل لمنع الهجرة غير الشرعية الى أوروبا، التي أدت الى انقسامات داخل التكتل عام 2015.

وعقد وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً عبر الفيديو في 14 آب، بعد يومين فقط من حادث الاصطدام بين سفينتين حربيتين تركية ويونانية.

وفي أنقرة، اعتبر ماس أن العلاقات التركية- الأوروبية "على مفترق طرق"، لكنّه أعرب عن رغبة ألمانيا في تحسين العلاقات مع أنقرة التي وصفها بأنها "شريك استراتيجي".

وردّ جاويش أوغلو بحضّ بروكسيل على التوقّف عن التلويح لأنقرة بالوعد بنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، إن هي تنازلت عن حقوقها في شرق المتوسط، قائلاً إنّ هذا "غير واقعي". وأضاف :"ما نتوقّعه من الاتحاد الأوروبي هو أن يصير وسيطاً نزيهاً".

تدريبات مشتركة

وأعلنت وزارة الدفاع اليونانية، أن اليونان وفرنسا وايطاليا وقبرص ستجري تدريبات عسكرية من الاربعاء (أمس) إلى الجمعة في جنوب جزيرة كريت في شرق المتوسط، حيث تصاعد التوتر بين اثينا وأنقرة أخيراً. وقالت في بيان إن "قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا اتفقت على نشر وجود مشترك في شرق المتوسط في إطار +مبادرة التعاون الرباعية (اس كيو إي دي)+".

وأضافت أن هذه التدريبات ستجرى بين 26 آب و28 منه جنوب جزيرة كريت اليونانية وقبرص. وأشارت إلى أن "التوتر وعدم الاستقرار في شرق المتوسط زادا من الخلافات حول القضايا في شأن المجال البحري (رسم الحدود والهجرات وتدفق اللاجئين... ".

وكان مصدر عسكري يوناني قال الثلثاء إن اليونان " تجري تدريباً للطيران قبالة جزر كريت وكاربوثوس وكاستيلوريزو اليونانية"، تشارك فيه قوات يونانية فقط.

وأضاف أن اليونان ستجري تدريبا مع الطيران الإماراتي قريبا، في حين جرى تمرين آخر في جنوب جزيرة كريت بين قوات يونانية وأميركية.

وتؤجج جزيرة كاستيلوريزو غضب أنقرة. وتقع هذه الجزيرة على مسافة كيلومترين من المياه التركية. وتعتبر أثينا أن المياه المحيطة بهذه الجزيرة تحت السيادة اليونانية، إلا أن أنقرة تردّ بالقول إن هذا الموقع يحرم تركيا من مساحات بحرية غنية بالغاز تمتدّ إلى مئات آلاف الكيلومترات.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم