الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

لبنان بين "قيصر" الأميركي والقيصر الروسي

المصدر: النهار
سعد نسيب عطاالله
لبنان بين "قيصر" الأميركي والقيصر الروسي
لبنان بين "قيصر" الأميركي والقيصر الروسي
A+ A-

تزداد هذه الأيام تصريحات العديد من السياسيين عن حصول مجاعة سوف تضرب لبنان، دون أن يطرحوا مبادرات، وحلولاً، لمنع حدوثها، أو التنازل عن امتيازاتهم التحاصصية في النظام الطائفي البغيض.

إن كل مؤشرات الركود الإقتصادي، وتعاظم البطالة، والغلاء الفاحش للمواد الغذائية والمعيشية الأساسية، وغياب طغمة السلطة الحاكمة عن المحاسبة والمراقبة، وإقفال الحدود مع سوريا في وجه حركة الإستيراد والتصدير البرية الوحيدة، وجشع التجار، والصناعيين، ووسطاء المنتوجات الزراعية والحيوانية، وغياب الرحمة لدى الأطباء والمستشفيات، ووكلاء الأدوية، تدفعنا الى التسليم بأن لا مناص من حصول المجاعة وانتشار الأمراض الخطيرة!

إن ندرة الدولار المتصاعدة في الأسواق النقدية هي مرادف للحصار البحري والجوي الذي تفرضه أميركا ودول الغرب حاليا على الشعب اللبناني، كما فعلت دول الحصار خلال مجاعة 1915- 1918.

كما وأن إقفال الحدود السورية مع الدولة اللبنانية، هو تكرار للحصار العثماني أيام مجاعة الحرب العالمية الأولى!

لا يمكن عدم إحتمالية التوصل إلى مجاعة الشعب اللبناني إذا استمر الجدل البيزنطي بين فرقاء النفوذ السلطوي والمذهبي في الداخل اللبناني، الذين هم ليسوا سوى دمى، وأدوات، للصراع الدائر بين مطرقة النفوذ الأميركي الإمبريالي الغربي، وبين سندان النفوذ الإمبراطوري الفارسي المتجدد، على الساحة اللبنانية المتفلتة!

لا يمكن احتواء هذا الجدال الفارغ والعقيم، ومنع الوصول الى المجاعة، إذا اقتصرت الأمور على تقاسم مغانم السلطة، والتسلط الظالم على الشعب، في النظام اللبناني البائس.

إن الخلاف والاختلاف الحاصل بين الأفرقاء اللبنانيين، هو حاصل بين الموالين للنظام السعودي واميركا، وبين الموالين للنظامين السوري والإيراني؛ أي بين من يريد التوجه بالحالة اللبنانية التعيسة إلى الغرب الطامع، أو إلى الشرق الجائع. ولا يأبه الطرفان للتركيبة اللبنانية التقليدية التي ترتكز على ركنين وفاقيين متكاملين، احدهما في الغرب، والآخر في الشرق.

يتمثل الركن الغربي، بالحضارة الغربية المعاصرة، ويتمثل الركن الشرقي، بالقيم والروابط البنيوية، واللغوية، والوحدوية، والدينية العربية الخالصة، ولا تدخل في مفهوم هذا "الشرق" دول أخرى سواها.

لم يكن هناك حضور أو تواجد سلطوي إيراني عند تأسيس دولة لبنان الكبير، وهذا ما يجب علينا إدراكه عندما ندعو إلى الانفتاح على الشرق البعيد عن الجغرافيا العربية.

إن الشرق المتعارف عليه في المفهوم اللبناني، هو الانفتاح على الدول العربية، الذي تقاسمه اللبنانيون وتشاركوا فيه، عنوة أو رغبة، حيناً: مع سوريا، أو العراق، أو السعودية، أو مصر، منذ انتهاء الانتداب الفرنسي.

لا تزال هذه النزعة الانفتاحية على الشرق تقتصر على الدول العربية، بعيداً عن الدولة الإسلامية الإيرانية، رغم الدعم الإيراني العسكري والمالي المشكور، وغير المنظور، للمقاومة الإسلامية في لبنان.

لا يمكن إنكار ديمومة وحدة وقرار الدولة السورية رغم حروب السنوات التسع الأخيرة، ولا يمكن عدم احترام العلاقات الأخوية القائمة معها، لكن هناك عامل أساسي وواضح وثابت، قد دخل مؤخراً على منظومة النظام السوري، وهو الوجود الروسي المطلق وأثره على السياسة الخارجية السورية.

إنه من الضروري على الأطراف اللبنانية التواصل مع روسيا بالتوازي مع أميركا أيضاً، من أجل الفصل في الصراع الجاري بينهما في موضوع قانون قيصر الأميركي، لاحتواء نفوذ القيصر الروسي في سوريا، وبين تداعياته الكارثية على الدولة اللبنانية!

يجب على الأطراف اللبنانية المتنازعة، أن تتواصل مع موسكو وواشنطن، بصورة مباشرة وفورية، واللجوء إلى الأمم المتحدة، في حال تمنعت واشنطن عن ذلك، من أجل الحفاظ على ديمومة الوجود اللبناني، دولة وشعباً.

كما لا يمكن إجهاض الثورة الاجتماعية المطلبية التي تعمل وتهدف الى مكافحة المفسدين والفاسدين في النظام الطائفي البغيض.

لا يمكن أن يدفع لبنان وشعبه، الواقع في خانة الشعوب المستضعفة، ضريبة صراع الأقوياء، لا عسكرياً، ولا اقتصادياً أو معيشياً.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم