الإثنين - 29 نيسان 2024

إعلان

كتاب حي

المصدر: النهار
كريستين السويدي
كتاب حي
كتاب حي
A+ A-

يقولون إن الكتب مجرد بضع أوراق تخبرنا بقصص أو معلومات كنت تريدها. ولكن مع مرور الوقت وتعمقي بالقراءة وجدت أنها ليست مجرد أسطر متناسقة، عنوان ملفت، أو عبرة يريد الكاتب توصيلها إلى قرائه. إن الكتب حية بالفعل! متأكدة من أنكم تهزلون من كلامي، ولكن ما توصلت إليه كان يضع أحاسيسسي في مكانها تجاه هذه التحف الناطقة. ناطقة؟ ولكن كيف؟ فلا يمكنها تحريك ساكن بدون وجود أي قارئ، أو حتى إبداء رأيها بدون سماعها. في كل مرة، أعلم وأشعر بأن الكتب تعطيك ما كنت تبحث عنه في الآخرين. إن تريد الضحك، فلا شك بموقف بسيط يصفه الكاتب عن إحدى شخصياته يمكن أن يجعلك تضحك من صميم قلبك، أو وصف شعور قد لامسك في يوم ولم تستطع التعبير عنه لأنك لم تجد الكلمات المناسبة فتقرأها بعينيك وتشعر بفرح داخلي كأنك قمت باكتشاف عظيم. يقولون إن الكتب لا تتكلم، ولكن في كل مرة تريد التعبير لا تجد سواها يتكلم عنك. يقولون إن الكتب لا تنصت، ولكن في كل مرة لا تجد من يهتم لأمرك فترى بين صفحاتها الدافئة عبارات واقتباسات تواسيك وتأتيك على شكل منقذ من غرقك بأفكارك. يقولون إن الكتب لا تشعر، ولكن في كل مرة تراك تائهاً بأحاسيسك اللطيفة، تعطيك حافزاً وقوة للتعبير عنها بدون الخشية من أي شيء. يقولون إن الكتب غير قادرة على منحك ما قد يقدمه المرء، ولكن في كل مرة، أبحث عن كائن بشري لسماع قصتي، مشاعري، ضعفي، أسلوبي وغيرها. لم أجد أياً منهم. كنت أجد كتاباً يواسيني في أفكاري التي لطالما كنت ضحيتها وعالقة بدوامتها، يعطيني الطمأنينة التي لا أشعر مع الناس، يفرحني عندما أكون حزينة، يستمع إلي ويقدم لي من تحفيزات للتقدم والعبور من مرحلة إلى مرحلة، يذكرني كم أنني فريدة، ذكية، جميلة، جذابة. يعطيني بعض النصائح، يقدم لي المعلومات لبحثي الجامعي. يقدم ويقدم ولا يزال يقدم على مرّ الأيام. إن صداقتي وعيشي بين الكتب قدمت لي أكثر من أي إنسان، ليس لأنني أحب الوحدة ولا أريد مخالطة الناس، لطالما أحببت التحدث ولكن تعبت من تصرفاتهم وأفكارهم المتوارثة، أحب الحياة المفعمة بالمفاجآت والمغامرات فهي من طبيعتي كوني أعيشها في كل مرة أتصفح الكتب، فيبدو لي أنني جالسة ساكنة ولكن في الحقيقة هناك معركة تجول بين الأسطر التي تخالطها أفكاري وخيالي المفعم بالحرية. أجمل أوقاتي، تمضيتي مع فنجان القهوة وكتاب عريق بالإضافة لدفتر مذكراتي لتدوين ملاحظاتي. لم أجد الفرح الحقيقي إلا بها. ولا شك أن كل كتاب قرأته إلى حد اليوم، أثر فيّ وأعطاني درساً يمكن للإنسان عدم المرور بها، فهي تجعل منك سلاحاً ذا صلابة ونقاوة فريدة من نوعها. لطالما أحببت اللجوء إليها في أوقاتي الصعبة والمرحة. فخورة بتميّزي عن الآخرين فأنا محبة للكتب، ولا يمكن لأحد فهم ذلك الشعور إن لم يتذوقه. مجد الكتب ليس فقط عند قراءتها إنما عند احترام ما يمكن أن تقدمه لك وتختلجه في صدرك وكأنه حي يرزق. فعلاً الكتب حية وهي تنادي ومن له فكر حنون فليسمع.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم