الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

من هي المرأة في لوحة "السيدة الباكية" لبيكاسو؟

جاد محيدلي
من هي المرأة في لوحة "السيدة الباكية" لبيكاسو؟
من هي المرأة في لوحة "السيدة الباكية" لبيكاسو؟
A+ A-

تعتبر دورا مار واحدة من أهم المصورين الفوتوغرافيين ذوي الاتجاه السريالي في العالم، وهي الفنانة الوحيدة التي عُرضت أعمالها في كل المعارض الدولية المخصصة لهذا النمط من التصوير. كما تشتهر بأنها السيدة الموجودة في لوحة "المرأة الباكية" للرسام العالمي الشهير بيكاسو. وتُظهرها دموعها التي رُسمت بإفراط في الكثير من أعمال هذا الفنان الشهير، وكأنها امرأة محطمة. لكن ما لا يعرفه كثيرون، هو أن مار استاءت بشدة من هذه الصورة التي ظهرت عليها في أعمال بيكاسو، رغم أنها اختارت واعيةً أن يكتنف الغموض حياتها. فقد قالت ذات مرة للكاتب الأميركي جيمس لورد، إن كل اللوحات الذاتية التي رسمها بيكاسو لها "كانت كلها أكاذيب. إنها تعبر عن بيكاسو. لا توجد في أي واحدة فيها دورا مار على الإطلاق". 

وقد شهد مركز بومبيدو للفنون والثقافة في باريس مؤخراً افتتاح أول معرض لأعمالها، وهي الأعمال التي ستنتقل إلى متحفي "تيت موردن" في لندن و"جيه بول غيتي" في ولاية كاليفورنيا الأميركية. أما بالنسبة الى حياتها، فقضت مار، التي وُلدت في باريس باسم تيودورا ماركوفيتش، الجانب الأكبر من سنوات الطفولة والمراهقة في الأرجنتين مع والدها، الذي كان يعمل مهندساً معمارياً. وعندما عادت إلى باريس، أقامت علاقة صداقة مع المصور الشهير أونري كارتييه بريسون والرسامة جاكلين لامبا، التي تزوجت فيما بعد الكاتب والشاعر أندريه بريتون. ودرس الثلاثة على يد الرسام التكعيبي أندريه لوت، لكن الكثيرين نصحوها بأن تركز على التصوير بدلاً من الرسم التكعيبي، بعدما بدا أن الطرق التي يتبعها لوت في تدريس الفن لا تلائمها. وبحلول عام 1930، غيّرت اسمها إلى دورا مار، وبدأت مسيرتها كمصورة محترفة ثم اشتهرت بتركيب الصور الخيالية التي استخدمت في العديد من المجلات، كما ركزت على تصوير الشوارع في باريس ولندن وبرشلونة. 

وصفت صورها بـ"الغرابة المذهلة"، ما مكّنها من ابتكار صور غامضة على نحو غريب، تُظهر مثلاً تماثيل عرض أزياء، وهي منبوذة بإهمال في فتحات في الجدران، أو تصوّر انعكاس أشكال هذه التماثيل في الألواح الزجاجية للنوافذ. وانجذبت مار إلى الحركة السريالية بحكم إيمانها بالفكر اليساري في السياسة من جهة، وبالمدرسة الفنية التي يتبناها هذا التيار السياسي من جهة أخرى. وهكذا شاركت في اجتماعات سياسية شهدها حي بيغال وسط باريس، ولم تتردد في التوقيع على بيانات ذات طابع سياسي كذلك، من بينها ذاك الذي أطلقه بريتون للاحتجاج على صعود الفاشية.  ويعود الفضل للشاعر بول إيلوار في تقديمها لبيكاسو في كانون الثاني 1936. ولم يمض وقت طويل حتى ارتبط الاثنان بعلاقة غرامية.  وقد جاء ذلك في وقت عصيب بالنسبة لبيكاسو على المستويين الشخصي والمهني. فقد كانت زيجته بـ"أولغا كوكلوفا" قد انهارت بعدما تبين أن عشيقته ماري تريز-فالتر حامل منه.

وتقول دماريس أماو، المسؤولة في مركز جورج بومبيدو الفني، أن لقاء بيكاسو مع دورا مار كان بمثابة "بداية لبيكاسو من نوع جديد". ففي واقع الأمر، لولا لقاء مار لم يكن من المرجح أن يُبدع هذا الرجل في ما بات يُعتبر أحد أعظم الأعمال الفنية في القرن العشرين، على الأقل على الشاكلة التي ظهر عليها وعرفناه بها. وعقب اندلاع الحرب الأهلية في إسبانيا عام 1936، أقنعت مار وإيلوار بيكاسو بأن يقف ضد الفاشية. وعندما دمرت القوات الألمانية والإيطالية بلدة إسبانية متمردة بطلب من الديكتاتور فرانكو في العام التالي لذلك، أدت النقاشات المحتدمة التي أجراها هذا الرسام الشهير مع مار، إلى أن يُبدع لوحة "الغُرنيكا" التي رسمها بيكاسو وأخذت شكل الصور الفوتوغرافية التي تصطبغ باللونين الأبيض والأسود. وترى مادوكس أن الطبيعة المشحونة لعلاقة مار وبيكاسو، لا تنفي أن هذه العلاقة أدت إلى إعادة ضخ الدماء في شرايين هذه السيدة كرسامة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم