لو اكتفت داليدا خليل بتوضيح وُجهة نظرها، لكان أفضل من المساس الخاطئ بثوابت المهنة. تردّ على انتقاد إفراطها في الأناقة وتضخيم التركيز على "اللوك" بالقول، تقريباً، إنّها مؤامرة. كان الأفضل لو أوضحت أنّ الخاطف يدلّلها، وهذه طبيعة النصّ، وختمت التغريدة بنقطة. أما الكلام عن "أعداء النجاح"، فبدعة. الكارثة في اعتبار أنّ على الممثلة الحفاظ على جمال شكلها. يا للهول إن كانت لا تمزح. ثابتة جوهرية في التمثيل تنصّ على أن يُطوَّع الشكل على حساب المحتوى. مَن يريد أشكالاً فحسب، لا يُشاهد مسلسلاً. يكتفي بالبحث على "إنستغرام" مثلاً.


تختلط الأمور على خليل الجيّدة في أداء الشخصية لولا المبالغة في المظهر. في "أسود" ("أل بي سي آي") تأسرها فكرة جمالها، فتتغلّب عليها. وأمام النقد المُحقّ، تجيب: "لستُ الممثلة الأولى والأخيرة في لبنان والعالم العربي المُكترثة لجمالها على الشاشة احتراماً لعين المُشاهد". وتُكمل لمزيد من "التخبيص": "ليس بالضرورة أن أشوّه نفسي لإرضاء البعض". الجزء الوحيد القابل للأخذ والردّ، تتركه للنهاية: "كارن (شخصيتها في المسلسل) مخطوفة، لكنّ أسود (باسم مغنية) يعزّزها، وهذا غائب عن بال البعض"، مُرفِقة التغريدة بعبرة: "المضمون أهم من القشور". صحيح، لكن ما تقدَّمَ الخلاصة هو انتصار للقشور. ممثلات من فئة النجمات، يتنازلن عن جمالهن من أجل الإقناع بالشخصية ومداراة ذكاء المٌشاهد، فالمسألة إذاً ليست شكلاً. أمكن داليدا خليل، في أحسن الأحوال، ألا تردّ بهذا الشكل المُضرّ، وتدع جانباً تلك المقولة المملة عن الأشجار التي تُرشَق. أمكنها أن تنساها كلياً، مع عبارات من نوع "أي نجاح يجب أن يكون حوله أعداء". نظرية المؤامرة في الدراما اللبنانية ساذجة ومضحكة. كلّما "دقّ كوزٌ بجرّة" تنفض غبارها.
صحيح أنّ أسود يدلّل خاطفته ويعزّزها. لكنّ ذلك يبدو منفصلاً عن المظهر الأنيق في ذاته، كأنّه بمعزل عن المشهد. عدا مَشاهدها مع الخاطف، فقد أمضت يومين سجينة الغرفة بفستان زفافها. لم تخرج شَعرة عن موضعها. لم يتأثر كحل العيون ولا أحمر الشفاه. صمود تام. الدراما على هذا الشكل تضرب العمق وتنسف جوهرها. عذراً، تخطئين يا داليدا. الشكل مهم، إن تطلّبه الدور. وإلا، فهذا مجرّد استعراض. داليدا خليل عذرها أقبح من ذنبها.
اقرأ للكاتبة أيضاً: خديعة الرومانسية: المسلسلات تكذب الكذبة وتُصدّقها!
Twitter: @abdallah_fatima