الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"نعيش واقعاً مرعباً... الحساسية تُوقظ القلق في داخلي بالرغم من أنني طبيبة"

المصدر: "ويب مد"
ترجمة جوي جريس
"نعيش واقعاً مرعباً... الحساسية تُوقظ القلق في داخلي بالرغم من أنني طبيبة"
"نعيش واقعاً مرعباً... الحساسية تُوقظ القلق في داخلي بالرغم من أنني طبيبة"
A+ A-

"ازداد شغفي لدراسة الحساسية الغذائية في وقتٍ مبكرٍ جدًا من حياتي المهنية كطبيبة أطفال وباحثة، بعد رؤية الآباء الذين يعاني أولادهم من الحساسية الغذائية المهددة للحياة، ويكافحون من أجل الحفاظ على أمان أطفالهم، ومعرفة الوجود المحدود جدًا للبيانات العلمية لمساعدتهم. فقرّرت حينها أنني أردت المساهمة في تغيير هذا الوضع"، بحسب ما روت الطبيبة روشي غوبتا لموقع "ويب مد" الأميركي.وتابعت: "وبعد حوالي ثلاثة أعوام من بداية أبحاثي، أصيبت ابنتي التي كانت تبلغ من العمر عاماً واحداً بحساسية. لم يكن لدى أي فرد في عائلتي ردود فعل على الأطعمة. لكنني عرفت على الفور ما كان يحدث عندما بدأ ابني البالغ من العمر 5 أعوام حينها وابنتي، في الصراخ طلبًا للمساعدة أثناء اللعب في الغرفة المجاورة.

هرعت لمعرفة ما يجري فوجدت أن ريا مغطاة بطفحٍ جلدي شديد بدأ على وجهها وسرعان ما انتشر في كلّ جسمها. استناداً إلى تدريبي الطبي، أدركت على الفور ما كان يحدث، وأدركت أنها ردّ فعل على الفول السوداني التي أكلها ابني حيث بقيت آثارها على يديه الصغيرتين.

ولكن حتى عندما لبستُ شخصيّة الطبيبة، كانت الأمّ في داخلي تواجه مجموعة مختلفة تمامًا من ردود الفعل. كانت قلبي يخفق، وراودتني أفكار عدّة. شعرت بالقلق والغضب في انتظار معرفة ما إذا كان الدواء سيهدّئ حساسيتها وأتساءل متى وإذا كنتُ بحاجة ٍإلى استدعاء سيارة إسعاف. في هذه اللحظة، أتذكر أنني لم أشعر بمثل هذا الخوف: الرغبة في مساعدة طفلتي والحفاظ على سلامتها والتساؤل عما إذا سأنجح فعلاً بذلك".

وأضافت: :بعد ساعاتٍ، عندما توقفت الحساسيّة، أدركت في ذلك اليوم أنّ كمّية الدرس عن الحساسية الغذائية لا تهمّ لأنّ مرحلة جديدة من تعليمي بدأت حينها. لم يهيّئني بحثي في الحساسية الغذائية بأي شكل من الأشكال لكوني والداة طفلة تعاني منها. لذا انضممت إلى مجموعة لدعم أمهات الأطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية لأنني كنت أعلم أن حياة عائلتنا على وشك التغيير وأنني بحاجة إلى مساعدة للتغلب على ذلك.

لذا، وتماماً مثل كل عائلة أخرى متأثرة بالحساسية، بدأنا بالتفكير فجأة بالكثير من الأسئلة العمليّة للإجابة عليها. هل يمكننا إدخال الفول السوداني والمنتجات التي تتضمّن الفول السوداني إلى المنزل؟ لكنه طعام ابني المفضل. كيف يمكننا إدارة ذلك؟ ما هي الاحتياطات التي يجب أن نقوم بها في المنزل؟ في المطاعم؟ في منازل الآخرين؟ مع مقدمي الرعاية؟

تصبح الإجابة على هذه الأسئلة معقدة نظرًا لوجود نسبة خطورة مرتبطة بالحساسية الغذائية. قد تكون حساسيّة الطفل على أحد الأطعمة بسيطة اليوم، وردود فعل خطرة ومهدّدة للحياة على الطعام عينه في يوم آخر. بعض الأطفال يتغلبون على الحساسية والبعض الآخر لا. تظهر الحساسيّة لدى البعض فقط عند تناول الطعام المسبب، أمّا لدى البعض الآخر يجب التفكير باتصال الطعام المسبب بمنتجات أخرى أو ما إذا كانت بعض الأطعمة تعدّ أو تصنّع إلى جانب أطعمة أخرى".

وأكملت: "يختلف كلّ طفل عن الآخر، لذلك لا يوجد نهج واحد يناسب جميع عائلات الحساسية الغذائية. يجب اكتشاف هذه الأشياء بنفسك ومن ثم عليك تثقيف الآخرين. وعندما تشعر بالإرتياح بعد التحديات التي واجهتها، تظهر تحديات جديدة مع نمو الأطفال.

حدث تحدٍّ كبير بالنسبة لي عندما دخلت ريا إلى المدرسة وأدركتُ أنّ عليّ الوثوق بشخصٍ آخر للحفاظ على سلامتها. لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لي، بل في الواقع كان مرعباً.

وحرصت الطبيبة في داخلي على أن تكون ريا مزوّدة من حقنتين من دواء الحساسيّة في جميع الأوقات، وقاموا بتدريب معلميها على إعطائها الدواء، ووضعوا خطة للطوارئ إذا اضطر الأمر. ومع ذلك، فلم تستطع الأمّ فيّ أن تتركها في المدرسة وتغادرها. يومًا بعد يوم، جلستُ في صفها بحثًا عن المخاطر وحلول للمشكلات.

عندما شعرت بالراحة لتركها في المدرسة، كنتُ أخشى أن أكون بعيدةً عنها. كانت مدرستها تبعد 10 دقائق من عملي حتى أتمكن من الوصول إليها بسرعة إذا لزم الأمر، واحتفظت بهاتفي طوال اليوم في حال اتصلوا بي. لم أكن أرغب أيضًا في السفر وتركها خوفاً من تعرّضها لردّة فعل قويّة وعدم وجودي إلى جانبها، أخذتها معي في رحلات العمل. أحضر معها زوجي أو أحد أفراد العائلة لرعايتها بينما كنت أقدّم عروضًا حول أبحاث الحساسية الغذائية.يشعر آباء الأطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية بالكثير من الخوف، وأنا شعرت به بشدةٍ أيضاً. ينبع هذا الخوف من معرفتكم الآثار الخطيرة لحساسياتهم، ويزداد في كل مرة يتعرّض طفلك لردّة فعلٍ أو الإنتقال إلى مرحلة جديدة مع تقدّمه في السنّ.

لقد عانت ريا من عدة ردود أفعال خلال السنوات الماضية لم تسفر عن طفح جلدي فحسب، بل نوبات من التقيؤ العنيفة التي تركتها ضعيفة وخاملة. عندما تحدث الأعراض في نظامين عضوين، تعتبر الحساسية مهددة للحياة.

تبلغ ريا اليوم 12 عامًا وتطوّت تحدياتنا، وهي الآن تتجه نحو سنوات المراهقة. نحن نعمل الآن على إيجاد التوازن بين منحها مزيدًا من الاستقلالية في الوقت الذي نساعدها فيه للحفاظ على سلامتها. وخلال هذه الأعوام كان علينا أن نتصدّى لأسئلة صعبة مثل "كيف يمكنك تثقيف الأطفال حول خطورة حساسيّتهم من دون تخويفهم من كل وجبة"؟ أنا أفهم جيّداً مدى صعوبة ذلك، فالإجابات لا تأتي بسهولة.

في عائلتنا، نلعب دورًا أساسياً في العديد من السيناريوات المختلفة التي قد نواجهها، سواء كان الأمر تخويفًا أو عندما تسأل أسئلة صعبة، أو معرفة ما إذا كان تناول وجبة عشاء أعدّها أحد أصدقائها أو أفراد الأسرة آمناً. "لقد أكلت للتوّ، شكراً"، أصبح تعليقنا في المواقف الاجتماعية.

وختمت: لقد تعلمنا أن المطاعم الإيطالية والمكسيكية هي الأكثر أمانًا لها. نحن نعلّمها قراءة الملصقات وتزويد نفسها بالوجبات الخفيفة الآمنة دائمًا. نحن نعلّم أصدقاءها حتى يعرفوا كيف تبدو ردود أفعالها وكيفية مساعدتها إذا حدث ذلك. والأهم من ذلك، أنها تعرف حين تبدأ في المعاناة من الحساسيّة، وتعرف كيف تعالج نفسها إذا لزم الأمر.

على الرغم من أن الرحلة كواحدة من أهل الاطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية كانت مرعبة ومليئة بالتحديات في بعض الأحيان، فإنني أرى أيضًا كيف أن ابنتي ستصبح مراهقة قوية وشجاعة وتتعلم الدفاع عن نفسها بطرق أعرف أنها ستخدمها طوال حياتها.

أعلم أيضًا أنه جعلني طبيبةً أفضل. إن عيش هذه التجربة المباشرة عزّز بحثي وأعمالي وزاد تعاطفي وفهمي لمرضاي وتحدّيات حياتهم اليومية.

ولكن بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على هذا، ما زالت الأم في داخلي تشعر مثل أي أهلٍ يعاني أطفالهم من الحساسية الغذائية، فتدريبي الطبي لم يغيّر ذلك. ما زلت أكتشف أشياء جديدة في كل زاوية، وأعتمد على أصدقائي وزملائي ومجموعة الدعم في اللحظات الصعبة، وما زلت أشعر بالقلق عندما تنبثق بقع الاحمرار على خدّ ابنتي، وهي تأكل اللقمة الأولى من شيء جديد.

الفرق الوحيد هو أنني أستفيد من هذه المخاوف والتحديات في مختبراتي وأحاول إيجاد إجابات لإبنتي وجميع الأطفال الشجعان الآخرين مثلها. لقد كانوا مصدر إلهامي لاختيار المشاريع البحثية التي آمل حقًا في تحسين الحياة اليومية لمن يعاني من الحساسية الغذائية. لقد ارتبط شغفي بهدفي ومهنتي بشكل لا يصدق وبسبب ذلك أشعر أنني أكثر الناس حظًا في العالم".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم