السبت - 04 أيار 2024

إعلان

"الأخوة الإنسانية" - أبوظبي أقوى رسالة عالمية ضد الكراهية والإرهاب والتطرف

السيد محمد علي الحسيني
"الأخوة الإنسانية" - أبوظبي أقوى رسالة عالمية ضد الكراهية والإرهاب والتطرف
"الأخوة الإنسانية" - أبوظبي أقوى رسالة عالمية ضد الكراهية والإرهاب والتطرف
A+ A-

مع أهمية الکلمة المخلصة الصادقة ودورها الکبير والمٶثر والفعال في عملية التوعية الإنسانية والدفاع والمحافظة عنها من زنخ وأدران الانحراف والتشويه والضلال والتيه أو الانخداع الفکري، لا سيما في مجال التصدي للإرهاب والتطرف الديني الذي يهدد کوکبنا الأرضي خلال هذه الفترة، فإن الکلمة وتجسيدها كفعل وكعمل على أرض الواقع، قد لا تٶتي أکلها بالسياق والصورة المطلوبة، وقد کنا وما زلنا نٶمن بهذا الأسلوب من العمل التعبوي في مجال مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب وندعو إليه، وإن ما يجري على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ تبنيها الفکر الديني التسامحي الوسطي المعتدل، أکد ويٶکد على أن هذه الدولة الفتية المعطاءة في مختلف المجالات، لم ولن تدعو لأفکار ومبادئ وقيم وسطية معتدلة دون أن تسعى لتجسيدها عملياً على أرض الواقع، ولا غرو أننا عندما تلقينا الدعوة الکريمة من جانب أمين عام مجلس حکماء المسلمين الدكتور سلطان الرميثي من أجل المشارکة في المٶتمر العالمي للأخوة الإنسانية والذي تستضيفه دولة الامارات العربية المتحدة في 3 و 4 شباط/فبراير 2019، فإننا شعرنا بالأهمية القصوى لانعقاد هذا المؤتمر من حيث الزمان والمكان، فهو ينعقد في عاصمة التسامح ومركز لقاء الأديان والذي يأتي في وقت ينادي فيه العالم إلى ضرورة التحرك لوضع حد لكل مظاهر الإرهاب ونبذ خطاب الكراهية وإرساء قواعد السلام بتعزيز خطاب التسامح وتفعيل لغة الحوار لتنعم الإنسانية بالأمن والأمان.

عام 2019، الذي أعلنته الإمارات عاماً للتسامح، ستکون باکورته هذا المٶتمر العالمي للأخوة الإنسانية وکما هو واضح من عنوانه اللافت، جهد عملي ضد دعوات ونبرات الانغلاق على النفس ورفض الآخر وجعل العنف والقسوة والکراهية والأحقاد بديلاً من التفاهم والتواصل والتحاور والتقارب والتعايش السلمي، وهذا ما يدل على الحرص الذي أولته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها لقضايا الحوار والتسامح والإخاء والسلام، وکيف أنه يرتقي عاما بعد عام ليعزز ويرسخ ويعمق أهدافه النبيلة وينشرها ويعممها على أوسع نطاق ممکن. الرسالة التي کانت دولة الإمارات تسعى إليها دائماً من وراء دعوتها لقضايا الحوار والتسامح والإخاء والسلام، انطلقت فکرتها الأساسية من حقيقة أن الأديان ما جاءت إلا لتحقق الخير للبشرية جمعاء، والخير لا يمکن أن يتجلى ويتجسد إلا من خلال استتباب السلام والأمن والاستقرار وإن الدعامات الرئيسية من أجل ضمان كل ذلك واستمراره، يکمن في العمل الجماعي على مستوى العالم کله من أجل الدعوة إلى ثقافة التسامح الذي يتجسد هو الآخر من خلال الحوار والتعايش السلمي والقبول بالآخر، ففي ظل ثقافة كهذه تسود الأجواء المفعمة بالأحاسيس والمشاعر الإنسانية الصادقة وتتسامى الأنفس عن الأحقاد والکراهية والبغضاء وترنو نحو شواطئ الألفة والمودة والوئام.

حضور شيخ الأزهر والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مع قداسة البابا فرنسيس شخصيا بالإضافة إلى قادة الأديان ورموزها البارزين إلى جانب نخب من أهم وألمع الشخصيات الفکرية والثقافية والإعلامية بهدف الوصول إلى صيغة مشترکة للتعاون مع محبي السلام حول العالم من أجل تحقيق الأخوة الإنسانية، دليل إثبات قاطع على مدى جدية دولة الإمارات في مسعاها من أجل نشر ثقافة التسامح عالمياً وإصرارها على جعلها أمرا واقعا، وليس مجرد کلمات وشعارات تتوق لها الأنفس البشرية ولکن دونما سبيل لتحقيقها، فإمارات الخير والتسامح تعمل کل ما بوسعها من أجل جعل الحلم والطموح واقعا يمکن لمسه وإن حضور قامتين تمثلان العالمين المسيحي والإسلامي أبلغ إثبات عملي لذلك.

إن المٶتمر العالمي هذا والذي يتناول ثلاثة محاور رئيسية؛ أولها: منطلقات الأخوة الإنسانية الذي يناقش(ترسيخ مفهوم المواطنة، ومواجهة التطرف، وإرساء ثقافة الحوار، والدفاع عن حقوق المظلومين والمضطهدين)، بينما يناقش المحور الثاني، أهم التحديات التي تواجه الأخوة الإنسانية بين جميع البشر؛ مثل: تغييب الضمير الإنساني، وإقصاء الأخلاق الدينية، واستدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية، والتعصب الديني والعرقي، وما يٶدي إليه من صراعات وحروب ونزاعات، وفي المحور الثالث الذي يأتي بعنوان"المسٶولية المشترکة لتحقيق الأخوة الإنسانية" يناقش المشارکون في المٶتمر سبل التعاون المشترك لتحقيق سلام عالمي، ومسٶولية المنظمات الدولية والإنسانية، ودور المٶسسات التعليمية والثقافية والإعلامية في بناء ونشر مبادئ الأخوة الانسانية، ودور الشباب من مختلف الأديان والثقافات والحضارات في تحقيق هذه الأهداف. ومن الواضح جدا أن هذه المحاور الثلاثة قد وضعت خارطة طريق واضحة من أجل التأسيس لتفعيل الأخوة الإنسانية عالميا وجعلها تفرض نفسها على کل حالات الانغلاق والکراهية والأحقاد وتغلق الأبواب بقوة أمام کل النزاعات والميول التي تدعو للتطرف والإرهاب، وإننا واثقون بعون الله تعالى ومشيئته بأن إرادة الخير والحق هذه ستنتصر وستفتح أبواب عهد جديد تذوق فيه الشعوب کافة طعم السلام والوئام والمحبة الحقيقية.

 *العلامة د.السيد محمد علي الحسيني

الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم