الثلاثاء - 07 أيار 2024

إعلان

رحل العام وبقيت القضايا: أي أفق للوضع الكردي؟

المصدر: "النهار"
Bookmark
رحل العام وبقيت القضايا: أي أفق للوضع الكردي؟
رحل العام وبقيت القضايا: أي أفق للوضع الكردي؟
A+ A-
انصرم عام آخر وبقي الوضع الكردي على حاله. بل ربما ازداد قلقاً وغموضاً وارتباكاً. وتشير الوقائع التي شهدتها القضية الكردية (ولا تزال تشهدها) الى ان امكانات انفتاح الباب امام حل معقول (او جملة حلول) لا تزال بعيدة. والآمال التي ظهرت بين حين وآخر وفي غير جزء من كردستان في استتباب الأمن والاستقرار سرعان ما انطفأت من جديد. لعل عقدة المسألة الكردية الصعبة تكمن في انها مسألة متعددة البعد عميقة الجذور تتعلق باكثر من جهة وتقع في بؤرة جذب اقليمية تشد اليها اطرافا تتضارب مصالحهم او تتقاطع ضد مطامح ونوايا السكان الاكراد. فالاكراد، المحرومون دوماً من كيان سياسي مستقل، هم فضلا عن ذلك موزعون على اكثر من دولة في الشرق الاوسط. واي تحرك في سياق الموضوع الكردي على مساحة جزء معين يثير حفيظة الدول المهيمنة في الاجزاء الاخرى. وهذا التشابك المحيّر يؤجل، الى امد غير محدد، اي انفتاح جدّي وحقيقي على حل جذري، او معقول، لهذه المسألة. وبعكس ما كان يتوقعه الاكراد، وكذلك المتتبعون للقضية الكردية فان آفاق السلام والتسوية التي شهدتها غير ساحة متوترة في العالم (جنوب افريقيا، ايرلندا، اتفاقات اسرائيل مع اكثر من طرف عربي...الخ) لم تترجم نفسها على الصعيد الكردي. بعكس ذلك تضاءلت الفرص لاي انفراج مأمول وازداد الاطراف المتصارعون تشبثا بمواقفهم المتصلبة المزمنة ومواقعهم الصلبة وكثرت العراقيل في وجه الدعوة الى الاستقرار والحوار بعيداً عن العنف والقتال والتناحر. وفي حين تتشبث الجهات المهيمنة على كردستان (باجزائها المبعثرة) برؤيتها القديمة في الشأن الكردي والقائمة على انكار الوجود الكردي وحرمانه من حقوقه الاساسية، من قومية وثقافية وسياسية، فان القيادات التي تنطق باسم الاكراد وتطرح مطالبهم لم تخرج بدورها من شرنقة الاساليب التي دأبت على اتباعها من اجل الحصول على تلك المطالب، كما انها استمرت، ولا زالت مستمرة، في التناحر بينها والوقوع في لعبة التجاذبات الاقليمية والتحول ادوات صراعية تفرّط بالاكراد وتحولهم ضحية تنافس احمق على مكاسب آنية ومصالح فئوية ضيقة. في كردستان تركيا يتعمق الشرخ بين الحكومة التركية وعموم الاكراد وذلك كنتيجة طبيعية لسوء تفاهم بدأ منذ قيام الدولة التركية نفسها عام 1923. فهناك تمييز قومي صار جليا ضد الاكراد الذين كانوا حتى وقت قريب يوصفون ب"اتراك الجبال" ويستمر رفض اي تنازل لمصلحة القومية الكردية تحت ذريعة ان امرا كهذا سيؤدي الى تقسيم تركيا. والنشاط المسلح الذي بدأه حزب العمال الكردستاني عام 1984 تحت شعار اقامة دولة كردية مستقلة تحوّل الآن مقدمات فعلية لحرب شاملة تلف تركيا كلها. وارتفعت حصيلة هذه الحرب حتى الآن الى نحو خمسة عشر الف قتيل فضلا عن آلاف الجرحى والمعوقين. وشددت تركيا في العام الماضي حملتها العسكرية المكثفة ضد مقاتلي الحزب الكردستاني وانصاره وتم حشد اكثر من 300 الف عسكري مدعومين بكل صنوف العتاد الحربي من قاذفات جوية ومروحيات ومدرعات، تدعمها ميليشيات قبلية تسمى "حراس القرى" تجندها الحكومة وتدفع لها اجورا مغرية. وابتداء من شهر آب الماضي تكثفت المواجهات الدامية بشكل لم يسبق له مثيل. واشار مراقبون الى ان الحشود التركية تعتبر الاولى بهذا الحجم في تاريخها العسكري. وانتقل الصراع من الاطراف (على الحدود الايرانية والعراقية والسورية) الى العمق...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم