الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

محمّد قبلاوي: حكاية من حكايات الصعود العربي في الغرب (فيديو)

المصدر: "النهار"
محمّد قبلاوي: حكاية من حكايات الصعود العربي في الغرب (فيديو)
محمّد قبلاوي: حكاية من حكايات الصعود العربي في الغرب (فيديو)
A+ A-

ردهة فندق "سكانديك تريانغل" هو مسرح اللقاءات الأبرز لضيوف مهرجان مالمو الثامن (أسوج) المتخصص بالسينما العربية الذي انعقد هذا العام من ٥ إلى ٩ تشرين الأول. عدد الموجودين في هذه الردهة يختلف بحسب ساعات النهار. أحياناً، تكون مزدحمة وفي مرّات أخرى ينصرف الجميع إلى مواعيدهم أو مشاويرهم إلى كوبنهاغن أو الالتحاق بالعروض السينمائية التي تقام على مقربة من الفندق وهي تتألف من تشكيلة من الأفلام العربية التي لفّت طوال الأشهر الماضية على المهرجانات الدولية.

في الردهة الأنيقة، يلتقي على مدى خمسة أيام بعضهم بعضاً، حول كأس أو صفقات أو حديث في فيلم أو نميمة، ويحدث ان يلتقي مخرج ناقداً بعدما كان يتفادى أحدهما الآخر لسنوات. صداقات جديدة تنشأ. بعض الأشخاص يحتاجون إلى رفقة، فيما آخرون يتلذذون لوجودهم في صيغة الـ"أنكونيتّو" في مدينة غريبة.

الردهة هذه صغيرة إلى درجة يصعب عدم اللقاء بضيوف المهرجان من سينمائيين ومنتجين وممثلين وصحافيين. فإن لم تتفاجأ بأحدهم في المصعد، لا بد ان يحصل ذلك وأنت داخل إلى قاعة الفطور صباحاً أو الغداء ظهراً. هكذا هي المهرجانات ذات الدفء الإنساني، ومن حسناتها انها توفّر حميمية تخلو منها التظاهرات السينمائية الكبيرة التي تفرض لقاءات ضمن إطار رسمي.

في مالمو، محمّد قبلاوي (من أصل فلسطيني) حاضر في كلّ شيء تقريباً. يشرف على التفاصيل على رغم وجود فريق عمل خلفه. يمكنك ان تجلس اليه ليصارحك بكلّ ما يجول في رأسه. نادراً ما تسمع من شخص ذي مسؤولية هذا القدر من الصراحة التي تطال حتى بعضالعاملين لديه.

المهرجان كان فكرته. ولد في ٢٠١٠، لكن بداية الرغبة في تنظيمه تعود إلى العام ١٩٩٧. يوم كان يعمل في مؤسسة السينما التابعة لمحافظة سكانيا (حيث مالمو). أحد المسؤولين كان اقترح عليه فكرة ويك أند مخصص للسينما العربية. إلا ان توليه لاحقاً وظيفة في دوسلدورف (ألمانيا) كمدير الإنتاج في محطة "آي آر تي" فرع أوروبا، حال دون ذلك. تأجل الحلم لكنه لم يمت.

تجدد الحلم القديم في داخله يوم كان في مهرجان روتردام للفيلم العربي عام ٢٠١٠. فبدأ يضع خطة وهو في الفندق. منذ البداية، أراد تمويلاً أسوجياً. قطع وعداً على نفسه ألاّ يطلب تمويلاً من العالم العربي، تفادياً للتدخّلات وكي يحافظ على الاستقلالية التامة. أراده مهرجاناً أسوجياً يهتم بالسينما العربية.

يتذكّر انه كان يوم جمعة حين أرسل بين الساعة الحادية عشرة والحادية عشرة والربع رسائل إلكترونية. عند الساعة الرابعة بعد الظهر، كان الجميع ردّ عليه معبّرين عن إهتمامهم بالمشروع وطالبين اللقاء به. كانت الموازنة المطلوبة عالية، فاقترحوا عليه تقليصها. لم يكن في استطاعتهم المراهنة على مبالغ كبيرة…

انطلق المهرجان في ٢٠١١ بمبلغ ٦٠٠ ألف كورونة أسوجية (نحو ٦٠ ألف أورو)، والآن تجاوز الملايين الثلاثة (٣٠٠ ألف أورو). الجهات المانحة وضعته أمام إمتحانَي النجاح أو الاخفاق. مبلغ ٦٠٠ ألف كان قليلاً جداً، لكنه شكّل تحدياً لقبلاوي: فإما ان يطلق المهرجان بهذا المبلغ أو يعتكف، لا خيار آخر.

في الدورة الأولى التي انعقدت من ٢٣ إلى ٢٧ أيلول ٢٠١١، جيء بـ٣٦ فيلماً وتمت إستضافة ٢٣ ضيفاً. بعضهم سافر على نفقته الخاصة. بلغ مجموع المشاهدين ١٨٣٩. "هذا رقم لا أنساه"، يقول قبلاوي لـ"النهار": "لا شيء ممّا تجده الآن كان موجوداً آنذاك. لا الصالات، ولا هذا الكمّ من الأفلام. طلبنا من عمدة المدينة الحضور، فأجاب بأنه منشغل. كان هدف الأسوجيين الداعمين للمهرجان في البداية جذب الأقليات، أما أنا فسعيتُ ان أقدّم سينما عربية للناطقين بغير العربية. العربي لديه ١٥٠٠ وسيلة لمشاهدة هذه الأفلام، الأسوجي لا".

لا ينسى قبلاوي كيف كان الناس، وأغلبهم نساء، يبكون. "جاؤوا ليعبّروا لي عن فرحتهم، معترفين بأنهم لم يذهبوا إلى السينما منذ سنوات. احدى النساء قالت انها لم تطأ صالة سينما منذ ٢٧ سنة. أشغلتهم هموم الحياة، فاعتبروا ان السينما ليست لناس مثلهم".

في مدينة تضم ١٦٩ جنسية، يتعايش المتحدرون منها بحد أدنى من التزام القيم والقوانين، استطاع قبلاوي تحويل المهرجان إلى "ضرورة"وفرضه كحالة ثقافية.

في ظلّ المخاوف من وصول أقصى اليمين إلى الحكم في أسوج الذي قد يضع مصير المهرجان على المحك، كان لا بد من لقاء قبلاوي في مقابلة مصوّرة أثناء مشاركته في احدى لجان تحكيم الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي، للتحدث عن تظاهرة تحكي حكاية من حكايات الصعود العربي في الغرب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم