الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

إردوغان في ألمانيا... "لم يعامل بلطف من التقاهم أثناء صعوده"

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

مرّت العلاقات التركية الألمانيّة بمطبّات كثيرة، بدأت بمنع ألمانيا تجمّعات انتخابيّة ل "حزب العدالة والتنمية" ومرّت باعتقال أنقرة عدد من الناشطين الألمان من بينهم الصحافيّ الألمانيّ دنيس يوسيل ولم تنتهِ بتدخّل إردوغان في مسألة اعتزال اللاعب الدوليّ الألماني التركيّ الأصل مسعود أوزيل. ولعلّ أكثر ما وتّر العلاقة الثنائيّة استخدام الرئيس التركيّ للتوصيفات النازيّة بحقّ القادة الألمان في أكثر من مرّة. لكن بالرغم من كلّ ذلك، بدا في الآونة الأخيرة أنّ حلحلة ما لم تكن بعيدة عن أجواء البلدين. فمنذ حوالي شهرين، برز خبر من برلين مفاده أنّ المستشارة الألمانيّة رفعj بعض العقوبات الاقتصادية "الرمزية" عن أنقرة. كذلك، تمّ تخفيض التوصيات للمسافرين الألمان إلى تركيا.

مصالح مشتركة

إنّ انضمام ألمانيا وفرنسا إلى اجتماع اسطنبول في 14 أيلول أتى في أحد أوجهه للدفاع عن مصالحهما المباشرة التي التقت مع المصلحة التركيّة حول عدم تحمّل موجة جديدة من اللاجئين. فلو تمّ ذلك، لوقعت أوروبا وتركيا أمام معضلة تتمثل في إعادة تعديل بنود الاتفاق بين الطرفين حول منع اللاجئين من التوجه إلى الدول الأوروبية. وعرف ذلك الاتفاق توتّراً بين الألمان والأتراك بدءاً بالأرقام التي تقول تركيا إنّها تصل إلى 3.5 مليون لاجئ بينما تقول الأمم المتّحدة إنّها تقارب 2.9 مليون لاجئ. وكرّرت أنقرة تهديداتها بإنهاء الاتفاق لأنّ أوروبا لم تدفع ما يتوجب عليها من الأموال ولأنها لم تعط المواطنين الأتراك حرية الدخول إلى دولها.



وعلى أي حال، سبق للرئيس التركي أن هدّد بأنّ الهجوم على إدلب سينتج مخاطر إنسانيّة وأمنيّة على تركيا وأوروبا وحتى على دول أبعد منها، في حثّ واضح للغربيّين والأوروبّيّين على التحرّك لتفادي هذه المخاطر. وكان ملاحظاً أيضاً في هذا السياق، كيف ضغط الأوروبّيّون قبل الهجوم على إدلب وخصوصاً في ما يتعلّق باحتمال استخدام السلاح الكيميائيّ. وفي وقت لم تشارك في الضربات الغربيّة في نيسان الماضي، حافظت برلين على خطاب يدين هذا الاستخدام بالحدّ الأدنى. كذلك، حذّر المسؤولون الألمان من تداعيات إنسانيّة خطيرة لأيّ هجوم على إدلب، قبل أن يهنّئوا لاحقاً تركيا لتوصّلها إلى اتّفاق سوتشي.


بين الشخصيّ والاستراتيجيّ

لم يكن موضوع إدلب الجامع المشترك الوحيد بين الطرفين. يواجه إردوغان وميركل أزمة ثقة عميقة مع الرئيس الأميركي دونالد #ترامب. للمفارقة، انتقد الأخير ميركل بشدّة قبل وخلال حضوره قمّة حلف شمال الأطلسي في 11 و 12 تمّوز الماضي في بروكسيل. لكنّه في ذلك الحين، أشاد بإردوغان على أمل أن يساهم الأخير بإطلاق سراح برانسون. لكن حين لم يتحقق ذلك، تدهورت الأوضاع بين واشنطن وأنقرة. تحوّلت المشكلة بين ترامب من جهة وميركل وإردوغان من جهة أخرى إلى مشكلة شخصيّة بنسب متفاوتة. حتى أنّ لحظة رفض ترامب مصافحة ميركل في آذار 2017 لا تزال عالقة في الأذهان، علماً أنّه صدر نفي لذلك لاحقاً. قد يكون ذلك أحد أبرز الأسباب التي دفعت الطرفين إلى التقارب وربّما إلى اتّخاذ خطوات لاحقة لتحسين العلاقات.




حتى مع استثناء البعد الشخصيّ من الروابط، يبدو أنّ ألمانيا لم تعد تقيّم حلفها مع الولايات المتحدة كما كانت تقيّمه خلال العهود السابقة. لهذا السبب، تحاول أوروبا إيجاد موقع جديد تتمتّع فيه باستقلاليّة نسبيّة عن الأميركيّين. والحال مشابهة في أنقرة، حيث بدأ إردوغان منذ فترة طويلة بالتقرّب سياسيّاً وعسكريّاً من الروس على الرغم من المشاكل التي يخلقها هذا الأمر مع واشنطن. من جهتها، ضمنت روسيا من خلال موافقتها على اتفاق سوتشي أن تحافظ على موقع تركيا القريب منها لفترة قد تطول أو تقصر. كذلك الأمر بالنسبة إلى ميركل التي توطّد علاقتها مع الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين.


تحسّن كبير؟

قد تحمل زيارة إردوغان إلى ألمانيا التي تستمرّ ثلاثة أيّام بعض التحسّن على العلاقات الثنائيّة، بعدما وصفتها صحيفة "حرييت" بالتاريخيّة بما أنها تأتي بعد سبع سنوات من التوتّر الكبير. وإضافة إلى لقاء الرئيس والمستشارة الألمانيين، سيلقي إردوغان كلمة أمام ممثلين من المنظمات غير الحكومية ومدراء تنفيذيين لشركات في مجلس الأعمال التركيّ الألمانيّ وسيفتتح مسجداً في مقاطعة كولونيا. بالرغم من لك، لا تزال الطريق طويلة أمام الطرفين خصوصاً أنّ إردوغان طالب ألمانيا بإدراج منظمة فتح الله غولن على لائحة الإرهاب قبل توجّهه إلى برلين.

بالمقابل، يرى البعض أنّ الألمان لن يقبلوا بإعادة المياه إلى مجاريها السابقة إذ إنّهم لن ينسوا الإهانات التي وجّهها إليهم، لكنّهم في الوقت نفسهم سيكونون حذرين من قطع العلاقات نهائيّاً معه نظراً للمصالح التركيّة في ألمانيا. ومع ذلك، هم لن يقدّموا حزماً اقتصاديّة إنقاذيّة للأتراك الغارقين في الأزمة الماليّة. ويكتب فادي هاكورا في شبكة "سي أن أن" أنّ إردوغان سيدرك متأخّراً أهمية كلام الروائيّ الأميركيّ ويلسون مينزر: "كن لطيفاً مع الناس خلال طريق صعودك لأنّك ستلتقي بهم خلال على طريق نزولك".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم